القاهرة - مكتب الجزيرة - عبدالله الحصري
عقدت رابطة التربية الحديثة في مقرها بالقاهرة ندوة حول الوطن العربي وثقافة الانترنت دعت فيها الدول العربية الى ضرورة الاستفادة من الانترنت في شتى المجالات وعدم ترك مجال للثقافة الاجنبية للتغلغل في الثقافة العربية.
وقال د, نبيل علي مدير البرامج الدينية في شركة صخر للكمبيوتر الاستاذ الزائر بعدة جامعات عربية وأجنبية انه لابد من دراسة عناصر منظومتي الثقافة والانترنت ومعرفة توجهات وغايات كل منهما حتى يمكن معرفة ما يمكن للعرب فعله تجاه شبكة الانترنت التي سيصل عدد مستخدميها عام 2000 الى حوالي مليار مستخدم أي بواقع فرد من بين كل ستة أفراد.
وأوضح ان للانترنت توزيعاً ديموغرافياً يختلف من مكان الى آخر حيث تبدأ ديمقراطيا وتنتهي احتكاريا، وان اللغة باتت قاصرة عن وصف هذه الشبكة العملاقة فأحيانا يطلق عليها الروبوت المعرفي أو البرمجي أو ديناصور المعلومات أو نسيج العناكب أو مملكة النمل والثعابين أو الطرق السريعة للمعلومات.
واضاف ان هذه المسميات لم تأت من فراغ بل تطبيق على الواقع اذ ان موارد المعلومات يمكن نهبها من على الشبكة وقد يأتي روبوت معلوماتي اجنبي يسرق المعلومات الأساسية الخاصة بالمستخدم العربي ويهرب وهو ما أدى الى نوع من الانتهازية مشيرا الى ان اليهود هم اكثر المستفيدين من هذه الشبكة خصوصاً في مجال سرقة المعلومات.
وقال الدكتور نبيل علي ان الجيل الثاني من الانترنت سيزيد من سرعتها بمعدل ألف مرة عن الجيل الحالي، مشيرا الى ان الولايات المتحدة الأمريكية تستخدمها لفرض هيمنتها الثقافية على العالم اذ لم يعد الشعب الأمريكي يخشى زوال دولته في بداية القرن القادم كما كان متوقعا وذلك بعد ان مكنت الانترنت أمريكا من الهيمنة على العالم سواء عبر الثقافة أو عبر التجارة الالكترونية.
واضاف ان اسرائيل التي تتوسط الوطن العربي تعد من الدول الدافئة طبقا للتقسيم العالمي لمن يستخدمون الانترنت بينما تعد مصر ودول المغرب العربي والسعودية من الدول الباردة وبقية دول الشرق الأوسط من الدول المظلمة.
واشار الى ان الدول العربية لم تتمكن حتى الآن من الاستفادة من الانترنت فيما يتعلق بالدول التي ادخلت خدمة الشبكة, أما أغلب الدول العربية فلم تدخل على الشبكة, مؤكدا ان رجلا انجليزيا سعى الى عمل مناسك الحج على الكمبيوتر لتعميمها على العالم الاسلامي بحيث يمكن للمسلم الذي ينوي فريضة الحج ان يحفظ مناسكه عبر البرنامج الذي وضعه ذلك الانجليزي إلا انه جعل الطواف حول الكعبة معاكسا للمناسك الأصلية وهو الأمر الذي قد يخفى على الكثيرين إلا ان الله سبحانه وتعالى أفشل هذا المخطط.
وتحولت الانترنت والكلام للدكتور نبيل علي- من منتدى علمي الى سوق تجاري ومن بحوث دراسات الى مؤسسات صناعية ومن اعلام سلبي الى اعلام ايجابي ومن موارد ثقافية الى موارد ثقافية ومن خطية السرد المتعاقب الى دينامية الوسائط المتعددة والتي تسمى سبائك معلوماتية رقمية وتلك السبائك هي التي تجعل العقل البشري يفكر في مختلف الاتجاهات بدلا من السير في اتجاه واحد فقط مثل شريط التسجيل فلابد للعقل ان يقفز وان يستفيد من كافة المعلومات.
وتساءل الدكتور نبيل عن كيف للعرب ان يستفيدوا من الخبرات التي يواجهون بها المشاكل التي لم يتعرضوا لها من قبل وهو ما يتطلب تعبئة خبرات جديدة تترتب على نقل الانسان العربي الى عوالم خيالية تهيئه لمثل هذه الخبرات, وعبر الانترنت تحول الاستغلال الاقتصادي الى رقمي واصبح الاستغلال هو الاضلال المعرفي من خلال حرمان القوي للضعيف من التفاعل أو اعطائه معلومات اقل قيمة ليحرمه من الأكثر قيمة فحرمان الانسان مثلا من فرص العمل ليس إلا استغلالا رقميا، ولا نريد الوصول الى ان الانترنت ستحل كافة المشاكل بل سيظل عقل الانسان ممسكا بزمام الأمور.
وحول منظومة الثقافة وعلاقتها بالانترنت يؤكد الدكتور نبيل علي ان الثقافة اصبحت موردا اقتصاديا رهيبا والدليل على ذلك تحقيق فيلم تيتانك لنحو 1,5 مليار دولار وقيام مايكل جاكسون بتوقيع عقد مع شركة سوني بقيمة بلغت مليار دولار,, وهو الأمر الذي ينبغي على الدول العربية ان تتعامل معه بشكل مختلف عن التعامل الحالي,, فيجب ان تتفاعل ثقافتنا العربية مع الدولية مشيرا الى ان وزارة الثقافة المصرية لم تدرك حتى الآن واجبها ازاء ثقافة الانترنت حيث لا يزال المبدع المصري في قبضة البيروقراطية.
وأكد ان على العرب فهم التداخل بين منظومتي الثقافة والانترنت حتى يمكن لهم ان يتقدموا محافظين على هويتهم دون إذابتها في الثقافات الغربية.