عزيزتي الجزيرة
لايخفى على كل مسلم عاقل مايُكاد لشباب المسلمين من اعدائهم من شر وفساد يُراد به صدهم عن دينهم وتشكيكهم في مسلمات عقيدتهم, وفي عصرنا هذا تتولى القنوات الفضائية كِبر ذلك الصد والتشكيك، تلك القنوات التي دافع عنها البعض عند بداية قدومها جهلاً بمخاطرها او مكابرة وعناداً، بل ودافعوا عن موجهيها وجادلوا عنهم مع ان قنواتهم تحمل الصد عن سبيل الله بكل وضوح وبلا تحفظ ألا وهم اليهود والنصارى الذين اخبرنا عنهم خالقنا وخالقهم فقال (قل يا أهل الكتاب لِمَ تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجاً وأنتم شهداء وما الله بغافل عما تعملون) آل عمران (99) وقد حكم الله عليهم بالضلال نتيجة لصدهم عن سبيل الله فقال (إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضلالاً بعيداً) النساء (167) فياليت شعري هل سيجادلون عنهم يوم القيامة؟ قال تعالى (ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أو من يكون عليهم وكيلا) النساء(109), ومن شبهات الذين دافعوا عنها ان مجتمعنا عامة وشبابنا خاصة لديهم من الدين مايمكن ان يحميهم من إفساد تلك القنوات، وهم يخادعون انفسهم بذلك وإلا فالشباب اذا عُرِّضوا لبث تلك القنوات تأثروا بها وهذا لاينكره من يحترم عقله ويتابع احوال جيل القنوات, فهل سيسلم غريق البحر من الماء؟
ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك ان تبتل بالماء! |
هاهم جيل القنوات صرعى يترنحون بين قتيل شهوة وصريع شبهة يتساقطون واحداً بعد ألآخر بين شهوات النفس وشبهات القلب، تحاصرهم الشهوات وتجتاحهم الشبهات ومن وراء ذلك كله شياطين الانس ممن يزينون متابعة تلك القنوات وينشرون الدعاية لها بشتى الوسائل.
اعزائي قراء (عزيزتي الجزيرة) إن ما دفعني لتلك المقدمة هو ما سررنا به جميعاً من قرار وزارة الشئون البلدية والقروية الذي ينص على (منع تشغيل القنوات الفضائية للرواد بتلك المواقع والتركيز على التلفزيون السعودي) وبل وستتخذ الاجراءات اللازمة تجاه المقاهي والمنتزهات المخالفة لتلك التعليمات,,والذي اجزم به ان ذلك القرار وتلك التعليمات الجزائية للمخالفين جاءت نتيجة دراسة وتقارير عن استغلال المقاهي والمنتزهات التي قامت بتشغيل القنوات لتكون طعماً تصطاد به شباب الامة وعماد نهضتها مما نتج عنه ما لايخفى على عاقل يعايش المجتمع بجميع فئاته، ولذلك المنع مبرراته كما ارى ومنها: اولاً: ان المجاهرة بتشغيل تلك القنوات في المقاهي والمنتزهات إشهار للمنكر الذي تحمله تلك القنوات من اباحية وعنف وإجرام وتنصير وضلال,, وهذا لايمكن ان يُقَرّ عليه اهل تلك المقاهي.
ثانياً: ان ذلك سيجعل الشباب صغاراً وكباراً (يرابطون) في تلك المقاهي دون رقيب بشري اوحسيب آدمي.
ثالثاً: ان رواد تلك المقاهي سيحدثون من ألوان التمرد على المجتمع - تأثراً بما شاهدوا- ما لا يخطر على بال,, تجار المعسل والجلسات الشبابية.
رابعاً: ان من يمنعه حياؤه من دخول على جار او ذهاب لصديق لديه طبق الاستقبال سيجد في تلك المقاهي بغيته فهي ملتقى شذّاذ الآفاق!؟ وذوي الدخل المعدود والتعارف المحدود! خامساً: ترويج الشيشة في اوساط زبائن جدد, ولكن,, وللاسف الشديد: عندما يذهب احدنا لتلك المقاهي والمنتزهات (مصائد الشباب) ليسعد بتطبيق ذلك القرار يفاجأ بتلك المقطورات المتتابعة تتدفق على تلك المقاهي والاستراحات! فأين تطبيق القرار؟ ويزيد العجب اذا علمنا انه ظهر بعد ذلك القرار الموفق كتاب يستهجنون ذلك القرار بل ويتهكمون بالقناتين السعوديتين بل ويتندرون بمن يسعى لحماية شباب البلد من الانسياق وراء تلك القنوات واعلان مخازيها على الملأ بدل الاستتار خلف جدران البيوت والاستراحات وهذا فيه من الجرأة الشيء الكثير بل وفيه الدعوة الصريحة للمجاهرة بمتابعة زبالات افكار الغرب وصديد اخلاقهم وانحرافاتهم البهيمية في تلك المقاهي, وثمة امر آخر ان هؤلاء الكتاب المعارضين بكل جرأة لايقبلون ادنى حد لحماية عقائد وأخلاق شبابنا! فاللهم اهدهم للحق, وأما مازعمه الكتاب من ان في تلك القنوات قنوات جيدة تنتمي لمجتمعات اسلامية لها نفس عاداتنا وتقاليدنا! فإنني اقول: بل لدول تلك القنوات نفس ديننا ومع ذلك ترى مسلسلاتهم وأفلامهم تقطر فساداً واختلاطاً وتبذلاً وتبرجاً! هل من عاداتنا وتقاليدنا لبس المرأة ثوباً الى نصف الساق وعلاقة الفتاة بشاب اجنبي والخروج معه ومبادلته عبارات الحب والغرام وجلوس النساء مع الرجال في مجلس واحد؟ وهل من عاداتنا وتقاليدنا خروج المرأة كاشفة عن وجهها حاسرة عن شعرها تقود سيارتها بنفسها وتخلو بالرجال في المكاتب والدوائر؟ هل من عاداتنا وتقالدينا ان تكون المرأة سكرتيرة لمدير مكتب اورجل اعمال اومضيفة في طائرة؟ وهل وهل,,؟ بل إن اثر بعض القنوات العربية الافسادي اعظم من اثر بعض القنوات الغربية! وأما مازعمه بعض الكتاب من ان الوزارة (وزارة الشئون البلدية والقروية) ليست وصية على الناس وخاصة رواد المقاهي!! وهذا والله غاية الجهل ولايمكن ان يُقبل من كاتب مسلم وفي مثل هذه البلاد,, اين قول الله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)؟ أين قول النبي صلى الله عليه وسلم (كل امتي معافى الا المجاهرون) الحديث؟ بل أين هذا المعترض المحتج من قول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم,,)الآية, والوزارة هنا نائب لولي الامر في منع المنكر او التقليل منه وقد امرت بمعروف ودعت الى التقليل من آثار تلك القنوات التي لاتمت لديننا ولا لعاداتنا وتقالدينا بصلة.
عبدالرحمن الوهيبي
الخرج