Thursday 29th April, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الخميس 13 محرم


العرب المتفرنجون
أزهد بالعربية أم انبهار بالأعجمية؟

عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون وصلى الله على امام الفصحاء وقدوة البلغاء وبعد:
يقول العلامة ابن خلدون رحمه الله في مقدمته الشهيرة: ان المغلوب مفتون بتقليد الغالب (1) ا,ه وهذا مايلاحظ على كثير من شبابنا اليوم هداهم الله فترى ذلك مثلاً في تقليدهم الغرب في اللغة مثلاً فانك ترى فئاماً من الشباب قد عشش مركب النقص في ادمغتهم وعقولهم فزهدوا في لغتهم وامتطوا لغة الغرب, فأصبحوا عرباً متفرنجين كالذي ينعق بما لايسمع, وتشدقوا بما لم يحسنوا والعجيب في الامر انهم عندما يتحدثون بها مع ركاكتها بألسنتهم وعدم اجادتهم لها انهم يشعرون بالفخر والعزة بذلك وربما احتجوا بالحديث الموضوع (من عرف لغة قوم أمن مكرهم).
ألم يكن لنا في لغتنا ايها الاحباب غنية عن غيرنا, قال تعالى في وصف القرآن ولسان الرسول صلى الله عليه وسلم: (قرآناً عربياً غير ذي عوج) (2) , يفيد بمفهوم المخالفة ان ماساواه من الالسن فيه عوج، نعم انها لغة القرآن ونحن لانعيب على من احتاج اليها او تطلبتها ظروف عمله, ولكن بحدود الاحتياج.
يقول العلماء :(ان من مظاهر موالاة الكفار التأريخ بتاريخهم فضلاً عن التكلّم بلغتهم) ا,ه ولقد كان الفاروق رضي الله عنه: يضرب على الرطانة.
ومن صور اللاهثين خلف الغرب اولئك الذين يضعون لمحلاتهم اسماء غريبة وربما سموا ابناءهم بأسمائهم, وما ذلك الا انهم اشربوا حب الغرب في قلوبهم, فلماذا نتطفل على موائدهم المنتنة، ونشرب من حضارتهم الآسنة فيا ترى هل هذا عجز بالعربية او انبهار بالغربية, يقول حافظ ابراهيم رحمه الله على لسان اللغة العربية:
وسعتُ كتاب الله لفظاً وغاية
وما ضِقت عن آي به وعظات
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة
وتنسيق اسماء لمخترعات
أنا البحر في احشائه الدر كامن
فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي (3)
ثم لماذا نستعجم نحن لهم ولايستعربون هم لنا، انه الشعور بالذلة والمهانة وعدم وجود شخصية مستقلة تقلَّد ولاتقلِّد، انه منطق الببغاء الذي ينعق بما لايعرف, نعم كما قال صلى الله عليه وسلم:لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، وحتى لو ان أحدهم جامع امرأته بالطريق لفعلتموه (4)
ومن تشبّه بقوم فهو مثلهم, وكل ذلك يهون عند نظرتهم لمن لايتكلم بها بالنقيصة والدون ولاحول ولاقوة الا بالله فلقد اصبح الاعتزاز باللغة والدين في منظورهم القاصر عيبا كما قال تعالى: (أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهّرون (5) ), فأصبح ذنبهم هو التطهر.
ايها الاحباب قال تعالى:(من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً), وقال تعالى :(ومن يهن الله فما له من مكرم) (6)
ولاشك في ان التشبه في الظاهر دليل على الحب الباطن.
ونختم حديثنا هذا بقول الفاروق رضي الله عنه: (لقد كنا أذلاء فأعزنا الله بالاسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله) (7)
هذا والله نسأل ان يصلح فساد قلوبنا وان يسدد أئمتنا الى عز الاسلام والمسلمين.
وصلى الله وسلّم على نبينا محمد
(1)مقدمة ابن خلدون.
(2)آية (28)سورة الزمر.
(3)ديوان حافظ ابراهيم.
(4)صحيح الجامع للالباني.
(5)آية(82)الاعراف.
(6)آية(18)الحج.
(7)البداية والنهاية لابن كثير.
علي بن محمد بن حسن الحماد
الرياض

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved