Thursday 29th April, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الخميس 13 محرم


حروف شفقية
عطاء المواطنة السعودية في حديث ولي العهد

قال صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله ولي العهد في كلمة ألقاها أثناء زيارته التاريخية المشرفة للمنطقة الشرقية مؤخراً: المسؤولية والواجب والحقوق تفرض علينا فسح المجال لكل عطاء وطني ومن ذلك عطاء المرأة السعودية بقيمها وأصالتها, لن نسمح لكائن من كان أن يقلل من شأنها او يهمش دورها الفاعل في خدمة دينها وبلادها، فالنساء شقائق الرجال, لن نترك بابا من أبواب العطاء إلا واشرعناه لها في كل أمر لا مخالفة فيه لديننا أو أخلاقنا .
أن تأتي هذه الإشارة الطيبة الى دور المواطنة السعودية تزامنا مع دخول الوطن الغالي مئويته الثانية، ففي ذلك أكثر من مدلول وأكثر من بشرى لتوسيع نطاق عمل المرأة وتفعيل مشاركتها في بناء الوطن بكل ما تملكه من مؤهلات علمية وطاقات فكرية ومواهب وخبرات تؤهلها لأن تكون جديرة بدور محوري في رقي الوطن والنهوض به، ليواجه متطلبات العصر، ولا سيما ونحن على عتبات قرن جديد يعتمد العلم والموارد الانتاجية البشرية وسيلة لسعادة الإنسان والمجتمع، وكما وصف مصدر سعودي حديث ولي العهد وفقا لجريدة الشرق الأوسط عدد الاربعاء 7449 وتاريخ 21/4/99 فهو حقا الطلقة الأولى للحوار حول المرأة السعودية وتحريك دورها .
وهذا ليس بغريب على قيادتنا الرشيدة التي ادركت منذ بداية مسيرة التوحيد أهمية المرأة كثقل تنموي وتطويري فكان الاهتمام بتعليم البنات البداية التي انطلقت منها المرأة بدءا بقطاع التعليم الذي تمت سعودته بمراحله الثلاث في وقت قياسي، مرورا بمساهمتها في المؤسسات الطبية والإعلامية والصحافية، ثم دخولها سوق العمل التجاري والمصرفي، هذا فضلا عن تفاعلها الإبداعي في مجال الآداب والفنون التشكيلية والبحوث العلمية.
جلية هي تلك الأدوار التي اضطلعت بها المرأة السعودية محققة ما حققته من إنجازات هائلة وبشكل مطرد في ظل نظام سياسي واجتماعي ينطلق من ثوابت العقيدة الإسلامية التي أنصفتها ومنحتها حقوقها وألبستها تاج العزة والكرامة.
لكن مع كل هذه الأدوار الجادة التي اثبتت ابنة الوطن من خلالها كفاءتها، إلا ان هذه المساهمة لا تتناسب مع حجم الطموحات التنموية لهذا الوطن الذي يستعد مع العالم لاستشراف الألفية الثالثة التي تؤرخ للقرن الحادي والعشرين الموسوم بالعولمة المتمثلة في السباق المعلوماتي والتوحد الاتصالي والالكتروني, ومن جهة أخرى هناك اعداد هائلة من الخريجات المؤهلات اللائي ما زلن ينتظرن الوظيفة المناسبة بعد ان أثبتن جدارتهن الاكاديمية والعلمية.
في ظل هذه المعطيات والمتغيرات أمكن البحث في قضايا عديدة كان يصعب حتى مجرد التنويه عنها في الماضي وبات الخوض فيها والتعامل معها ضرورة ملحة بل واجبا وطنيا نعبر من خلاله عن الشوط الكبير والمضمار الجليّ الذي قطعته مملكتنا من رقي حضاري في إطار النهضة الشاملة التي يشهدها الوطن صناعيا وثقافيا واجتماعيا.
لقد اعتمدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) الرياض عاصمة للثقافة العربية عام 2000م وهذا في حد ذاته حدث له مدلولاته ذات الأبعاد الحضارية التي يتشكل منها العطاء الوطني الذي لا يعرف تجزئة الفكر والثقافة أو تقييدهما بإطار ذكوري أو أنثوي, هكذا سيكون باب العطاء الوطني مشرعا لمواطني هذا البلد، بلد القريض والحكمة التي عرفت مدارج زهير وطرفة، وعطاء خولة والخنساء فالنساء شقائق الرجال وهن في تعبيرهن عن حب الوطن لن يختلفن عن اشقائهن من الجنس الآخر, كيف لا وفي تاريخنا أمثلة نيرة من أسماء أمهات المؤمنين أمثال خديجة بنت خويلد رضي الله عنها التي وقفت الى جانب زوجها عليه الصلاة والسلام وآزرته في نشر العقيدة الإسلامية، والسيدة عائشة رضي الله عنها التي أخذ المجتمع الإسلامي عنها نصف دينه كما جاء في الحديث الشريف.
وفي العصر الراهن، اثبتت الإحصاءات والتجارب العلمية أن ثمة محلات يمكن ان تتفوق فيها المرأة في الأداء كالتعامل مع الكمبيوتر ونظم المعلومات والتكنولوجيا وذلك لتميزها بقدرتها الفائقة على الصبر والدقة وقدرتها الفطرية على الحدس والتخيل مما يؤهلها لتحليل الظواهر غير المألوفة كما يشير الدكتور فاروق الباز من جامعة بوسطن بقوله: ربما يتعجب بعضنا انني قد لمست ان المرأة تفوق الرجل في الدراسة والتحليل وتفسير الصور الفضائية التي تأخذها الأقمار الاصطناعية للأرض وكواكب المجموعة الشمسية الأخرى .
نحن هنا ننأى بالحديث عن التمايز او التفاضل بين أداء المرأة والرجل، بل ما نؤكد عليه في الدرجة الأولى هو أهمية الوعي بحقوق المرأة وواجباتها كقاعدة ينطلق منها تدريبها وتأهيلها واستغلال مواهبها الفردية الى الحد الأقصى، حتى تتمكن من المشاركة الفاعلة في بناء الأسرة والمجتمع ولتكون عنصرا يأخذ حقه في الموارد الانتاجية التي ترتكز عليها نهضة الوطن واحتياجاته, وفي اعتقادي أن وعي المرأة الشخصي وإيمانها بدورها وموقعها في عملية التنمية هو المحور الأساسي الذي يرتكز عليه تفعيل هذا الحوار الذي فتح ملفه سمو ولي العهد حفظه الله ولم يغفله حتى وهو في غمرة انشغاله برعايته لمشروعات عملاقة في مجالات النهضة الصناعية والاقتصادية اثناء زيارته الكريمة للمنطقة الشرقية مؤخرا.
لقد عرفت المرأة في أرجاء المملكة متنائية الأطراف بمساهمتها واسعة النطاق في الحياة الاجتماعية والاقتصادية في مرحلة ما قبل النفط وانخرطت في أعمال الزراعة والبستنة والنسيج ورعاية الأغنام وحتى تسويق بعض المنتجات.
فحريٌّ بها الآن وهي تستقبل القرن الجديد وبعد ان اثبتت كفاءتها مثابرة وإصرارا وجعلت كل فرد من أفراد الأسرة ابا وزوجا وأخا يؤمن بمقدراتها ودورها الحتمي في المشاركة، حريٌّ بها أن تواجه تحديات أكبر وأشمل تواكب احتياجات سوق العمل والتنمية الوطنية المطلوبة.
لقد أعطيت المواطنة السعودية الثقة (فكانت على قد الحمل) أعطيت ثقة المسؤولين وأولي الأمر فجعلت منها وساماً تتوج به صدر مجتمعها، ومن مداد هذه الثقة خطت صفحات مضيئة في تاريخ الوطن وسجله النهضوي المشرف,
ولكن هذا لا يعني بالضرورة أنها ألقت عصا الترحال لتخلد للراحة والسكينة, فهي تواجه الآن دورة تفضي الى عطاء أكبر وما وسيلتها في ذلك إلا التسلح بالإيمان والعلم بمزيد من الإصرار وفي الجهة المقابلة او الموازية تأتي أهمية المسؤولية المتمثلة في الدعم المؤسساتي والمساندة الاجتماعية لرعاية جهود المرأة وفتح مجالات العمل امامها لتفجير طاقاتها العملية والإبداعية وتحويلها من مجرد مستهلك الى عنصر إنتاجي بنّاء مما يؤهلها لأن تكون بحق الشريك المؤازر لنصفه الآخر في ظل وطن يتسامق بخطى واثقة نحو الرقي والازدهار.
بديعة داود كشغري

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved