Wednesday 28th April, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الاربعاء 12 محرم


كلمة معالي الشيخ
عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري*

ما أصعب تداعي الذكريات، وأكثرها ايلاماً للنفس، حيث يدني الانسان أوراقه، ليرثي غالبا عليه، أو ليتحدث عنه وهو في عالم الله، عالم الخلود.
معي أيامي البعيدة، أيام الصبا والشباب، معي إنسان ما فارق ذاكرتي، التقيت به صبياً صغيراً كان في مثل سني، نزل ضيفاً علينا في المجمعة مع والده - رحمه الله - أحمد بن محمد السديري.
صبي سنه تقارب سني، تعارفنا، لعبنا سوياً مع أقران لنا، منذ ذلك اليوم، وخالد بن أحمد السديري، يدنو من قلبي شيئاً فشيئاً إلى أن تجاوزنا مرحلة الصبا، إلى الشباب، إلى الرجولة، إلى أن أخذ كل منا وجهته في الحياة، وهكذا,, إلى أن توفاه الله.
ولعلي لا أكون مغالياً إذا تحدثت عن ملامح شخصيته.
من خلال معرفتي به في كل مراحل حياته - رحمه الله - خالد ليس المدخل إلى شخصيته الهادئة منصباً، أو مناصب كبيرة تولاها، ولكن المعبر إلى تلك النفس وتلك الشخصية المتوازنة هو أن تجلس بجانبه ليحدثك بلغة مهذبة هادئة ينشرح بها نفسك، ويأخذك إلى أبعاد من ثقافته الواسعة ما خطرت ببالك، فتظل مصغياً إليه كتلميذ يستقبل من جامعة الحياة في خالد دروساً لا يجدها طالب في جامعته, هكذا رأيته وعرفته، ولا يعني أن بإمكاني أو حتى إمكان ابنه أو أي قريب منه أن يقول إني عرفت خالداً، فخالد بن أحمد السديري أبعاد، لا أتصور أن ظرفاً من الظروف التي عاناها وعايشها في مسؤوليته أخرجه عن هدوئه وانضباطه مع نفسه، وهذه ميزة قليلاً ما نجدها في عمرو من الناس أو زيد من ذوي المناصب الكبيرة، وان أنس لا أنسى أبداً ذلك الحافز الشخصي الذي حرك في أشجاناً وذكريات أن أزوره أيام مرضه، غفر الله له، فيَّ ضواحي نيويورك، لحظة أوجعتني كثيراً حين دخلت عليه وقبلته نظر إلي وحدق ببصره فدمعت عينه، تلك العين العزيزة على نفسي.
جلست أنظر إليه ثم أسائل نفسي: أهذا خالد؟ أهذا هو الانسان الذي كثيراً ما أخذني في حوار غارق بي في متاهات هذا الكون وعالم الصخب، وفلسفة الجدل الواعي لمتغيرات العصر وأحداثه؟ أهذا خالد الهادىء الوقور والمؤنس لجليسه؟ شعرت لحظتها بأن قدري مع هذه اللحظات قدر غير مريح، وأنه لابد أن ادخل في ذكرياتي عن هذا الرجل يوم البداية مع التعارف، ويوم النهاية مع انكسار النفس، ودنو الوداع منها؟,.
خالد الصديق، وخالد رفيق الصبا هو اليوم عند ربه، حقه علينا ان ندعو له، ونذكره بالخير كلما احتجنا للصديق أو الرفيق فلم نجده، وخالد ووالد خالد، وأسرة خالد، في ذكرياتي عنهم من الآباء والأهل، ومن أيامي التي عشتها واياه اننا أسرة واحدة، فهل يا ترى أن مثل هذه الروابط الكريمة في خطر من الاندثار عندما يغيب خالد، وأمثاله؟
اتساءل,, وما أكثر ما يثيره العصر من تساؤلات أعيتنا معارفنا عن الاجابة عنها.
فرحم الله خالداً، وأبا خالد وأخا خالد,.
*نائب رئيس الحرس الوطني المساعد

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
محاضرة
منوعــات
ملحق الغاط
عزيزتي
ساحة الرأي
المحرر الأمني
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved