صدرت الموافقة السامية على اقرار لائحة التقويم (الاختبارات) الجديدة وحسب علمي فإن قليلا من الموضوعات نال من الاهتمام واعطي من الوقت والدراسة والتجريب مثل ما نالته هذه اللائحة, فاللائحة تمثل خلاصة جهود مضنية بذلت خلال فترة تزيد على عقد من الزمان,, ومن المتوقع ان يلحق باللائحة مذكرة تفسيرية تتطرق للنقاط التي يمكن ان يتباين فهم المجتمع التربوي لها, والحقيقة ان اللائحة لم تأت فقط لتقرر من (يرفع) لمستوى اعلى ومن (يعيد) دراسة مستواه الدراسي,, اللائحة لها منطلقات فكرية تربوية اشمل من ذلك ولها فلسفتها التربوية الواضحة، ومع ذلك فسوف يبقى التطبيق الميداني هو المحك الحقيقي لصمود اللائحة في وجه تعقيدات ومتغيرات الواقع التربوي.
تنطلق اللائحة من عدة فرضيات اساسية اهمها في تقديري ان التقويم لم يعد عملية منفصلة ومستقلة تبدأ بعد انتهاء البرنامج الدراسي, النظرة الى التقويم اليوم تقوم على انه يتخلل العملية التعليمية ويساهم في اثرائها وتشكيلها واعادة صياغتها، ولأن التقويم هو جزء جوهري من العملية التعليمية فقد كان من غير الممكن ألا تهب عليه رياح التجديد التي طالت كل جوانب التعليم, اللائحة في توجهها العام تؤكد على ان التقوم لم يعد ذلك الزلزال الذي ينفجر في نهاية كل فصل دراسي لتتشكل على اثره خارطة جديدة للطلاب, اللائحة الجديدة تفترض ان المعلم والجهاز الاداري للمدرسة سوف يكون في مستوى المسؤولية التربوية التي تفرضها اللائحة الجديدة, طبقا للائحة الجديدة فإن قرار تسكين الطالب في مستواه الدراسي الملائم يتجاوز مجرد الاخذ بما تقوله الارقام فقط الى الاحاطة بالموقف التعليمي من جميع جوانبه سواء ما يتعلق منه بالطالب وامكاناته او بالمادة التعليمية وما تنطوي عليه من مهارات او بالنظرة البعيدة التي تعمل على تعظيم مردود التعليم على التنمية.
نحن هنا لسنا بصدد اطراء اللائحة الجديدة، فالحكم عليها غير وارد الآن وهي قابلة للتعديل في ضوء ما تفرزه نتائج التطبيق, لكن المؤكد انها تمثل عصارة جهود طويلة وأنها قد تأتي بممارسات غير مألوفة لمن هم في الميدان, وهذا بحد ذاته يجب ألا يكون سببا في أن نتخذ منها مسبقا موقفا غير مبرر تربويا, نعلم مقدما انها قد لا تخلو من الثغرات ولكن يبقى لرؤية وخبرة المعلمين والمشرفين التربويين ولادارة المدرسة دور مهم في توثيق ما قد يظهر من تلك الثغرات,, ان خير ما يمكن ان تبدأ به المدرسة تعاملها مع اللائحة هو الشروع في اطلاق حوارات تربوية مفتوحة بين اعضاء المدرسة حول بنود اللائحة لغرض بناء فهم مشترك متعمق عن اللائحة.
د, عبدالعزيز بن سعود العمر