تتشابه الحياة الاجتماعية في البلاد الغربية تشابهاً يجلب الملل والسأم فنمط الحياة اليومية متقارب في المدن والقرى، فالمسكن شقة تتكون من عدد من الغرف مع مرافقها المعروفة، والكلب فرض نفسه جزءاً من الاسرة، والأكل - في الغالب - يجلب الى المنزل وقد جهز وهيىء في خارجه، ووسيلة النقل واحدة، فهي آلة تقل الراكبين وان تغيرت صورتها في هيئة قطار او سيارة او طيارة، والتعليم موحد فهو مسخر للعمل، فالمناهج الدراسية متقاربة الى حد كبير، والأنظمة في البلدان الغربية تسير في طريق واحد, ان هذا التشابه صاغ المدن الغربية في هيئة مدينة واحدة موزعة في ارجاء تلك البلاد، فالمطار واحد والفندق لو دخلته بدون خبر سابق عن مكان وجوده لم تعلم اهو في باريس ام في لندن، والسوق اخذت شكلاً واحداً بحيث لا يفرق المتسوق بين سوق في ميونيخ وسوق في لوس انجلس، وحتى الديانة في الغرب واحدة فحيثما حللت في مدينة غربية وجدت الكنيسة ذات الشكل المعهود، والاجراس المسموعة، فالديانة نصرانية، تقدم لك الكتاب المقدس في أي نزل، وان كان في قرية صغيرة، هذا النمط الواحد للحياة الغربية يتفانى الغربيون في تعميمه وفرضه في ارجاء المعمورة عن طريق فتح المدارس والجامعات، ودعم الرجال الشرقيين الميالين للحياة الغربية او المتزوجين من غربيات، بحيث يتسنمون مراكز قيادية في مؤسسات بلدانهم او في مؤسسات دولية والتبشير في نظرة المفكرين الغربيين اليوم لم يعد محصوراً في الدعوة الى النصرانية وانما الهدف منه ادخال الآخرين في نمط الحياة الغربية, لقد خسرت الشيوعية كل شيء لأنها ارادت كل شيء في سنوات قليلة، اما دعوة الغرب فهي سائرة في طريقها وقد لبست عباءة العولمة في ايامنا هذه.
وفي الشرق يوجد التنوع في الحياة الاجتماعية فالمدن مختلفة المعالم وحتى المدينة الواحدة تختلف فيها الاحياء اختلافاً بيناً والمسكن الشرقي يختلف فيه البناء ما بين المدينة والقرية، والتعليم في بلدان الشرق متنوع فهناك تعليم مدني، وهناك تعليم ديني، وهناك تعليم حرف، وحتى الديانات متعددة فالزائر بلدان الهند او تايلند او الفلبين يقف على انماط من الديانات، يظهر اثرها في الحياة الاجتماعية في تلك البلدان، ووسائل النقل في البلدان الشرقية تشمل القديم والحديث فبجانب القطار والسيارة توجد العربات التي تجرها الخيل والحمير بل ان هناك عربات يجرها الرجال، والزراعة في الشرق تحمل الطابع القديم وان دخلت الآلة الى عمق المزرعة، ان الحياة الاجتماعية في الشرق لها طابعها المميز فعدد افراد الاسرة يختلف ولا يخضع لعرف عام كما هو في الحياة الغربية، والكلب ليس له وجود في الاسرة الشرقية، اما وجوده لدى الاسر في الأرياف فمن باب حماية الاغنام والممتلكات، والاسواق في كثير من المدن متنوعة فالحانوت الصغير موجود بجانب الدكان الكبير وما زالت الاسرة الشرقية تشرف على طبخ طعامها وتهيئته.
ان الحياة الغربية تسير بخطى ثابتة في سبيل احتواء الحياة الشرقية، وقد حققت نتائج ملموسة فهل تحقق اهدافها كاملة, هذا ما يريده الغربيون وينفر منه الشرقيون.
د, عبد العزيز بن محمد الفيصل