قد يخلو العمل القصصي كله من اي بعد جسمي خارجي للشخصيات جميعها ولا يفقد مع ذلك قيمته ككيان ابداعي له حضوره، وتأثيره عند المتلقي، اما اذا خلا العمل القصصي من البعد الداخلي النفسي للشخصيات او للبطل وحده فإنه يفقد جوهره ويتغير جنسه وتمسخ هويته الفنية ويغادر منطقة الفن والابداع ويصبح انشاءً عادياً.
فالبعد الداخلي النفسي للشخصية هو المقياس القصصي الناجح، وهو للبطل معيار البطولة فمن خلاله وعن طريقه، تأتي الأفعال الروائية وتتضح علاقة الشخصية بالحدث والمكان والزمان، والشخصيات الأخرى وهو الذي يملي على الشخصية او البطل اللغة التي يتحدث بها او يتحاور مع الآخرين بواسطتها.
فدواخلنا هي التي تجعلنا نتحرك ونمارس سلوكياتنا وتضغط على ألسنتنا وتحرضها او تقودها إلى الكلام والبوح، والتعبير، والاعتراف ففي الداخل تكمن القوة الموجهة اما الخارج فهو قشور او طلاء.
وفي اعتقادي ان البعد الداخلي في العمل القصصي هو الذي اوجد ما يسمى برواية الشخصية او الرواية الفلسفية او رواية تيار الوعي او الرواية السيكولوجية.
فداخل الشخصية كان ولا يزال وسيظل مركزا لكل التفاعلات والصراعات والانفعالات والمخاوف والاحلام والاسرار وردود الافعال,, ولأجل ذلك قيل: ان الانسان كائن لم يكتشف بعد.
وقد اعتدت في اعمالي ان اهتم بدواخل الشخصيات وبخاصة الأبطال منهم لأن داخل البطل يمدني اثناء الكتابة بكل شيء ولأنه اثير عندي فهو متمرد علي ومتفلت من اي رسم مسبق له.
|