تصرفات غير حضارية تشوّه أروقة المدارس ورحاب الجامعات:
التجمهر والكتابة على المناضد والجدران والتحضير لمن غاب من الطلاب زوراً ما أسبابها وكيف نعالجها؟
*تحقيق : بدر الزير
كم هي عجيبة وغريبة تلك التصرفات التي انتشرت بيننا مؤخرا والتي هي في الحقيقة لا تليق بنا كطلبة جامعيين والتي لربما لو صدرت من طالب في المرحلة الابتدائية لكان (ارحم).
تصرفات لاتمت للواقع بصلة تصرفات حمقاء تصرفات لا يقوم بها من الطلبة الا الفوضويون ومن تلك التصرفات الكتابات التي يقوم بها بعض الطلبة على طاولات الدراسة لم تقف ايديهم عند هذا الحد فقط بل امتدت الى طاولات الاساتذة ومن التصرفات العجيبة ايضا ما يقوم به بعض الطلبة من التجمهرات داخل الممرات المؤدية لقاعات الدراسة مما يسبب ازعاجا للقاعات التي تلقى بها محاضرات ومن التصرفات الغريبة كذلك ما يقوم به بعض الطلبة من تحضير زملائهم الغائبين.
ولالقاء مزيد من الضوء على هذه التصرفات كان لنا هذه اللقاءات التي بدأناها مع الطالب سعد المحارب من كلية الدعوة والاعلام حيث قال:
لاشك بانها امور تسيء للجامعة وطلابها وعلى الرغم من ان هذا السلوك المشين والذي يتصف صاحبه على الاقل بالوقاحة الا ان المشكل الحقيقي في ان الاستاذ يأخذ انطباعا سلبيا عن المجموعة ككل او غالبيتهم مما يسيء لباقي زملائه الذين لا ذنب لهم في الغالب في حدوث مثل هذه التصرفات الخاصة واود ان يعي زملائي الطلاب ان السكوت - مجرد السكوت على مثل هذا العمل - يمثل المشاركة فيه.
كما التقينا بالطالب ايمن الشنيفي من قسم الاعلام فقال:
انها ظاهرة غير حضارية وللاسف انها انتشرت بين الطلبة الجامعيين واننا لنعلم ان ديننا نهى عن هذه الامور التي تسيء للمجتمع كما قال:
ان هذه التصرفات لا يقوم بها الا طالب ليس لديه ضمير وانني في نهاية كلامي ادعو الله ان يهدي شبابنا لما فيه الخير والصلاح لهم وللمجتمع.
تصرفات ضلت طريقها
سعد الشهراني طالب بثانوية الامام الشوكاني قال:
بصراحة لست ضد الموهوبين حين يبرزون مواهبهم ولا الشباب حينما يجتمعون لتسلية انفسهم ولا التعاون بين الزملاء فيما بينهم ولكن ما فائدة تلك التصرفات عندما تكون عن طريق الخطأ حيث الكتابة على الجدران والطاولات وحيث التجمعات في الاماكن غير المسموح بها وحيث التعاون عندما يكون بالغش حقيقة لا استطيع الا ان ادعو زملائي الطلاب الى الابتعاد عنها لما لها من مضار كبيرة.
كما تحدث الينا الطالب فهد العتيبي الطالب بثانوية الامام الشوكاني فقال: لاشك بأنها امور لا تليق بطالب العلم وخصوصا عندما يكون في مرحلة متقدمة من الدراسة وهي في الحقيقة مظاهر غير حضارية ولا يقوم بها من الطلبة الا من يمر بحالة نفسية تجعله يقوم بهذه الظواهر القبيحة وانني ادعو زملائي الطلاب الى الابتعاد عنها والترفع كذلك.
سلوك منحرف
وحول هذه المظاهر ومالها من حكم شرعي كان معنا فضيلة الشيخ عبدالله بن سعد الفالح المرشد الطلابي بثانوية الامام الشوكاني وعضو المكتب التعاوني للدعوة والارشاد حيث قال:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: مما يلاحظ بعض المظاهر السلوكية لدى بعض الطلاب منها الكتابة على الجدران والطاولات والكراسي وغير ذلك وهذا لاشك انها ظاهرة غير طبيعية ولا حضارية ايضا اذ انها تنبىء عن سلوك منحرف لدى من يكتب على الجدران حيث ان الجدار ليس وسيلة من وسائل الكتابة ثم ان صاحب الجدار لم يأذن بالكتابة عليه وهذا اغتصاب لحق الغير بغير حق ولاسيما ان هذه الكتابات تكون في الغالب بذيئة وسيئة والمؤمن ينبغي له أن يترفع عن مثل ذلك فهو محاسب بما يكتب كما انه محاسب بما يقول بل الكتابة اشد لان الكتابة تبقى قال تعالى: (ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد).
ومثل ذلك التجمهرات التي يقوم بها بعض الطلاب داخل الممرات اثناء الدرس وهذا ايضا ينبىء عن سلوك منحرف حيث ان الممرات لم تجعل الا على اسمها للمرور فقط وليست للجلوس والوقوف والكلام ولاسيما انه يضيع على الطالب فرصته للاستفادة من الشرح وكذلك ايضا يزعج زملاءه الذين داخل الفصل ويزعج الادارة والمشرفين بمتابعة مثل هذه الحالات غير الطبيعية.
اما تحضير الطالب لزميله وهو غائب فهذا محرم عليه ويعد من الكذب والغش المحرمين في الشريعة واعانه علىالتكاسل والتخلف عن الدروس فيأثم بذلك الكاتب والراضي به والامر به وهذا من التعاون على الاثم والعدوان قال تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان).
ثم التقينا بعد ذلك بالمرشد الطلابي بثانوية الامام الشوكاني الاستاذ خالد الحمود فقال: بالنسبة لظاهرة الكتابة على الجدران فهي كما يعلم الجميع ظاهرة عالمية ومن الظواهر التي تخدش وتشوه صورة المجتمع وعلى وجه الخصوص المجتمع او البيئة التعليمية وهي حالة تفريغ شحنات لدى الكاتب عبر عنها بهذا الشكل لاسباب نفسية وتعد حالة سلبية لدى الشخص، وقال ان علاج مثل هذه الظواهر يبدأ منذ الصغر في اهمية المحافظة على الممتلكات العامة وزرع هذا السلوك في نفس الناشئة ويكون مدعوما ببرامج مساندة تدعو لمثل المحافظة على نظافة الممتلكات العامة، وهي ظاهرة بحاجة ماسة الى تكثيف التوعية فيها.
واما ظاهرة التجمهر من قبل بعض الطلاب في الممرات ظاهرة قد توجد في بعض المدارس ولا توجد او يقل وجودها في مدارس اخرى فهي بالدرجة الاولى تعتمد على مدى النظام الذي تعمل به المدرسة وغالبا يكون بدايتها من تأخر وحضور المعلم للفصل ووجود بعض الفراغ الاداري وقد تكون فرصة سانحة ومصادمات بين الطلاب لاسباب هذا التأخر من قبل المعلم وليس من المعقول ان يقوم المدير بضبط هذا التجمهر بمفرده وانما هناك نظم سهلة مطبقة في جميع المدارس وهو يتعلق بتنظيم المراقبة اليومية على الادوار في الفسح وبين الحصص.
وبالنسبة لظاهرة تحضير الطلاب لبعض زملائهم الغائبين فان هذه ظاهرة غريبة على المسلم الصادق الذي يتحرى الصدق واتجاه خطير يتصادم مع معاييرنا الدينية التي تحث على الصدق وتدعو اليه وليس هناك مبرر لمثل الاتجاه لهذا السلوك الذي فيه خيانة للنظام وضياع للامانة وخيانة قبل ذلك لله سبحانه وتعالى ونلحظ كما نسمع انتشارها في الكليات وبعض قطاعات التدريب وكلنا رجاء ان نصحح اخطاءنا وتكون الصراحة شعارنا دائما وابدا، وبين ان اسباب علاجها يكون بالمتابعة الدقيقة وزيادة التوعية الدينية ومحاسبة ممارسي ذلك السلوك حتى يكونوا عبرة لغيرهم.
نقطة سوداء فوق ثوب أبيض
ثم كان لنا لقاء مع الدكتور رشدي البدري استاذ الاعلام بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية حول الظواهر غير اللائقة فقال: انني اتعجب من صدور مثل هذه الافعال والعادات والتقليعات الغريبة على هذا المجتمع من طلاب العلم والمعرفة وهي كلها عادات درست في الغرب وارجع الاخصائيون الى ان هذه الظواهر مرض نفسي كما انها لا تتفق مع عقائدنا الدينية لان الدين الاسلامي يحثنا على النظافة وهذه العادات في مجملها تعد عادات سيئة ربما ان البعض ممن يفعلون ذلك عندهم مشاكل اجتماعية او نفسية او يريدون التعبير عن انفسهم بأي وسيلة حتى ولو كانت هذه الوسيلة خاطئة ودعا وسائل الاعلام بما تملكه من امكانات وانتشار لدورها في توجيه هذه الفئات من الطلاب الى طريق الصواب والبعد كل البعد عما يشوه مدينتهم ومعاقل العلم فيها وايضا على اولياء الامور مراقبة افعال ابنائهم وتوجيههم نحو الوجهة الصحيحة وعلى اساتذة التربية وعلم النفس والاجتماع ان يبذلوا طاقة بحثية على كيفية معالجة هذه الظواهر.