عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,, وبعد
أتابع ما ينشر حول الحياة الزوجية والصعوبات التي يلاقيها البعض في التأقلم معها ولاشك ان الحديث عن الخلافات الزوجية حديث طويل ومتشعب فلقد اكد الاسلام اول ما اكد على حسن اختيار شريك الحياة الزوجية ورفيقة العمر واعتبر حسن الاختيار من عوامل تحقيق سلامة للحياة الزوجية ومن تباشير باذن الله الوفاق والمودة بين الزوجين وهناك اسباب اخرى تقف وراء معظم ما نشاهده ونسمعه من خلافات زوجية نوجزها بما يأتي:
فئة من الآباء لاتزال تجبر بناتهما على من تقدم لهن ونحن يا معشر القراء في نهاية القرن العشرين فنقول للآباء رفقا فان الحياة الزوجية آية من آيات الله وعظمة سلطانه وتدبيره وعنايته بالكون يقول الله تعالى: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) فالناس يعرفون مشاعرهم تجاه الجنس الآخر من اعماق القلب وتشغلهم كثيرا هذه المعرفة الى نشاط مختلف الانماط والاتجاهات وتأتي هذه الآية لتلتقط هذه الصورة معرفة مشاعر الناس تجاه الجنس الآخر من اعماق القلب وغور الحس وتبرزها في صورة لتسكنوا إليها لا لشيء آخر وهو سكن مطمئن عفيف هادىء ممتلىء بعناصر البهجة والسعادة, (وجعل بينكم مودة ورحمة) وعندئذ يدرك العقلاء من بني البشر من الجنسين معا حكمة الخالق في (وخلق منها زوجها ليسكن إليها) تلبية للحاجة الفطرية فيهما معا: نفسية او عقلية او جسدية طاهرة بحيث يجدان في اجتماعهما السكن والمودة والرحمة وكأنما الآية تهمس بيد الحنان على مشاعر البشر يا معشر القراء أفلا تتذكرون قدرة الله التي اودعت في نفوسكم رجالات ونساء هذه العواطف والمشاعر وجعلت في الصلة سكنا للنفس والاعصاب وراحة للجسم والقلب واستقرار الحياة وانسا للارواح والضمائر واطمئنانا للذكر والانثى على السواء ففي تركيبهما النفسي والعصبي والعضوي تلبية لرغائب كل منهما وائتلافهما وامتزاجهما من اجل حياة افضل واستقرار فان الاستقرار مرتبط بالاستقرار النفسي اولا واخيرا وبدونه لا تعبر سفينة الحياة الزوجية لان العقد يعني التوحيد بين الطرفين وهو ميثاق غليظ والاتفاق بشروط لابد منها وهي عنصر مساعد للوقاية بإذن الله تعالى من التعثر والتبعثر في الحياة الزوجية ومما لاشك فيه فان التوفيق بيد الله عز وجل ومن قوانين التكريم للمرأة اذنها للشروع بالزواج والنصح لها وقد منح الاسلام المرأة حق التعبير في اختيار زوجها وهذا الحق ثابت للبكر وللثيب على السواء وهو حق مشروع في ظل التعاليم الاسلامية التي تحافظ على المرأة عفافا وكرامة وارادة في جو يحفظ عليها مقوماتها كمسلمة: يقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا يا رسول الله وكيف إذنها قال: ان تسكت) رواه مسلم ويقول عليه افضل الصلاة والسلام (الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن وإذنها صمتها), وقد ابطل النبي صلى الله عليه وسلم نكاح فتاة اجبرها ابوها على الزواج من رجل لا يعجبها ففي البخاري: ان خنساء بنت خدام زوّجها ابوها وهي كارهة فرد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك النكاح وفي عهد النبي صلى الله عليه وسلم احب شاب يدعى (مغيثا) فتاة تسمى (بربرة) وكان الشاب رديء الوجه لم يحظ بارتياح نفس عند بربرة,, ولكن حبها قد ملك عليه أحاسيسه ووجدانه واراد ان يوسط النبي صلى الله عليه وسلم عند بربرة لترضى عنه,,! وعرض عليها صلى الله عليه وسلم ان تقبل الزواج منه فقالت: أتأمرني يا رسول الله قال: لا قالت: اني له لمبغضة فقال النبي صلى الله عليه وسلم للعباس ألا تعجب من حب مغيث بربرة ومن بغض بربرة مغيثا,,؟! إذن ان الذاتية الاسلامية في بناء الاسرة تقوم على اساس مشاورة الفتاة او التعبير عن اختيارها بشرط ان يكون رجلا صالحا ذا دين وخلق,, الخ من حسن الاختيار وذلك واجب على الآباء.
هذا والله المسؤول ان يصلح احوال المسلمين ويوفقهم جميعا.
فهد بن عبدالله العون
إمارة منطقة الرياض