Saturday 24th April, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,السبت 8 محرم


نهارات أخرى
المال المغموس بأحزان النساء

** ينشج القلب الى نصفين,.
ويغزو الملامح كدر وضيق كلما باغتتنا أخبار حوادث المعلمات,, فنأسى على المرأة الضعيفة,, التي خرجت تاركة صغارها يبكون ويحلمون برؤية طرف عباءتها وهي تدخل المنزل,.
ويجلسون ينتظرون,, يتقافزون كلما تحركت عقارب الساعة باتجاه الموعد المحدد,.
وتخرج المرأة وهي في نفس المدينة تقرأ على اطفالها اورادها وتبسمل وتحوقل وترتبط معهم بشبكة خطوط مفتوحة تحادثهم كل ساعة لتطمئن على احوالهم.
كل هذا والقلق والاحساس بالتقصير ينهش قلبها الضعيف؟!
** ما بالها اذن تخرج باتجاه المدن البعيدة تفر الى حيث العمل وتترك صغارها اسبوعا كاملا.
لتمتطي صهوة حافلة او سيارة نصف عمر نهاية كل اسبوع دون محرم ومع مجموعة من مثيلاتها وتزور اطفالها.
يمتلئ قلبها شوقا,.
وتكاد تغلظ القول على السائق ان اسرع فالوقت لن يكفي لاحتضان اطفالي والحنو عليهم وتعويضهم عن غياب اسبوع كامل,, وتسلم الجرة مرات,.
ويسلم الله من يشاء من عثرات الطريق ويختار من يشاء ليوقع فيه البلاء.
ويحدث حادث واثنان وثلاثة لجموع المعلمات الراحلات من منازلهن باتجاه الطرق الطويلة,, وعلى متن السيارات غير المأمونة ويتساقطن على الطريق,.
الناجيات يلملمن اشلاء ملابسهن,, ويقفن مرتعدات على حافة طريق صامت إلا من البكاء.
- يبحثن عن الرجل,, عن السند,, عن الأمل,, فما من احد والوطن دثار للجميع للنساء والرجال,, ولكن في لحظة الموت والخطر تعود المرأة كائنا ينتفض كعصفور بللته السحائب,,,
** فوالله ,,, والله.
ما هذا حق النساء على الرجال,.
وما هذا هو المنتظر من امرأة يلزم ان تعي الاولويات التي عليها,.
فهي راعية لبيتها واطفالها وهي مسؤولة تخرج من الاب الى الزوج وحتى إذا ذهب الزوج فثمة ولي آخر ووطن أكثر حنوا من ان يسلم بناته لوعورة الطرق وخوف الموت وهجير الوحدة والشتات,,
** واذا كانت المرأة قد اقدمت على ما هو فوق طاقتها وخرجت تطلب عملا ليس لها أن تقطع من اجله الطرق الطوال لا تمنحها ظروف الحياة ان تستقر في ذلك المكان ريثما يحل نقلها فما لها وما له,, فلتتركه,, فحياتها اهم علينا بكثير من فصل سيستمر بدونها تدخل على تلميذاته وهي حزينة كئيبة,, ينهشها الخوف من كل جانب,, والحزن من كل جانب,, والغربة والوحدة وخوف الطريق,, وتبقى ربطة المرتب اقل بكثير من ان تغسل عن المرأة وعثاء الطريق.
فيا ايها الرجال إذا كانت النساء قد أقدمن على ما أقدمن عليه تضحية وبحثا عن قوت إضافي.
فكيف بكم تقبلون منهن مالا مغموسا بخوفهن وحزنهن ومرارة اغترابهن,.
ان لم تعثر زوجاتكم على فرصة عمل في مدنكم القريبة او حتى القرى النائية الملائمة لسكناكم معهن فلم تقبلون بأن تخرج المرأة من جلدها لتستحيل ماردا يبحث عن القوت من بين عثرات الطريق,,ومن بين تجاوزات للدين فلا محرم في السفر ولا محرم في الإقامة,, ولا تنتظروا ان يجيء الحل من الآخرين,, فهذا هو المتاح,, لكنكم أيها الأزواج والآباء.
المسؤولون عن أم ينسكب دمها على قارعة طريق طويل ارتضيتم ان تمتطيه وحيدة خرجت من امامكم وامام اطفالها لا تلوي على شيء إلا على عمل في مدينة او قرية نائية, حتى وان كن هن المقبلات بإصرار,.
فأنتم المسؤولون لأنكم قبلتم بخروج وسفر ليس للمرأة طاقة عليه.
فعودوا الى حيث وعيكم الرجولي,, وقولوا :لا لكل ابنة او زوجة تخرج وحيدة تقطع الفيافي والقفار ولتحبسوا عني غضبكم,, فما زال للحديث بقية لعلها تطفئه قبل ان يطالني,!
فاطمة العتيبي

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved