Saturday 24th April, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,السبت 8 محرم


أطياف معايشة مع ديوان الشاعر أحمد صالح الصالح
عيناك يتجلى فيهما الوطن

* كلمة من العدل بوحها,, للجزيرة الثقافية باشراف الاخ الاديب المبدع ابراهيم بن عبدالرحمن التركي - المسافر في انساغ الكلمات نحو الشمس - دور مهم في تقديم شعراء وادباء من جميع الاجيال ومن الجيل الجديد على وجه الخصوص عبر قصائد ونصوص وعبر مقالات وحوارات من ارض المملكة العربية السعودية اضافة الى ما تقدمه من ابداعات وعطاءات عربية بعيدا عن حصر الابداع ضمن حدود جغرافية ضيقة.
بصراحة اقول: اني تعرفت على شعر من مبدعي ومبدعات المملكة لا يقل اهمية عن الشعر الممتاز في باقي الاقطار العربية، مما ساعد على خلخلة قناعة مسبقة تجاه ادب الاشقاء وشعرهم.
كما اطلعت على نماذج شعرية تحققت فيها معادلة الاصالة والحداثة في وقت تتعرض فيه الحداثة الى انحطاط جديد لجهل بعض مريديها باسرار اللغة العربية واسرار الابداع الشعري عن جهل او تعمد مغرض وفي وقت اسيء فهم الاصالة من بعض, بدوري تجاوزت ابداع القصيدة الى التحدث عنها بعد ان لمست من الاخ التركي فرصا متاحة، بعيدا عن المصطلحات وصرامة ومتاهة المناهج النقدية القديمة منها والجديدة وفكانت لي بعض معايشات حميمة مع قصائد ونصوص ل(فيصل اكرم واحمد العسعوس ومنصور الجهني ومحمد بن سعد المشعان وحامد الشريف وابراهيم الشحبي,,) على صفحات الجزيرة الثقافية بين الحين والحين.
(عيناك يتجلى فيهما الوطن والشاعر احمد صالح الصالح واطياف معايشة,, واليوم اترجم للقارى اطياف معايشة جديدة لشعر مبدع آخر يعد من ابرز شعراء جيله الشاعر احمد صالح الصالح المعروف ب(مسافر) ومن خلال آخر اصداراته الشعرية (عيناك,, يتجلى فيهما الوطن) الذي اشتمل على ثلاث وعشرين قصيدة جاءت على النمط الخليلي والنمط التفعيلي ولا يفترق النمطان كثيرا عن بعضهما، فالشاعر ينأى بالقصيدة -التفعيلة عن مواطن عرفت بها القصيدة الحديثة من ابهام وترميز وتلغيط وصور مركبة الخ,, فالشاعر يمتلك ادواته الشعرية بمهارة وخبرة وممارسة وطبع وموسيقى ومعان محلقة يوزع اهتمامه وشغفه بين الحبيبة والوطن - لا يملك الشاعر الا ان يلغي الفاصل بينهما - على حد تعبيره - ان هوى الحبيبة بعض هوى الوطن، انهما في الشعر لغة واحدة,.
من هنا جاء عنوان الديوان (عيناك,, يتجلى فيهما الوطن) محققا لما يصبو اليه من هذه الثنائية شاعر وعاشق، مغرم بالجمال في جميع صوره الآسرة وطنا وانسانا، اذ يندغم الحب بالوطن والوطن بالحب الى اقصى درجات الاندغام بدءا من حبة رمل موحية الى اودية الجزيرة وشم جبالها، الى قضايا وقضايا عربية واسلامية تتوهج في كل حرف وقافية وايقاع:
ياحبة الرمل التي علقت بأهداب العيون
زرعت في هدبي الشجن
احست دفء الاهل فيك
ألست شيئا نادرا مني؟
ويقول في مكان آخر من قصيدته (كانت لنا لغة جميلة).
احبابنا
فتشت عن قلبي وعن وطني
وجدت بأنني: خبأت اودية الجزيرة
شيحها، نفح الخزامى في اصائلها
وشم جبالها ما بين قلبي والشغاف
ان الحديث عن هذا الملمح في شعر شاعرنا (مسافر) يطول ويطول، وقد انتبه الشاعر الى هذا فأبرز للقارىء، قارىء ديوانه على ظهر الغلاف مقطعا يتجلى فيه ذاك الامتزاج، الاندغام فقال:
حبي انا,, وطن اهيم به
وفاتنتي وطن
جلدي,, تضاريس واشجار
وحبي ليس يبليه الزمن
هذا انا,, وحبيبتي
روحان نسكن في بدن
والارض؟ نحن النبتة الاولى بها
وهي الحبيبة والكفن.
ومثلما ينمو هذا الحب ممزوجا بالاشجان العربية نراه في قصيدة (يوم الوطن) يتألق بالوطن مكانا وزمانا وتاريخا:
يوم بنكهته الحياة تطيب
والوطن استوى,.
فوق الجياد الصافنات
صباحه الفرح العريض
وليله امتص المواجع والشجن
يوم بدايته حراء!
ويوميات شيخ بوسنوي (من البوسنة) ص 58 والقدس التي أتعَبنا المسامع نخوة عنها على حد تعبيره ص 29، زفرات ليست ببعيدة، انها جزء لا يتجزأ من رؤاه ومن همومه وغنائياته المبثوثة في كل سطر وفي كل قصيدة اضافة الى اشجان واشجان لا يملك ازاءها وبحكم نضوجه النفسي الا ان يتوجه للآخر مخاطبا باثا هذه الاشجان وهذه الهموم بأشكال متنوعة من الخطاب:
- رفيقة العمر، تدنيني وتبعدني
احلى الاماني، وقلب هده السفر
- احبابنا الاطفال
هذا بعض ماكنا
وكنتم قرة العينين في ايامنا
ومن رفيقة العمر والاطفال ينتقل خطابه الابداعي الى:
- شاعرتي,.
وعندما يأتي الحديث عن شاعرين
تزهر الحروف
تسخو بالعطاء
يكون للحوار نكهة شهية
ويصبح المدى بلا انتهاء
او يتوجه بالخطاب الى الحكيم في رؤيا (أضغاث احلام) ص 63
يبثه شكواه:
يا ايها الحكيم
اي حكمة تسرها
فالناس في زمان الردة استغشوا ثيابهم
والقلب - ايها العزيز - مضغة من الحزن
او الى صديقه الشاعر عبدالرحمن السماعيل يشكو اليه جور العيون:
ياشاعري,, حكمها يقتصّ من بدني
ياللزمان,, ويالي من جنونهما
عينان,, تستأسران القلب أجمعه
يا شاعري,, اي ظلم بعد ظلمهما
او الى ارض عزيزة عليه:
(عنيزة) كم اليك الشوق - يتمنى
وكم لديك عشقت الاهل والوطنا
وفي دروبك ايامي تذكرني
فكل شبر يناديني: اقمت هنا!!
او الى الطفل الفلسطيني (طفل الحجارة).
يا سيدي
المجد انت
وانت للمجد الاناشيد,.
كل هذا الخطاب الى الآخر وغيره من نجوى النفس تجلي بأسلوب عربي ناصع البيان متدفق المشاعر سلس العبارة واضح المعاني بلا مواربة، ومثلما تشع الحرارة في انماط خطابه تبدو مهارة شاعر متمكن كبير في الاداء التقليدي والجديد والمعتدل يشد قارئه في معظم الاحيان الى معايشة أليفة.
مصطفى النجار

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved