عزيزتي الجزيرة
كثير من الناس ابتلوا بالتدخين، ورغم التحذيرات الواضحة والمتواصلة من الاطباء عبر وسائل الاعلام ودعواتهم الصادقة لترك هذا الداء، الا ان اصرار هؤلاء الفئة من الناس على التدخين اقوى بكثير من اصرارهم على اي شيء آخر وكأنه فرض واجب لابد من تأديته, بل ان احدهم قد يستطيع التقليل من الاكل والشرب والامتناع عن بعض الامور ولكنه لا يستطيع ابدا الامتناع نهائيا عن التدخين الذي اصبح يرتبط ارتباطا تاما ببعض الناس كالظل الذي لا يفارقهم اينما حلوا او ارتحلوا,, وقد ينسى المدخن اشياءه الخاصة كمفاتيح السيارة او جهازالبيجر ولكنه لا يستطيع نسيان علبة السجائر حتى ان احدهم اول مايبادر بعد استيقاظه من النوم الى اشعال سيجارته ونفث سمومها قبل غسل وجهه او تناول الفطور,, ورغم امتصاص الدخان لميزانيتهم الشهرية حيث يأخذ الكثير منها فانهم لا يأبهون حينما يقتطعون مما يصرفونه على ابنائهم واسرهم في شراء علب التدخين المضرة بالصحة,, والتدخين هذه الايام اصبح للبعض وكأنه جزء مكمل او مجمل للشخصية بحيث ان البعض من الناس يتحدث والسيجارة في فمه او ينفثها من انفه وفمه في وقت واحد او يسترخي ويطلق العنان لتفكيره وخياله والسيجارة بين اصابعه، ولم يعد التدخين قاصرا كذلك على فئة دون غيرها فالرجل يدخن والمرأة تدخن حتى صغار السن والمراهقين تعلموا هذا الداء من قدوتهم من الآباء ويتعذر البعض من هؤلاء بأن السيجارة تنسيه همومه ومشاكله الخاصة، وبأنها تساعد على المذاكرة والتفكير وغير ذلك من الاعذار غير المقبولة التي يقولونها هروبا من ازعاج صاحب النصيحة الذي يتعب نفسه في تحذيرهم دون ان يجد له الآذان الصاغية لذلك، وانتشار التدخين كنوع من الادمان شمل كافة طبقات المجتمع من اطباء ومعلمين ورجال اعمال وغيرهم,, ورغم انهم يعتبرون في بعض الاحيان القدوة لبقية الناس الا انهم وللأسف الشديد هم انفسهم مصابون به وبحاجة ماسة الى قوة الارادة لتركه والاقلاع عنه نهائيا,, ولن اتطرق هنا الى اضرار التدخين الصحية لانها سبق وأشبعت طرحا وتحليلا بل واصبحت واضحة للجميع من تكرارها عبر وسائل الاعلام,, ولكنني اتمنى ان يعي الانسان بنفسه نتيجة واضرار الدخان من خلال تجربته معه عبر سنوات عديدة، وان يقيّم ذلك بوضوح اذا اراد ان يعيش بقية عمره بصحة وسعادة بعيدا عن الالتهابات والسعال وامراض القلب.
محمد بن راكد العنزي
محافظة طريف