Thursday 22nd April, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الخميس 6 محرم


بدون ضجيج
الحلقة الأخيرة!!
جار الله الحميد

في الحلقة الأخيرة من المسلسل (العربي) ينضبط كل شيء, الغائب يعود, والمحب يقبل ايدي خطيبته بعد صراع دام (ثلاث عشرة حلقة) والعاقر ينجب, والفقير الذي كان (الواد بلية) في ورشة صغيرة و(الواد بلية مصطلح مصري يُنادى به صبي الورشة مهما كان اسمه) اصبح يملك (أجانص) سيارات, يلعب بالفلوس لعب, والبنت المشلولة قامت على رجليها وسط زغاريد الأهل والخدم (والخدم عادة يزغردون بالنيابة عن اهل البيت ويلطمون بالنيابة عنهم ايضا)، والولد الضائع المدمن صار صاحب مكتب خدمات وتاب عن (الهباب) اللي يشربه!! والمحكوم في (جناية كبيرة) يطلع براءة, والمطلقة تتزوج زيجة من الوزن الثقيل, وتطول الحلقة الاخيرة حتى لا تكاد تنتهي.
هذا في المسلسل العربي (ونقصد به على وجه التحديد: المصري, لأن الناس تربّت على المصري, الى درجة انني احياناً اضبط بناتي وهن يلعبن يتكلمن بالمصري!), اما في المسلسلات الكويتية فلا وجود لحلقة اولى او اخيرة, والممثلون لا يتكلمون حسب (حوار) مكتوب (فيما اظن) وعادة يكون الاثاث فخماً لا تحلم اية اسرة متوسطة باقتنائه, والديكور منفذ وكأنه في بيت ثري حقيقي, وعادة (ايضاً) تكون هناك (شركة) للأب, وقد يخسر وتصيبه ازمة قلبية فيسافر الى اوروبا للعلاج ويجي طيب وما عنده خلاف, ليتولى تصفية خصومه (الخونة) وهناك (مرتش) يلقى جزاءه, وابن مهمل لدراسته لاعتماده على ابيه وشعوره بأنه لو تخرج فهذا اقصى ما يحلم به, وهناك (حياة الفهد) تتحدث بدون (نص) وغالبية حديثها (مفردات) تقال في كل الخليج مما يعجب عجائزنا وهن يقلن بدهشة المعجب (ابد, حكيهم مثل حكينا!) وهذا هو العنصر الهام الذي يركز عليه المنتج, بينما يكون اي مسلسل كويتي من إخراج (حمدي فريد) او على الاقل يمثل فيه دور (واحد مصري) هذا هو مستوى (الدراما التلفزيونية) العربية!
وهو مستوى بالغ الرداءة وفج, اما حكايات كالتي سبق وسقنا لكم امثلة عليها, او تلقين وشعارات وخطب, وكأن المشاهد العربي لا يعي ما حوله الا اذا تفضل فريق العمل التلفزيوني وذكره بان الذي يقطع الاشارة تكون نهايته مأساوية ويتحول الى شخص عاجز يتشفى فيه (المخرج)!
وهناك الكوميديا المفقودة, فالاخوة جاهزون لعمل مائة حلقة جنائزية ولكنهم يأتون عند الكوميديا ويقفون! وكأنه (حرام) ان يضحك المشاهد او كأنهم يطعمونه وجبة العشاء المليئة بالنشيج والبلاوي رغماً عنه, فهو في نظرهم (خير مستهلك) للأحزان.
ولا ادري لماذا لا نرى في هذه الزحمة من القنوات التي تفتح اربعاً وعشرين ساعة مسلسلاً او فيلماً مغاربياً؟ هل لأنهم يتصورون اننا لن نفهم اللهجة؟! لقد فهمنا لهجة المسلسلات البدوية التي هي خليط من لهجات كل بادية العرب! ومرة اردنية على سعودية على عراقية على حتى مصرية, فلماذا لا نفهم لهجة الأشقاء المغاربة؟! والعادة ان هذه الدراما المغاربية متفوقة شكلاً وموضوعاً على ما عداها، ومخرجوها محترفون ومفتوحون على كل الاعمال العالمية.
وكنا نمتدح (الدراما) السورية, حتى اصبح (التمثيل) من حق اي مواطن سوري بغض النظر عن موهبته, فلا تفتح قناة الا وفيها تمثيلية سورية بالجملة والقطاعي, مما افقد هذه الدراما رونقها الخاص وصارت تجارة عيني عينك! حتى انهم يفتحون المجال للمواهب(!) السعودية كما فعل (دريد لحام) بممثل له اسمان: عماد نور، وعماد الباني, اذ اشركه في مسلسل (الدغري) في دور عامل مقهى (ابكم)! وبهذا تخلص (غوار) من مشكلة اللهجة بذكاء احسده عليه!.
ان المواطن العربي الذي يشكل التلفزيون جزءاً مهماً من برنامجه اليومي مثله مثل مواطنين من دول اخرى يشكل التلفزيون حيزاً كبيراً من ذاكراتهم، خاصة حينما نعلم ان الانسان يكتسب 80% من معلوماته عن طريق النظر, وحتى هنا نقف داعين الله ان تكون هذه ال80% غير مغشوشة او لم يصلها بعد (فيروس) كفيروسات الكمبيوتر ف(يعفس) الأمور,, فوق,, تحت!.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved