Thursday 22nd April, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الخميس 6 محرم


المسافة بين الوعي وفوات الأوان

حادث مروري يبدو وكأنه حادث شنيع,! وذلك بدليل تجمهر مجموعة من الفضوليين وارباب (الفزعات!)، الذين لا يتوانون - في تلك المناسبات! - عن المبادرة بحمل المصاب عشوائيا فإن لم يكن مصيره الى التهلكة - اذن - فإلى الاعاقة الابدية!, وكما هي العادة في اعقاب مثل تلك الحوادث، يبادر احد مسؤولي المرور لدينا ليلقي نصيحة (إعلامية صمعاء,!!) مفادها ضرورة تجنب حمل المصاب من قبل الجمهور، وذلك لأن السواد الاعظم منهم تنقصه مهارات الاسعافات الاولية, هنا لا تملك سوى (التمتمة!) وأنت تسر الى نفسك بأن نصيحة هذا المسؤول (المروري!) - هي هي - بحاجة ماسة الى اسعافات اولية، من حيث كونها باهتة لا ترقى الى مستوى تلك المأساة المكرورة في كل حدب وصوب من شوارعنا وطرقنا السريعة, مشهد آخر: أم تفقد طفلها لبضع دقائق، تبحث عنه في كل ارجاء المنزل، لتعثر عليه اخيرا (طافحا في البركة!),, تقوم بسحبه من الماء وتركنه جانبا وتبدأ بالعويل، ولكأن عويلها هذا (إكسير!) حياة هذا! يصل الخبر الى والد هذا الطفل الغريق فلا يملك سوى التسليم بقضاء الله وقدره ناسيا - من جراء هول الصدمة,! - ان ديننا الحنيف يخبرنا ان الحذر والحيطة دائما ما يسبقان التوكل,, مشهد ثالث طفل (تنشب!) في حلقه قطعة من اللحم, يعوزه التنفس أيما عوز فيزرق لونه وتنتفخ أوداجه (موتا وليس غضبا!) ويشارف على الموت والكل يولول (ويتنحنح!) ويتبرع بضرب الطفل على قفاه (لعل وعسى) ولكن هيهات وهيهات (ويفوت الفوت!)، وتستمر المعاناة الناجمة عن الجهل على الرغم من الحقيقة التي لا مراء فيها والمتمثلة في كوننا من (أشره وأشهر!) آكلي اللحوم في العالم!، ومع ذلك كثيرا ما (نغص ونموت!) إما موتا حقيقيا او هلعا يكاد يفضي الى الموت، وكلا الامرين مر,! إذن دعونا (نجدع!) السؤال ونجيبه في آن واحد!: ما هو المشترك بين تلك المشاهد الثلاثة المؤسفة في ظل تعدد الأسباب هذه (وتكررها!) ووحدانية الموت تلك (وبشاعتها؟!),, إنه ببساطة انعدام الوعي فيما يخص الاسعافات الاولية التي هي وبإذن الله وكما يوحي بذلك اسمها: اولية بدهية وفي غاية البساطة,, لماذا إذن لا يكون تعلمها شرطا من شروط اتمام عقد الزواج للرجل والمرأة على حد سواء,؟!,, شرطا من شروط الترقية الوظيفية للجنسين,؟!,,, شرطا من شروط الحصول على رخصة القيادة او تجديدها,, شرطا من شروط الالتحاق بمراحل دراسية معينة,, هلا تخيلتم كم من الارواح التي سوف يتم إنقاذها؟!,, وكم من القلوب المفجوعة المكلومة التي سوف تتم مواساتها؟,!, بل كم من التكاليف الطبية التي سوف يتم توفيرها,, فيما لو ارتفع وعينا الصحي وأصبحنا مجتمعا يجيد افراده فن الاسعافات الاولية؟!,, الى متى والوعي لدينا تولده مآسينا،, وعلى غرار: التعيس من اتعظ بنفسه,! او كما يقول مثلنا الشعبي: من عضه الداب، خاف من الحبل .
د , فارس الغزي

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved