Wednesday 21st April, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الاربعاء 5 محرم


أضواء
مدخل لفهم عربي لمسارات النظام الدولي الجديد
3-3

ليكن مدخل هذه الحلقة، مباشرا ونسأل لنجيب، لماذا ليبيا والسودان ونحن نتحدث عن النظام الدولي الجديد,,؟!.
ونجيب، بأنه وحتى وقت قريب كانت ليبيا مستهدفة، لاجراء ما وفق مفاهيم ما يسمى بالنظام الدولي الجديد، مثل السودان الذي سيظل مستهدفا ومسألة الجنوب ثغرة كبيرة تفتح مجالات التدخل وتوفر مبررا لدعاة النظام الدولي الجديد، الذين وحسب أجندة فرض نظامهم الجديد قد وضعوا السودان في سلم ترتيباتهم مثله مثل دول أفريقية عديدة، نذكر منها عربيا بالاضافة الى السودان، الجزائر والصومال وليبيا، وذا كانت الأخيرة قد عالجت الثغرة التي كان دعاة النظام الدولي الجديد سينفذون منها، بعد ان وفقت بجهد عربي افريقي مخلص التقى مع برغاماتية القيادة الليبية التي قرأت المتغيرات الدولية جيدا,,,, وهنا لابد من الاشارة إلى أن العقيد القذافي قد عرض تحليلا مبسطا في غاية الأهمية لظاهرتي التكتل الدولي والتقسيم اللتين تجسدتا في أوروبا بالذات، ففي الوقت الذي تتجمع الدول في اتحاد وتكتل دولي الاتحاد الأوروبي تشهد القارة عمليات انفصال وتقسيم جيكوسلوفاكيا التي انقسمت الى دولتين والاتحاد اليوغسلافي الى عدة دول وعمليات التقسيم متواصلة، كما أن عمليات تكوين التجمعات الاقليمية الدولية متواصلة.
وكما أبان شرح العقيد القذافي في لقائه بأساتذة وطلبة الجامعات المصرية في آخر زيارة له لمصر، بأن هاتين الظاهرتين هما احدى سمات القرن القادم,, فالأمم القوية تتحد وتصنع مقومات الاتحاد,, والأمم الضعيفة تتجزأ وتفقد مقومات التماسك,, ونضيف أن عدم فهم ما يجري في العالم والاستفادة من القوى والامكانيات القومية والذاتية يجعل الدولة عرضة للخطر، كما يتعرض مواطنوها لمآس لا طاقة لهم بها.
هكذا فهم القذافي ولذلك تجاوب مع الجهد العربي والأفريقي وجنب بلاده استمرار الحصار والعقوبات، وأكثر من ذلك انجاها مما كان يخطط لها.
نعود للمسألة السودانية، ونذكر بأن الخرطوم قد اصدرت العديد من الاشارات للاستجابة لحل مرضٍ لمشكلة الجنوب التي هي مشكلة ورثتها من أجيال سابقة، فليس صحيحا ان قضية جنوب السودان هي من صنع نميري أو البشير، أو حتى الأزهري ولاعبود ولا كل الحكام السودانيين الذين توالوا على الحكم بعد الاستقلال، فالمسألة هي مثل كل المشاكل التي تزخر بها القارة الافريقية، صراع قبائل، واعراق قومية، ومذاهب وأديان مختلفة، غذاها تصادم مصالحها وتقاطع اهتماماتها، وزاد من تباعدها تدخلات جهات أجنبية سواء بدوافع سياسية أو اقتصادية وحتى تبشيرية.
ومشكلة جنوب السودان حتى وان افترضنا انه انسلخ عن الشمال، فإن الحرب لن تتوقف فالخلافات بين القبائل الجنوبية ستقود الجنوب الى حرب أهلية تعد الحرب الرواندية بالنسبة لها نزهة وتسلية,,!.
وبما ان المشاكل المورثة لابد من معالجتها، فإن الحكومة السودانية مطالبة بايجاد حل، وهو ما قامت به، وكمراقب محايد وان كان الحياد في مثل هذه الأمور مستحيلا .
أقول كمراقب لابد من الاشارة الى ان الحكومة السودانية الحالية هي من أكثر الحكومات السودانية مبادرات وجهدا لحل هذه المشكلة المزمنة المورثة من عهد الاستعمار.
والآن تتداول الدوائر السياسية حلين مطروحين للبحث والتفاوض ودون الدخول في التعقيدات والمناورات اللفظية، فإن الذي تطرحه حكومة الخرطوم وقياسا على ما أسست له من خلال اقامة حكومات الولايات المتحدة، هو حل يستهدف اقامة اتحاد فدرالي بين الولايات السودانية في الجنوب والشمال والغرب في حين تظهر من شروط وطلبات فصيل جون قرنق أن خيار الكونفدرالية هو ما يسعى اليه هذا الفصيل، ولكي نستدل على الفارق الكبير بين هذين المفهومين نذكر التعريف العلمي والحرفي لهما.
* الفدرالية: ارتباط بين الوحدات السياسية باتفاق أو معاهدة تتنازل فيه كل عن سيادتها الى السلطة المركزية ولكنها تحتفظ بسلطات حكومة داخلية.
* الكونفدرالية: اتحاد دول، وتحالف دون التنازل عن السيادة لحكومة مركزية.
وهكذا يبين أن الفدرالية هي ارتباط في اطار وطن واحد، إما الكونفدرالية فإنه اقرار بتقسيم الوطن الذي يصبح جاهزا للانفصال لدولتين.
التباين بين هذين المفهومين هل استطاعت الايجاد ايجاد حل له، ودول الايجاد نفسها عاجزة عن حل لمشكلاتها، أم أن القضية التي هي أكبر من دول الايجاد نفسها بحاجة الى قوة دولية تملك مقومات ضغط واقناع أكثر لتجنيب السودان ما يرسم له؟.
جاسر عبدالعزيز الجاسر
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
Jaser @ Al-jazirah.com

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved