Monday 19th April, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأثنين 3 محرم


وجهة نظر
عولمة الأزمات
د, محمد يحيى اليماني

لعل من مساوىء التشابك في العلاقات الاقتصادية وزيادة درجة الاعتماد المتبادل بين الاقتصادات المختلفة سهولة انتقال المشاكل الاقتصادية من دولة الى اخرى, ومما يسهم في تقوية هذا الجانب الاتجاه العالمي نحو ازالة كافة الحواجز والقيود وفي وجه حركة السلع والخدمات ومدخلات الانتاج, الأمر الذي يوجد القنوات التي تعمل على نقل ما يحدث من مكان ما من العالم الى المكان الآخر وبسهولة ويسر يزيل الحواجز والعقبات امام حركة وانتقال الازمات, ويدلل على هذه النظرة ازمة الركود الاقتصادي الأخيرة والتي سرعان ما انتشرت حتى عمت العالم بأسره تقريباً، وتكمن خطورة مثل هذه الامور في كون الاقتصاد الوطني يتأثر بعوامل خارجية كثيرة ومتشعبة خارج نطاق السيطرة فبالتالي تصبح السياسات التي تتخذها الدولة لمعالجة ازماتها الاقتصادية قليلة الفعالية بدرجة كبيرة لان سبب المشكلة لم يعالج مباشرة وانما توجه العلاج نحو العرض, ومما يزيد الامر سوءاً بالنسبة للدول النامية هو ان معظمها يتأثر بالعوامل الخارجية بدرجة اكبر من تأثيرها في هذه العوامل فتصبح في وضع المتلقي لما يصدر عن الآخرين نظراً لصغر حجم اقتصادات هذه الدول واعتمادها بشكل كبير على العالم الخارجي في الحصول على ما تحتاجه من سلع وخدمات وفي تصريف منتجاتها.
واذا كان وقوع اقتصادات الدول النامية تحت سيطرة عوامل خارجية امر لا فكاك منه فان هذا لا يعني عدم مقدرة الحكومات اجراءات وسياسات وقائية توفر للاقتصاد مناعة ولو في حدودها الدنيا ضد المؤثرات الخارجية وتختلف هذه الاجراءات والسياسات تبعاً لاختلاف الدول واختلاف ظروفها الاقتصادية وهنا تبرز اهمية التعرف على سبل وطرق التعامل مع الأزمات وعلى كيفية التنبؤ بها قبل حدوثها ليتمكن صانعو القرارات من اتخاذ القرارات السليمة ووضع خططهم على اسس واقعية وسليمة ويرتبط بهذا الامر ضرورة الشفافية في المعلومات وسهولة الحصول عليها لمن يحتاجها.
ولذا فانه يصبح لزاماً متابعة الاوضاع الاقتصادية العالمية بشكل دقيق ومستمر سواء فيما يرتبط بالاسواق المالية او اسواق العملات او اسعار السلع او القدرات الاقتصادية والمالية والتجارية التي تتخذ في الدول المؤثرة في الاقتصاد العالمي يضاف الى هذا الاهتمام بالمتغيرات السياسية والعسكرية التي لها انعكاساتها المباشرة على الاقتصاد العالمي وربما يمتد الاهتمام الى متابعة التصريحات والشائعات التي تصدر في اماكن مختلفة من العالم لان كثيراً من المتغيرات الاقتصادية الهامة كأسعار بعض السلع والعملات تتأثر بشكل كبير ومباشر بمثل هذه الامور وتتضمن السياسة الوقائية ضرورة جعل القطاعات الاقتصادية الحساسة تحت الهيمنة الوطنية وعدم السماح للنفوذ الأجنبي بالتغلغل الى هذه القطاعات سواء كان ذلك بشكل مباشر او غير مباشر.
فالاستثمارات مثلاً في هذه القطاعات يفترض ان تكون استثمارات وطنية مائة بالمائة, وتشتمل الاجراءات والسياسات الوقائية ايضا ضرورة تجنب ما هو مظنة الوقوع في شرك التبعية الاقتصادية مثل الاغراق في الاقتراض الخارجي والتوسع فيه بشكل مبالغ فيه يدخل الدولة في دوامة يصعب الخروج منها وتجعلها واقعة تحت تأثير ما يجري في الدول الدائنة من تغيرات اقتصادية، ويعد تعدد الدول والجهات الاجنبية التي يتم التعامل معها وعدم التركيز في المبادلات التجارية والمالية على دولة واحدة او على عدد قليل من الدول امراً ايجابياً يسهم في التخفيف من تأثر الاقتصاد المحلي بالازمات والهزات الاقتصادية الخارجية.
*قسم الاقتصاد الاسلامي جامعة الامام محمد بن سعود

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
الطبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved