Sunday 18th April, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 2 محرم


مؤسسات التعليم العالي بيئة البحث العلمي(2 - 3)
أ,د, عبد الرحمن بن سليمان الطريري*

الحديث عن البحث العلمي في مؤسسات التعليم العالي يستوجب تناوله من جانبين الجانب الأول يتمثل في المقومات التي يرتكز عليها والتي لا بد منها لكي يكون البحث العلمي في أحسن صوره ولكي يؤدي دوره كما يجب، اما الجانب الثاني فهو جانب المعوقات التي تعترضه وتحد من حركته.
المقومات التي لا بد من توفرها للبحث العلمي تتمثل في أمور عدة منها تجهيزات المادة خاصة ذات العلاقة بالمعلومات من كتب ومراجع وبحوث سابقة وقواعد معلومات جيدة ومختبرات ومعامل واختبارات ومقاييس في العلوم الانسانية بالاضافة الى توفر عينات الدراسة سواء كانت مادية او بشرية وهذه مع غيرها من الأدوات والأجهزة المساندة تعتبر جزءاً من البنية الاساسية التي لا بد من توفرها, العنصر الثاني من عناصر المقومات يتمثل في العنصر البشري من باحثين ومساعدي باحثين وهؤلاء يستوجب الأمر تأهيلهم بالمهارات البحثية العالية المتمثلة في إلمامهم بطرق ومناهج البحث واساليب التحليل الكمي والكيفي حسب طبيعة البحث الذي يتم انجازه، كما ان الخلفية الواسعة والمتعمقة في مجال التخصص تعتبر شرطاً اساساً يضاف للشروط السابقة لتحقق القدرة البحثية وهذا الشرط يعتبر متحققا لدى منسوبي الجامعات من الاساتذة بحكم التأهيل السابق وخبرة التدريس المستمرة على عكس المهارة البحثية التي قد لا تكون متوفرة لدى الجميع وهذا يفسر لنا التفاوت في الانتاج العلمي قيمة وعدداً بين اساتذة منسوبي مؤسسات التعليم العالي, ويضاف للشروط الواجب توفرها لدى الخبراء والباحثين ومساعديهم شرط استثارة الحوافز وتنشيطها ذلك ان الحوافز امر لا بد من توفره وبمستوى عال، لدى الانسان لكي يعمل وينتج والبحوث كنشاط انساني مجهد لما يتطلبه من تفكير وحركة وسعي دؤوب وراء المعلومة والحقيقة لا بد من حوافز يتم تنشيطها واستثارتها عند الفرد المؤهل، ولقد احسنت مؤسسات التعليم العالي صنعاً حين ربطت بين الترقية والبحوث ذلك ان السعي للترقية اصبح هدفا محفزا لمنسوبي مؤسسة التعليم العالي خاصة من الاكاديميين فاشتراط البحوث من اجل الترقية ترتب عليه انجاز كم هائل من البحوث ومع ان البعض قد يتوقف نشاطه البحثي بعد الترقية إلا ان الفوائد الجمة لهذا الشرط اصبحت ملموسة وواضحة, وقد يكون من المناسب لمؤسسات التعليم العالي ووزراؤها مجتمعون في الرياض ان يتدارسوا استثارة الحوافز وتنشيطها في افضل صورة كي يكون الانسان خاصة الاكاديمي منتجاً بحثياً ولأطول فترة من حياته طالما هو قادر على ذلك.
النظم واللوائح الجيدة والمرنة والواضحة التي تحفظ للباحث حقوقه المادية والمعنوية وتحميه من المساءلة واساءة الظن فيه تعتبر احد مقومات البحث العلمي ولقد احسن مجلس التعليم العالي صنعاً حين اصدر لائحة البحوث في مؤسسات التعليم العالي رغم ما قد يوجد عليها من ملاحظات الا انها تبقى اساساً نظامياً لا مكان للذاتية فيها خاصة في شأن انجاز البحوث وقد يكون هذا المنتدى او غيره من المؤتمرات اللاحقة فرصة لتبادل الرأي والمشورة حول نظم ولوائح البحث العلمي الموجودة في كافة الدول العربية, ان تعقد النظم واللوائح خاصة فيما يتعلق بالمعلومات والحصول عليها واحاطتها بهالة السرية التي لا مبرر لها لأمر يستوجب المصارحة فيه وعدم المواربة فالباحث الذي يسعى للحصول على معلومة من جهة من الجهات يتجرع المر قبل ان يحصل عليها فكثرة الاجراءات والتوقيعات بل والتحقيق احياناً والذي يمارسه بعض من تكون المعلومات في حوزتهم تعتبر اجراءات يمارسها بعض موظفي البيروقراطية بكل بساطة ولا يقتصر الامر على هذه الاجراءات بل يتعداها الى اضفاء صفة السرية على النزر البسيط من المعلومات الذي قد تفضل الموظف البيروقراطي به على الباحث, ان تجارب الكثير من الباحثين عند تعاملهم مع بعض الجهات تكشف الاسى الذي يمر به الباحثون حين يواجهون بعبارة سري وغير مسموح للاطلاع عليه في حين قد تكون هذه المعلومة السرية في حوزة جهات اجنبية خارج الحدود فهل نحن نطبق المثل القائل حرام على بلابله الدوح؟!, البحث العلمي لا يمكن ان ينمو نمواً طبيعياً في اجواء الشكوك والريبة بل لا بد من استبدالها بروح الثقة بباحثينا لكي لا تكون قنوات الغير اداة يستقون من خلالها المعلومات حول مؤسساتنا الوطنية, ان علاقة الانظمة واللوائح بالبحث العلمي ليست علاقة مؤقتة او هامشية بل هي علاقة اساسية كما ان هذه الاشياء جميعها مرتبطة بالمناخ الاجتماعي العام، البحث العلمي لا يمكن ان ينهض في العالم العربي بتوفر الامكانات المادية والبشرية او وجود اللوائح الجيدة بل لا بد من التأكيد على ان المناخ الاجتماعي المتفهم لقيمة البحث العلمي، المناخ الاجتماعي المرن في شأن المعلومة، المناخ الاجتماعي الذي يسود فيه التفاهم والتصالح بين ابنائه بكافة مشاربهم ومستوياتهم الادارية، مثل هذا المناخ هو الذي يوجد جهودا بحثية متميزة تسهم في تقديم الحلول مهما كانت طبيعتها مادية او اجتماعية او فردية.
من مقومات البحث العلمي التمويل اذ بدون الانفاق الجزل والمتناسب مع الجهود البحثية لا نتوقع الا بحوثاً هزيلة وقد تكون عديمة الجدوى والفائدة ذلك ان البحث يحتاج الى ادوات وسفريات ومساعدين وبدون توفير هذه الاشياء لا يمكن ان ينجز بحثاً قيماً فيما لو ترك لجهوده الذاتية وقدراته المالية.
من اساسيات البحث العلمي ان يكون له خطة مرسومة واضحة تقوم على مبدأ الاولويات وهذا ما يعبر عنه بوجود خارطة بحثية على مستوى الوطن يتم فيها ترتيب المواضيع حسب اهميتها وقيمتها بحيث تنجز وفق جدول زمني معروف على ان تكون هذه مرنة بحيث تستوعب ما يستجد من مواضيع.
*عميد كلية التربية بجامعة الملك سعود

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
حوار
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved