اتخذت روسيا الاتحادية امس خطوتين: سياسية وعسكرية لهما دلالتهما الخطيرة فيما يتعلق بالمستقبل القريب لعلاقاتها مع الولايات المتحدة الامريكية ودول اوروبا الغربية واغلب دول اوروبا الشرقية التي كانت حليفة للاتحاد السوفيتي الزائل الذي ورثته روسيا الاتحادية.
الخطوة السياسية: قرار الرئيس يلتسين امس تعيين تشيرنومردين رئيس الوزراء السابق مبعوثا خاصا له في ازمة يوغسلافيا.
الخطوة العسكرية: ارسال تسع سفن حربية الى البحرين الابيض والادرياتيكي، وستبدأ ثلاث من هذه السفن عبور مضايق الدردنيل اليوم الخميس,!
وهناك ايضا خطوة اخرى ليست بعيدة عن تينك الخطوتين وتتمثل في وجود رئيس جمهورية روسيا البيضاء حليفة روسيا الاتحادية في بلغراد واجتماعه الودي امس مع جزار الصرب سلوبودان ميلوسيفيتش حيث تعانقا امام مراسلي الصحف الاجنبية والمحلية، مما يعكس اتفاقا ما بينهما.
ويرجح المراقبون ان يكون رئيس روسيا البيضاء نقل الى ميلوسيفيتش الموافقة على طلب انضمام يوغسلافيا للاتحاد الروسي ليكون ثلاثيا.
ولا ندري هل طلب لسلي كلارك قائد قوات الناتو في اوروبا الذي يقود العمليات الجوية الحالية ضد يوغسلافيا، هل طلب من الولايات المتحدة دعم ما لديه من طائرات قاذفة له علاقة بالخطوات الروسية، اي ان تكون المخابرات الامريكية والغربية علمت بالخطوات الروسية مسبقا، وقبل ان تعلن وزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون) انها تدرس ارسال (300) طائرة الى منطقة البلقان,, كما ان الرئيس كلينتون طلب في لقائه اول امس مع اعضاء الكنغرس اعتمادا ماليا لتمويل المشاركة الامريكية في عمليات حلف الناتو وذلك لعدة شهور ستستمر خلالها العمليات العسكرية,! فهل هذا كله سباق امريكي وروسي بحشد اكثر الاسلحة تطورا وفتكا في منطقة البلقان بما يعيد للمنطقة تاريخا الطويل من القلاقل والاضطرابات والحروب في اوروبا؟
ام نقول انها مجرد بداية امريكية روسية للعودة الى الحرب الباردة بعهد جديد من التهديدات الاشد سخونة من تهديداتهما لبعضهما البعض ابان الحرب الباردة السابقة التي زالت بزوال الاتحاد السوفيتي؟
أيا كانت الاجابة على اي من السؤالين، فإننا نأمل في ان لا يتخلى قادة روسيا وقادة الولايات المتحدة عن الحكمة التي يتحلون بها خصوصا وان دلائل هذه الحكمة قد بدت من مجلس الكونغرس الامريكي عندما قرر امس التريث في تحديد موقفه من خياري الحرب والسلام في منطقة البلقان، لأن الحرب اذا نشبت بسبب البلقان فلن يمكن حصر نيرانها داخل حدود المنطقة.
|