Thursday 15th April, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الخميس 29 ذو الحجة


بعد سنوات عجاف,, الاقتصاد الليبي يتهيأ لتجاوز المحنة

لندن - أ,ش,أ
تتهيأ ليبيا الآن للعودة بسرعة الى المجتمع الدولي كدولة فاعلة وخاصة على الصعيد الاقتصادي اذ تشير الدلائل الى ان الاقتصاد الليبي مقبل على حالة من الازدهار بعد تعليق العقوبات الدولية المفروضة على ليبيا منذ نحو ثماني سنوات.
ومن المنتظر ان يؤدي استئناف الرحلات الجوية بين ليبيا والعالم الخارجي الى اعطاء دفعة لعلاقاتها التجارية الخارجية فبمجرد الاعلان عن تعليق العقوبات حتى سارعت الشركات الدولية الاوروبية وحتى الامريكية لطلب الاستثمار واقامة مشروعات مشتركة في ليبيا.
وقد بدأت الشركات والمؤسسات الاجنبية تتحرك نحو ليبيا من اجل الفوز بالعقود الليبية التي تقدر الاوساط الاقتصادية البريطانية قيمتها باكثر من 15 مليار جنيه استرليني وتتعلق هذه العقود باعادة بناء البنية الاساسية للاقتصاد الليبي الذي يعاني من التدهور الشديد نتيجة العقوبات التي تم فرضها على ليبيا عام 1992.
وتعتبر شركتا توتال الفرنسية وايني الايطالية من اكبر الشركات المستثمرة في قطاع البترول والغاز الليبي وهناك شركات نرويجية وكورية وكندية والمانية واسبانية تستثمر في هذا القطاف.
كما فتح تعليق عقوبات الامم المتحدة الباب امام حركة السياحة في ليبيا التي تبدي استعدادها للترحيب بالسائحين الأوروبيين ويتطلع هؤلاء السائحون الى الذهاب لبعض الشواطىء الليبية على اعتبار انها من اجمل الشواطىء المطلة على البحر المتوسط.
وفي الوقت نفسه يستعد رجال الاعمال البريطانيون للتوقيع على عقود ضخمة في مجالي البترول والطيران, واعلنت شركة الخطوط الجوية الليبية بالفعل انها تبحث مسألة استئناف رحلاتها الجوية الدولية.
ومن المتوقع ان تتقدم قريباً بطلب للحصول على ترخيص جديد لكي تهبط طائراتها في بريطانيا.
وتقول صحيفة صنداي تايمز البريطانية ان ليبيا تأمل في ان تتمكن بسرعة من جذب آلاف السائحين الاوروبيين اليها بما لديها من بعض الآثار الرومانية واليونانية وشواطئها الممتدة على البحر المتوسط.
ومن المتوقع ان يتمثل اول الزائرين لليبيا في بعض المحاربين القدماء الذين خاضوا غمار الحرب العالمية الثانية وذلك علاوة على افراد عائلات جنود الحلفاء المدفونين في ليبيا.
وكانت المحاولات السابقة لتنظيم مثل هذه الزيارات قد تعرقلت بسبب سوء العلاقات السياسية وعدم وجود خطوط جوية.
ورغم ذلك فان هناك شوطاً طويلاً على الاقتصاد الليبي ان يقطعه لاستعادة عافيته بعد سبع سنوات عجاف,, اذ يشير تقرير ليبي رسمي اصدرته اللجنة الشعبية للاتصال الخارجي الليبية - وزارة الخارجية - في شهر ديسمبر عام 1997 الى ان قيمة الخسائر الليبية بسبب العقوبات بلغت في ذلك الوقت اكثر من 24 مليار دولار وانه تم منع 17 الف مريض ليبي من السفر للخالج للعلاج بسبب العقوبات مما ادى الى زيادة نسبة الوفيات بينهم,, ولكن مصادر ليبية تقول ان خسائر ليبيا الآن تقدر باكثر من 29,6 مليار دولار وان العقوبات اثرت بشكل كبير على الانتاج الصناعي والزراعي والثروة البحرية والمعاملات المالية والمصرفية بسبب تجميد الارصدة المالية في الخارج وان نسبة وفيات الاطفال حديثي الولادة ارتفعت من 26 في الالف قبل الحظر الى 31 في الالف بعد الحصار.
وهذا يعني انه لا يزال يتعين على الشعب الليبي التحلي بمزيد من الصبر لأن ما ستحققه تلك الاستثمارات لن يعوض قيمة الخسائر التي عاني منها خاصة وان الولايات المتحدة اعلنت عن استمرارها في فرض العقوبات الاقتصادية والعسكرية على ليبيا بحدة ان ليبيا تدعم الارهاب وتسعى لتصنيع اسلحة كيماوية.
وتقول الصنداي تايمز: ان بريطانيا في وضع يمكنها من اقتناص عقود تصدير كبيرة لمعدات صناعة البترول مشيرة الى ان ليبيا قامت خلال الشهور الاخيرة باجراء محادثات مع شركة ايروسبيس البريطانية لصناعة الطائرات بشأن التعاقد على صفقة كبيرة.
فيما يرى رئيس اتحاد الصناعات البريطانية انه على الرغم من ان التوجه الليبي يسير حالياً تجاه فرنسا وايطاليا والمانيا قائلا: ان ذلك لن يمنع الشركات البريطانية من السعي للفوز بجزء من العقود المتوقع ابرامها خلال الاسابيع القليلة القادمة حيث لا تزال توجد علاقات سابقة وطيبة بين هذه الشركات والحكومة الليبية,, وذلك فضلا عن ان الشركات البريطانية تستطيع تقديم العروض المغرية في مجال اعادة بناء الاقتصاد الليبي.
اما فيما يتعلق بالعلاقات الدبلوماسية بين ليبيا وبريطانيا فان الامر سيستغرق فترة اطول,, فلقد اوضحت الحكومة البريطانية انه يمكن لليبيا اقامة قنصلية في اسكتلندا اذا ادت محاكمة الشخصين الليبيين المشتبه فيهما في قضية لوكيربي الى ادانتهما وسجنهما في مدينة جلاسجو,, اما بالنسبة لمسألة اعادة فتح سفارتي البلدين فإنها ستتوقف على ما يتم احرازه من تقدم في قضية مصرع البريطاني يفون فليتشير عام 1984 الذي تردد انه لقي ممصرعه برصاصة اطلقت من السفارة الليبية في ذلك الوقت غير ان ليبيا نفت مسؤوليتها عن ذلك بينما تجري الشرطة البريطانية تحقيقات في ادعاءات وردت في فيلم وثائقي تلفزيوني تشير الى احتمال عدم اطلاق تلك الرصاصة من السفارة.
ومنذ قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين تقوم السعودية برعاية مصالح ليبيا في بريطانيا بينما تقوم ايطاليا برعاية المصالح البريطانية في طرابلس.
ولذلك لم يكن غريباً ان تشارك السعودية في جهود الوساطة التي ادت الى عملية تسليم الشخصين الليبيين المشتبه فيهما كما انه لم يكن من المستغرب ايضا ان يقوم وزير الخارجية الايطالي لامبيرتو ديني بزيارة ليبيا بعد اقل من 24 ساعة من تعليق العقوبات والحظر الجوي المفروض على ليبيا واكد ديني حرص ايطاليا على تطوير علاقاتها مع ليبيا في كافة المجالات واشار الى ان تسوية قضية لوكيربي تفتح الطريق لتفعيل دور ليبيا كدولة متوسطية مهمة في حوض البحر المتوسط والمشاركة في الحوار الاوروبي المتوسطي.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الايطالية حينئذ ان زيارة ديني لليبيا تعتبر اشارة على وجود ترحيب اوروبي بعودة ليبيا الى المجتمع الدولي.
وقد وجهت رئاسة الاتحاد الاوروبي الدعوة بالفعل الى ليبيا لحضور مؤتمر وزراء خارجية دول الشراكة الاوربية المتوسطية المقرر عقده في مدينة شتوتجارت الالمانية يومي 15 و16 ابريل الحالي وهذه تعتبر المرة الاولى التي تشارك فيها ليبيا في اجتماعات دول الشراكة وسيؤدي حضور ليبيا لهذا المؤتمر الى اتاحة الفرصة لها للاشتراك في الحوار الاوروبي العربي والمشاركة في اجتماعات الاستثمار والتنمية.
اما فيما يخص العلاقات بين ليبيا والولايات المتحدة خاصة على الصعيد الاقتصادي واحتمالات عودة الشركات الامريكية للاستثمار في قطاعات الاقتصاد الليبي,, فان من المحتمل ان يؤثر قانون داماتو الامريكي الصادر في شهر اغسطس عام 1996 يمكن ان يؤثر تأثيراً ملموساً على تطوير طاقة الانتاج الليبي نظراً لان هذا القانون ينص على معاقبة الشركات غير الامريكية التي تستثمر في ليبيا او ايران مبالغ تزيد قيمتها على اربعين مليون دولار وبالتالي فان الشركات الاجنبية التي تقوم باستثمارات في ليبيا ربما تتأثر بهذا القانون.
ويقول جيمس روبين المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية ان الولايات المتحدة ليس لديها اعتراض على حضور ليبيا للاجتماع الذي اشار كوفي عنان السكرتير العام للامم المتحدة الى انه يرغب في عقده مستقبلاً مع الولايات المتحدة وبريطانيا بشأن موضوع العقوبات المفروضة على ليبيا ولكنه قال ان هذا لا يعني اننا مستعدون للقاء ثنائي مع الليبيين اذا لم يتحركوا نحو الامتثال لشروط قرارات مجلس الامن.
وقد اعرب السفير احمد بن حلي الامين العام المساعد للجامعة العربية عن امله في ان تتطور العلاقات بين الولايات المتحدة وليبيا في الاتجاه الايجابي وان تكف واشنطن عن اتباع سياسة التهديد وان تسلك النهج الدبلوماسي وان تتعاون بنهج متوازن مع مختلف الدول بما فيها ليبيا.
لقد اصبحت قضية لوكيربي بين ايدي القضاء والامر اصبح يتوقف الآن على مدى قوة الدفاع الليبي امام المحكمة,, واذا كان تعليق عقوبات الامم المتحدة قد ادى الى فتح الطريق لعودة ليبيا الى المجتمع الدولي فانه يتعين علينا الا ننسى ان مجلس الامن قرر تعليق هذه العقوبات وليس الغاءها,, وهذا يعني ان هناك شوط آخر على ليبيا ان تقطعه حتى تكون عودتها الى المجتمع الدولي عودة كاملة.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved