اذا ما سارت الأمور بنظافة ونزاهة كما يؤكد الرئيس الجزائري زروال، فإن انتخابات الجزائر الرئاسية التي تجري غدا ستشكل منعطفا تاريخيا، ربما يكون البداية الحقيقية لانهاء المأساة الدموية التي يغرق بها هذا البلد العربي المسلم الافريقي.
كل الدلائل تشير الى ان الانتخابات الجزائرية هذه المرة ستكون مميزة، قياسا على ما شهدته الحملات الانتخابية التي انهاها المرشحون الخمسة، اذ تميزت بشفافية وحرية طرح وتنوع لبرامج المرشحين الذين طرحوا آراءهم ونظموا مهرجاناتهم الانتخابية دون ضغوط أو تدخل,, كما لوحظ ابتعاد كبير للسلطة وحرص على عدم ابداء أي دعم لمرشح دون آخر، هذا اذا استبعدنا تكهنات وقصص من يدعون العلم بالأمور,,!.
والشيء الذي يجعل الانسان يأمل بأن تكون الانتخابات فاتحة عهد جديد للجزائر كون جميع المرشحين قد أسسوا برامجهم الانتخابية ونادوا اثناء الحملات على أهمية الحوار بين جميع الجزائريين ,,هذا مؤشر طيب وجيد خاصة اذا ما التزم به الفائز الذي يتوقع ألا يخرج عن اثنين احدهما وزير الخارجية الأسبق عبدالعزيز بوتفليقة الذي تقول بعض التقارير الصحفية انه يحظى بدعم المؤسسة العسكرية,, وهو زعم بدده الرئيس زروال بنفسه عندما تحدث بعد شيوع هذه الاشاعة مؤكدا على وجوب التزام الحياد,.
أما المرشح الثاني الأكثر حظوظا بالفوز ان لم يكن الأكثر من غيره فهو الوزير الذي حمل أكثر من حقيبة وزارية من التعليم الى الخارجية الدكتور احمد الطالب الابراهيمي الذي يحظى بدعم قطاع كبير من المثقفين والتيارات القومية والاسلامية، والأهم من ذلك دعم جبهة الانقاذ الاسلامية,, وهذا الدعم بالذات رغم ايجابيته فانه ايضا يجعل العلمانيين يتخوفون من ان يكون الابراهيمي مدينا لأصوات الجبهة ان فاز بالرئاسة مما يجعله يتبنى بعضا من توجهاتها، وهذا قد يبعد عنه قطاعا كبيرا من الأصوات، إلا أنه في النهاية فإن فرسي الرهان في سباق الانتخابات يظلان الابراهيمي وبوتفيلقة، الأول برصيده الاسلامي والعربي وخدماته في الحكومات السابقة، فالدكتور احمد الطالب الابراهيمي هو ابن الشيخ البشير الابراهيمي رئيس جمعية العلماء المسلمين في الجزائر الجمعية التي فجرت الثورة الجزائرية وبيت الابراهيمي لا يحظى بتقدير واحترام التيار الاسلامي في الجزائر فحسب، بل ايضا يعتبره أنصار العربية أحد أهم البيوت والعوائل التي دافعت وخدمت وساهمت في نشر اللغة العربية سواء من قبل شيوخها البشير ومن قبله، والدكتور احمد الطالب الابراهيمي نفسه الذي كان لجهده التأثير الكبير في خدمة العربية ابان عمله كوزير للتربية، كما ان الابراهيمي محبوب ومقدر من قبل التكنوقراطيين والمثقفين وقطاع كبير من الشعب الجزائري الذي يجد فيه صورة للزعيم السياسي النظيف المعتدل الذي وان كان يحظى الآن بدعم التيار الاسلامي إلا انه لا يحبذ بل ويحارب المتطرفين الذين لا يعرفون سوى لغة القتل كأسلوب للحوار، في حين يرفع الابراهيمي شعار المصالحة والمسامحة .
أما المرشح الثاني في فرسي الرهان في الحلبة الانتخابية السيد عبدالعزيز بوتفليقة والذي لا يخفي الجيش تعاطفه معه باعتباره رمزا للحرس القديم من المؤسسة السياسية العسكرية الجزائرية، والذي يمثل للكثير من الجزائريين الأمل بالخروج من مأزق التجارب من خلال استعادة نهج بومدين,, ولهذا فإن كثيرا من المتابعين لهذه الانتخابات يرددون ومن خلال ما طرح من هتافات وشعارات في الحملات الانتخابية وبالذات في مهرجانات الابراهيمي وبوتفليقة من ان انتخابات الرئاسة الجزائرية,, هي بين رمزين جزائريين يحظيان بوافر كبير من الاحترام,, بين باديس، وبومدين,, وطبعا معروف من يمثل باديس,, ومن يمثل بومدين,, وبعد يوم الخميس سيعرف من المنتصر.
جاسر عبدالعزيز الجاسر
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
Jaser @ Al-jazirah.com