Wednesday 14th April, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الاربعاء 28 ذو الحجة


فلنوفّه التبجيل
المعلم المربي,, الأنموذج الذي نريد

عزيزتي الجزيرة
تقدير الانتاجية وتحديد حجمها امر نسبي تختلف الانظار حوله كثيراً بيد ان الاثر الباقي للانتاجية يتفق عليه الكثير.
كما ان الانصاف والنظرة الموضوعية العميقة يفقد مهارتها كثير من السطحيين الذين لايرون الا القشور.
سعدت بتلك الامسية التي كنت احد اعضائها العشرة وكان من بيننا ذلك المربي الفاضل الذي يعمل معلماً في احدى المدارس وبقية الموظفين العشرة يعملون في مختلف الوظائف في قطاعات الدولة, ودار حديث تقليدي بيننا يدور كثيراً في مثل هذه الجمعات مفاده تلك المميزات والخصائص التي يتمتع بها المعلم وحرم منها الموظف,,ونظراً لمللي من جدلية هذه المناقشات وعدم جدواها آثرت ان اقف متفرجاً لامشاركا,,وطبيعي ان الكثرة تغلب الشجاعة فقد استسلم المعلم لهجوم الموظفين عليه وعلى مميزات مهنته التي ابرزها الاجازة السنوية ومدتها والمرتب وضخامته والخروج المبكر وروعته.
ولم يدرك الجميع ان كل عمل يحتاج الى اخلاص وان كل من لاقيت يشكو دهره ولم يدرك الجميع ان كل متحدث يتحدث عن واقعه ويجهل واقع الآخرين,,المهم في الامر ان جميع المتحاورين سطحيون في مفارقاتهم الجوفاء بين دور المعلم كمرب وموجه وقائد ركب وبين الموظف الآلي الذي يتعامل مع الاوراق والتعليمات,واستثني من الجميع في تلك الامسية ذاك الموظف العقلاني ذا النظرة العميقة الذي يعمل في احد القطاعات مديراً لاحدى الدوائر فيها,,شدني ذاك بأسلوبه الراقي وعمق تفكيره حيث جلى للجميع ذاكم الفرق البارز بين دور المعلم ودور الموظف,يقول للمتحاورين قفوا وتأملوا حال الموظف وواقعه إنه يكدح ونهايته الى التقاعد بدون رأس مال حقيقي كما هو للمعلم فالمعلم حينما يتقاعد يبقى رصيده آلاف الطلاب الذين وجههم وساعدهم على انفسهم في مراحل مراهقتهم وعدم نضجهم,,المعلم قدم شيئاً كثيراً وكبيراً، قدم العلم قدم التربية قدم الاخلاص قدم التوجيه كان عونا للكثير في طيشان صباهم كان اخاً وفياً وابا حنونا وصديقاً عطوفا لطلابه اعطاهم كثيراً ولن ينسوا له ذلك.
اما انت ايها الموظف فمجرد صدور قرار تقاعدك انتهى دورك وانتهى معه محبوك ومجاملوك.
يقول ذاك المنصف ايضاً ان المعلم هو الذي يستطيع ان يقيم انتاجه وهو الذي يستطيع ان يرى نتاجه,,واستشهد بمثال حي وقع له حيث قال: كنت ادرس في المرحلة المتوسطة وفي نهاية المرحلة المتوسطة وبداية مرحلة مراهقتي الخطيرة كدت والله انحرف لولا لطف الله ثم معلم مخلص هداني وارشدني بالحكمة والعقل ومازلت ادين له بالفضل مادمت حياً, بينما ابن عمي يدرس معي في نفس المرحلة ولكنه بمدرسة اخرى ومرت عليه نفس الظروف ولم يوفق الى معلم كمعلمي فتاه وانحرف ولايزال الى اليوم يقاسي مرارة التفريط وعدم التوجيه وهو يعمل معي في نفس الدائرة ولكن على بند آخر,, فشتان,,ذاك مجمل مادار في تلك الامسية، واقول ان المعلم المخلص يساوي وزنه ذهبا بل يزيد.
المعلمون يستحقون الكثير ولكن مطلوب منهم الكثير، المعلم المربي هو الذي نريد ولانريد المعلم الآلي الذي يسمح لنفسه ان يعقد بينه وبين بقية الموظفين مقارنة,,لامقارنة في الاداء ولامقارنة في مستوى الاخلاص ان وعي المعلم لدوره في الحياة هو مطلب اساسي يحتاجه المعلمون دائما ليكون نبراساً لهم في اداء رسالتهم,,كما ان فلذات الاكباد امانه في اعناق هؤلاء وما يغرس فيهم اليوم سيثمر غداً,,والمنصف اليوم من يتمنى ان لوكان معلماً لالشيء وانما لدور المعلم في الحياة.
*إشارة
من يفعل الخير لايعدم جوازيه
لايذهب العرف بين الله والناس
محمد بن شديد البشري
مشرف تربوي-الرياض

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير