Wednesday 14th April, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الاربعاء 28 ذو الحجة


القهوة العربية شراب الحرب والسلام لها عاداتها وتقاليدها القديمة
النسكافيه,, والكبتشينو,, والترامس هل أسقطت القهوة والدلة,, بالضربة القاضية؟!
الدلة والنجر والمحماسة,, حلت محلها الأدوات والأواني الحديثة!

* تحقيق : منيف بن خضير
تعتبر القهوة رمزاً من رموز الكرم عند العرب, يفاخرون بشربها والذي يعد مظهراً من مظاهر الرجولة في نظرهم !!
ويعقدون لها المجالس الخاصة التي تسمى بالشبّة او القهوة او الديوانية ,, وللقهوة بروتوكولات خاصة بها وأوان خاصة بها عند البادية تسمى الدلة والتي يجلبها بعض المضيفين من بلدان بعيدة وبأسعار باهظة طمعاً في السمعة الحسنة,.
وتثور في المقابل ثائرة المضيف اذا اخبره احد ان قهوته فيها خلل او تغير في مذاقها ويعبرون عن ذلك بقولهم: قهوتك صايرة .
ولابد في هذه الحالة ان يغير المضيف قهوته حالاً ويستبدلها بأخرى,, كل هذه العادات البرتوكولات اصبحت من احاديث الذكريات، حيث حلت الترامس الانيقة محل الدلة.
واصبح الكبتشينو، والنسكافيه بديلاً للقهوة,, وهي تشرب في كل مكان في المكتب والمنزل وغيره,.
واذا ما قدمت الكبتشينو او النسكافيه تضمن على الاقل ألا يقول لك احد: قهوتك صايرة,.
في هذا التحقيق ستجدون العديد من المعلومات عن القهوة، واسباب تلاشي بعض العادات المصاحبة لها,, وهل اصبحت القهوة لا تحظى باحترامها كالسابق؟! ولماذا؟! فتعالوا معنا ندعوكم لشرب قهوة هذا التحقيق.
بروتوكولات,, خاصة بالقهوة!!
* تحدث حول هذا الموضوع العم/ مطرود سالم الضوي حوالي 75 سنة فقال: القهوة تحظى بالكثير من الاحترام عند العرب من اهل البادية وعندنا نحن الخليجيين والسعوديين على وجه الخصوص.
والقهوة لها عادات قبلية متعارف عليها بين الناس وكافة القبائل وهي لا تخفى على معظم شباب اليوم ومنها ان تقدم القهوة للضيف بالدلة ووجود الترامس والحافظات يعد عيباً عند كبار السن ويجب ان تسكب القهوة للضيوف وانت واقف وتمسك بها في يدك اليسرى وتقدم الفنجان باليد اليمنى ولا تجلس ابداً حتى ينتهي جميع الحاضرين من شرب القهوة.
بل واحيانا يستحسن اضافة فنجان آخر للضيف في حال انتهائه من الشرب خوفاً من ان يكون قد خجل من طلب المزيد وهذا غاية في الكرم عند اهالي البادية.
* وحول نفس الموضوع يضيف المواطن سالم الخالد 45 سنة : عند سكب القهوة وتقديمها للضيوف يجب ان تبدأ من اليمين عملاً بالسنة الشريفة، او تبدأ بالضيف مباشرة اذا كان من كبار السن.
والمتعارف عليه انك تصب القهوة حتى يقول الضيف كفى ويعبر عن ذلك بقوله: بس او كافي او اكرم .
* ويرى احمد السعدون ان من مهارة صب القهوة ايضاً ان تحدث صوتاً خفيفاً نتيجة ملامسة الفنجان للدلة, وكان يقصد بهذه الحركة تنبيه الضيف اذا كان سارحاً اما الآن فتحولت الى مجرد حركة توحي بالمهارة, كما ان من مهارة شرب القهوة ان يهز الشارب الفنجان يميناً وشمالاً حتى تبرد القهوة ويتم ارتشافها بسرعة.
استغلال القهوة,.
لتلبية مطالبهم!!
* يقول العم ابو فارس من كبار السن :
بلغ من احترام البدو والعرب في السابق للقهوة انه اذا كان لأحدهم طلباً عند شيخ العشيرة او المضيف، كان يضع فنجانه وهو مليء بالقهوة على الارض ولا يشربه, فيلاحظ المضيف او شيخ العشيرة ذلك، فيبادره بالسؤال: ما حاجتك؟!! فإذا قضاها له امره بشرب قهوته اعتزازاً بنفسه!!
وبلغ من اعتزاز بعض كبار السن بنفسه ان يأمر ضيفه في مثل هذه الحالات بأن يشرب القهوة مباشرة دون ان يعلم بماهية طلبه كل ذلك ثقة في انه يستطيع تلبية طلب ضيفه مهما كان,, مهما كان!!
ويضيف ابو فارس:
واذا امتنع الضيف عن شرب القهوة وتجاهله المضيف ولم يسأله ما طلبه فان ذلك يعد عيباًكبيراً في في حقه، وينتشر امر هذا الخبر في القبيلة.
واصحاب الحقوق عادة يحترمون هذه العادات,, فلا يبالغون في المطالب التعجيزية ولا يطلبون ما يستحيل تحقيقه، ولكل مقام مقال!!
القهوة,, في الحروب!!
* ليست القهوة للسلم فقط,, بل تستخدم للحروب هكذا يرى/ عابر الشمري وكافة القبائل في السابق اذا حدث بينها شجار او معارك طاحنة,, واعجز احدى القبائل بطل معين، كان شيخ العشيرة يجتمع بأفرادها ويقول: من يشرب فنجان فلان ويشير بذلك للبطل الآنف الذكر ؟!!
اي من يتكفل به اثناء المعركة، ويقتله؟!
فيقول اشجع افراد القبيلة، انا اشرب فنجانه,, وبذلك يقطع على نفسه عهداً امام الجميع بأن يقتل ذلك البطل,, او يقتل هو في المعركة,, ويقول عابر:
واي عار يجلبه هذا الرجل على قبيلته اذا هو لم ينفذ وعده!!
هكذا تحولت القهوة من رمز للالفة والسلام الى نذير حرب ودمار حقاً انها مشرب الحرب والسلام!!
أدوات القهوة,, وأوانيها!!
اما ادواتها فيضيف عابر الشمري قائلاً:
القهوة اولاً تحمس على النار بواسطة اناء معدني مقعر يسمى المحماسة وتحرك القهوة حتى تنضج جميع جهاتها بواسطة عصاتين من الحديد تشبهان الملعقة الطويلة.
ثم تطحن القهوة بواسطة اناء معدني يسمى النجر , وتوضع مع بهاراتها المعروفة كالقرنفل والزعفران والهيل,, في دلة كبيرة تسمى القمقوم او المبهار ثم تسكب بعد عدة عمليات مركبة في دلة مناسبة وتقدم للضيوف,.
* الشاب/ سلطان بن محمد المطيري يقول: تطورت هذه الادوات الآن فالنجر مثلاً تقابله الطاحونة او المطحنة الكهربائية، والمحماسة تقابلها المحمصة الكهربائية، والدلة تقابلها الحافظات او الترامس.
ويضيف المطيري: بفضل الله ثم بفضل جهود حكومتنا الرشيدة ايدها الله عمت النعم والخيرات كل البيوت في بلادنا، فأصبحت القهوة في كل بيت سعودي ولله الحمد ولم تعد قاصرة على بيوتات معينة كما في السابق.
النسكافيه,, والكبتشينو قضيا على القهوة العربية!!
الجزيرة سألت بعض الشباب: هل لاتزال تلك العادات المصاحبة للقهوة موجودة الى الآن,, ام لا؟!
* سلطان المطيري يقول: في الجلسات والاحتفالات الرسمية وفي حالة وجود ضيف رسمي فان هذه العادات يكون بعضها موجوداً.
وبعضها ربما تلاشى,, والآن الجميع يضع القهوة والشاي في حافظات وترامس ولم يعد في ذلك حرج كالسابق.
ولكني ارى والحديث للمطيري ان ظهور المشروبات الحديثة كالنسكافيه والكبتشينو والقهوة التركية,,وغيرها قد ساهم في القضاء على القهوة العربية والتي يصعب صنعها في المكتب او المدرسة لأنها تحتاج لوقت اما المشروبات الحديثة التي ذكرتها فصنعها يحتاج فقط لماء ساخن، وكوب!!
* مخلف بن خلف الشمري معلم يحتج على هذا السؤال، ويرى ان القهوة هي من موروثات الآباء والاجداد ولاتزال باقية ومحافظة على نمطها وعاداتها.
ولكن ما حدث لها لا يعد تدهوراً لها وانقراضاً بقدر ماهو تطور يصاحب كل شيء,, وليس القهوة فقط!!
وقد يكون هذا الكلام فيه نوع من الصحة في المدن الكبيرة اما عند القبائل المعروفة والمدن الصغيرة فلا تزال القهوة كما هي,, وعاداتها باقية الى الابد.
* الشاب/ خالد بن سودي الشلاقي يتفق في ان القهوة لم تعد تحافظ على طابعها القديم وذلك لاختلاف الزمان والمكان ومن اهم الاسباب من وجهة نظري وجود العمالة الوافدة محل القهوجي سابقاً .
وهذه العمالة مهما كانت درايتها فلا يمكن ان تتقن مهارة صنع وتقديم القهوة كأهلها!!
والسبب في غلبة العمالة يعود للرفاهية والترف, والشاب الآن ليس معقولاً ان يقف بالساعات يقدم القهوة لأناس تعودوا المجيء كل يوم للمجلس فهو ليس خادماً في نظره!!
* ويقول/ محمد عبيد فعلاً معظم العادات القديمة انقرضت فيما يتعلق بالقهوة!! والآن اذا اجتمع الشباب لا يحرصون على القهوة حرصهم على الشاي.
ومعظم الضيوف يصر عليك بالجلوس اذا قدمت لهم القهوة واقفاً,, فهم لا يرغبون بازعاجك على أية حال!!
ويضيف محمد:
انني استغرب لماذا يعتبر بعض كبار السن الحافظات والترامس عيباً- وهذا موجود فعلاً.
فالترامس عملية جداً وتحافظ على حرارة القهوة لساعات طويلة أما الدلة فأصبحت الآن شكلية وهي مرهقة لربات البيوت لأنها تحتاج الى التسخين في كل مرة.
ثم ان الشباب لا يميلون للقهوة ويفضلون الشاي عليها,.
باختصار اقول لكبار السن ان الترمس اسقط الدلة بالضربة القاضية ورغم ذلك لا تكادون تصدقون!!
كيف نحافظ على تلك العادات؟!
الجزيرة توجهت بهذا السؤال لضيوف التحقيق:
* قال العم/ مطرود سالم الضوي نحافظ على العادات الصحيحة كلها وليس على العادات المصاحبة للقهوة وذلك بتوريثها لأولادنا, وتعليمهم اياها واصطحابهم الى مجالس كبار السن حتى يتعلموا منها.
وندربهم على اكتشاف العادات السيئة فيما يتعلق بعدم احترام بروتوكولات القهوة ومجالسها حتى يتجنبوها.
* سلطان المطيري/ يقول: هل القهوة شيء يجب ان نحرص عليه؟!
واقصد طبعاً فيما يتعلق بالجانب الصحي فالقهوة عموماً من المنبهات التي حذرنا منها الطب.
ولكن من وجهة نظر اجتماعية فالقهوة ضرورية وتعتبر من رموز الكرم التي يجب ان نحافظ عليها.
اما جيل الشباب الحالي فالامر يعود لهم وليست القهوة واجباً دينياً حتى نحافظ عليها وللناس فيما يعشقون مذاهب.
ولعل انتشار المشروبات الساخنة بشكل كبير وكثرة خروج الشباب من منازلهم يجعل من تعلقهم بالقهوة والمحافظة على بروتوكولاتها امراً صعباً!!
* خالد الشلاقي: يرى ان القهوة لاتزال محافظة على موقعها من الاهمية وجميع العائلات السعودية تعتبرها جزءاً اساسياً ومهماً ولا يستغنون عنها.
وأرى والحديث للشلاقي انها مازالت تحافظ على عاداتها وبروتوكولاتها,.
اما المشروبات الساخنة الاخرى فهي لا تقدم في مجالسنا السعودية ويبقى شربها والتعلق بها حرية شخصية.
* ويتفق معه/ مخلف الشمري ويقول نحن: نهتم بالقهوة ونحترمها مهما تغيرت بعض مفاهيمها السابقة,.
والدليل على ذلك وجودها في مكاتبنا ومدارسنا وقبل ذلك في منازلنا وانحسار اهتمام الاجيال القادمة بها لا يعني اهمالها وتهميشها!!
ويضيف الشمري ارى ان نحافظ على عاداتنا القديمة في الاكل والشرب والجلوس,, وغيرها.
فتخلصنا واهمالنا لجزء منها مدعاة لإهمالها كلها مستقبلاً!!
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved