حتى تقنع انسانا بفعل امر او تركه فأمامك خياران اولهما واسهلهما ان تأمره بفعل او ترك ما تريد، اما الآخر وهو الاصعب فهو ان تقنعه بذلك ليفعله او يتركه من تلقاء نفسه، والانسان يستطيع ان يأمر ابنه بإغلاق حنفية الماء حتى لا يضيع الماء المنهمر منها، ويستطيع ان يأمر الخادمة الا تسرف في استخدام الماء وهي تنظف اواني الطعام او تغسل الثياب، ولكن المسؤولين عن المياه عندنا لا يستطيعون امر الناس بالاقتصاد في استخدام الماء عندما يتضح لهم من خلال الارقام التي لديهم ان هناك اسرافا في الاستخدام، او ان هناك نقصا في الماء يتطلب تعاون الجميع، ولهذا فلابد ان يلجؤوا للخيار الثاني وهو الاقناع ، ومن اجل هذا تنظم حملات ترشيد استهلاك الماء كما هو حال الحملة القائمة الآن.
اتضاح المبرر لأي دعوة امر ضروري جدا وشرط اساسي لاستجابة المدعو للدعوة، وعلى هذا فالدعوة للترشيد تتطلب في البداية ايضاح المبرر، وقد حاولت معرفة المبررات التي اتكأت عليها حملات الترشيد الحالية ومع الاسف لم اجد توافقا في اقوال وتصريحات المسؤولين في اجهزة المياه، فوزير الزراعة مثلا قال ان معدل استهلاك الفرد السعودي من الماء ارتفع الى خمسمائة لتر في اليوم بعد ان كان مئتي لتر وان المعدل العالمي ثلاثمئة لتر، اي ان هناك اسرافا كما يفهم من تصريحه في استخدام الماء، وان هذا الاسراف هو الدافع الاساسي لحملة الترشيد، ولكن تصريحات نشرتها صحيفة عكاظ لمدير عام المياه والصرف الصحي بمنطقة مكة المكرمة توحي بعكس ذلك فالارقام التي قدمها تؤكد وجود نقص كبير في الماء الموفر حيث لا تتجاوز الكمية الموفرة نصف الحاجة الحقيقية، وهذا يعني بالطبع انه لا يوجد اسراف في الاستخدام وان معدل الاستهلاك اقل من المعدل العالمي ويعني ان السبب الرئيسي لحملة الترشيد وجود نقص في كميات الماء المتوفرة، اما مدير عام ادارة تنمية موارد المياه بوزارة الزراعة فقد قال في تصريح نشرته عكاظ ايضا ان معدل استهلاك الفرد من المياه في مدينة الرياض كان ستمائة لتر في اليوم ثم تراجع الى ثلاثمئة وخمسين لترا، وان حملة الترشيد تهدف الى خفض هذا المعدل ليكون مئتين وخمسين لترا في الرياض وكافة مدن المملكة الكبرى، ويقول ان هذا الرقم هو المعدل العالمي لاستهلاك الفرد من الماء يوميا.
وهكذا فنحن لا نعرف هل الماء الموفر يزيد كثيرا عن الحاجة الفعلية لذلك الحد الذي جعل الفرد يسرف في الاستخدام فيستهلك ضعف حاجته تقريبا كما يفهم من تصريحات وزير الزراعة، ام ان الماء الموفر يقل كثيرا عن الحاجة بمقدار النصف تقريبا كما ذكر مدير عام المياه والصرف الصحي بمنطقة مكة المكرمة، وهل المعدل العالمي الذي تستهدفه الحملة ثلاثمئة لتر كما ذكر وزير الرزاعة ام مئتان وخمسون لترا كما ذكر مدير تنمية موارد المياه في الوزارة، وهل المعدل الحالي لاستهلاك الفرد في مدينة الرياض خمسمئة لتر في اليوم كما ذكر الوزير ام ثلاثمئة وخمسون لترا كما ذكر مدير تنمية موارد المياه، وهل معدل الاستهلاك اليومي للماء عندنا كان طبيعيا ثم ارتفع كما ذكر وزير الزراعة ام انه كان شاطحا جدا ثم انخفض واقترب من المعدل الدولي كما يفهم من اقوال مدير تنمية موارد المياه في الوزارة,,؟؟
انني اقدر مصادر معلومات اولئك الاخوة جميعا ومع هذا فلم اقتنع ان الفرد السعودي يستهلك ما معدله خمسمئة لتر في اليوم، ولم اقتنع كذلك ان الفرد في مدينة الرياض كان يستهلك ستمئة لتر ثم انخفض استهلاكه الى ثلاثمائة وخمسين، ولذلك فقد رجعت لفاتورة ماء منزلي فوجدت ان ما استهلكته اسرتي البالغ عدد افرادها ثمانية ومعنا سائق وخادمة خلال ثلاثة شهور مائة وستة وعشرين مترا مكعبا اي مائة وستة وعشرون الف لتر وهذا يعني ان معدل استهلاك افراد اسرتي في حدود مائة وسبعين لترا في اليوم للفرد الواحد وهذا يقل كثيرا حتى عن المعدل العالمي، وانا كفرد لست مسؤولا عن الانواع الاخرى من الاستهلاك كالصناعي ومياه ري الحدائق العامة وما يماثل ذلك ولا ادري هل هذا يدخل في النسبة العامة أم لا وكم نصيبه من النسبة حيث لم يتضح هذا لي وبالتالي قد لا اقتنع بان المائة وخمسة وسبعين لترا التي استهلكها تحتاج الى ترشيد، والخلاصة ان المعلومات التي اطلعت عليها تحتاج الى مراجعة وتصحيح واضافات، لان وضوح المبررات والدقة في المعلومات شرط اساسي لأي حملة ترشيد يراد لها النجاح.