كم سررت وأنا اشاهد بعض منشآت احد مواقع الخزن الاستراتيجي في بلادنا، هذا المشروع العملاق الذي يثلج صدر كل مواطن: لأنه يخدم الأجيال الحاضرة بمثل ما يخدم الأجيال القادمة.
تقع مخازن الخزن الاستراتيجي تحت مساحات عميقة من الارض فهو عبارة عن كهوف محفورة في باطن الارض لتخزين المنتجات البترولية المكررة بهدف توفير احتياجات القطاعات العسكرية والاقتصادية المتنوعة من هذه المنتجات في الظروف الطارئة، اما في الظروف العادية فهو مكمل لمنظومة الامداد والتوزيع التابعة لشركة ارامكو السعودية.
والمشروع يقع في خمسة مواقع متفرقة من بلادنا بناء على دراسات جغرافية واستراتيجيات لكنه يخدم كل اجزاء بلادنا، فكل موقع يخدم مناطق محددة اي انه روعي في تصميم المشروع ان يغطي حاجة كل المناطق في الظروف الطارئة مع تدوير المنتجات بشكل مستمر والمحافظة على مستوى تخزين متناسب مع الخطط الاستراتيجية للدولة.
ولا بد من توجيه الشكر لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز وزير الدفاع والطيران والمفتش العام صاحب فكرة هذا المشروع وراعيها منذ ان كانت فكرة الى ان اكتملت واقعاً ملموساً بمخازنه ومرافق خدماته.
ان كل منطقة من مناطق بلادنا ستتمكن من اخذ حاجتها من الطاقة البترولية لمدة عام كامل من هذه المخازن الاستراتيجية، ومما يسعد في هذا المشروع ان الأيدي التي تديره وتشرف عليه كلها ايد سعودية من ابناء هذه البلاد الذين يملكون من الاخلاص لبلادهم وقيادتها ما يؤهلهم لتحمل المسؤولية الوطنية التي تجري في عروقهم مجرى الدم.
ان فكرة الخزن الاستراتيجي فكرة رائدة تدل على المستوى الحضاري الذي ارتقت اليه بلادنا فالنظر للمستقبل وتشكيل صورته بما يخدم الأجيال الحاضرة والقادمة يصور مراحل التخطيط التنموي في بلادنا فهو تخطيط قريب يتمثل في خطط التنمية الخمسية وآخر بعيد وهذا الخزن الاستراتيجي واحد منه، ففيه خدمة للاحياء وللاجيال التي ما زالت في طي الغيب وسيرى فيه القادمون تاريخاً مسطوراً في جوف الارض كما نقرأ تاريخ اسلافنا في آثارهم التي تروي اخبارهم.
الخزن الاستراتيجي مشروع متفرد في المنطقة صمم بأحدث ما وصل اليه العلم واستفاد من تجارب سابقيه، أخذاً بأحداثها، مسخراً التقنية في التصميم والصيانة وتدوير المنتجات فهو واحد من المشاريع العملاقة في بلادنا فالحمدلله على نعمه الكثيرة ومننه العظيمة.