* القاهرة- أ,ش,أ
تجرى في جيبوتي غداً الجمعة اول انتخابات رئاسية منذ استقلالها عن فرنسا عام 1977 وذلك لانتخاب رئيس للدولة خلفا للرئيس حسن جوليد وذلك في اطار التحول الديمقراطي الذي تشهده القارة الافريقية في الاونة الاخيرة.
وكان الرئيس الحالي حسن جوليد قد قرر عدم خوض هذه الانتخابات نظرا لتقدمه في السن حيث يبلغ من العمر 83 عاما وهو يحكم جيبوتي منذ عام 1977 وهو نفس عام انضمام جيبوتي للجامعة العربية.
وتشهد هذه الانتخابات منافسة شديدة على منصب الرئاسة بين مرشح الحكومة اسماعيل عمر جيلة وهو ابن اخ الرئيس الحالي حسن جوليد والنائب البرلماني موسى احمد ادريس.
والمرشح الاول وهو اسماعيل عمر جيلة من مواليد 1945 يشغل منصب رئيس ديوان رئيس الجمهورية وقد رشحه الحزب الحاكم حزب التجمع من اجل التقدم ,, وقد رحب الرئيس حسن جوليد بهذا الترشيح فهو يريد من بعده رجلا من البيت يتزعم الدولة والعشيرة والاسرة ويرى انه يجسد وحدة الشعب وانه سيلعب دروا كبيرا في ارساء دعائم الامن والاستقرار في القرن الافريقي,وتصف المعارضة جيلة بانه الحاكم الفعلي للبلاد في السنوات الاخيرة,, وهو يجيد التحدث بالعربية والانجليزية والفرنسية والامهرية والصومالية ويحظى بشعبية كبيرة بين المثقفين والشباب.
ويرأس جيلة حزب التجمع الديمقراطي الحاكم خلفا للرئيس حسن جوليد وتم اختياره لرئاسة الحزب في فبراير الماضي,, ويرى ان الاوضاع الاقتصادية السيئة التي تشهدها البلاد ترجع الى تناقص المساعدات الخارجية التي تعتمد عليها جيبوتي اعتمادا كاملا الى جانب مطالب صندوق النقد الدولي التي تدعو الى التقشف وغيره من الاسباب.
والمرشح الثاني في انتخابات الرئاسة فهو النائب البرلماني موسى احمد ادريس وقد تواجد في البرلمان من خلال حزب الحكومة,, وهو من الاسماء القليلة المعروفة منذ ايام الاستعمار,, وكان قد تمكن من الحصول على التمثيل النيابي كعضو في البرلمان الفرنسي في انتخابات 1962 حسب نظام المستعمرات الفرنسية فائزا على منافسه حسن جوليد وبعد الاستقلال حاول انشاء حزب جديد عام 1981 وتعرض للسجن بسبب ذلك,, ويعود اليوم ليرشح نفسه لمنصب الرئاسة.
والاتجاه الذي يتبناه موسى احمد هو اتجاه التغيير لتجاوز الصعوبات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي ظهرت في السنوات الاخيرة والتي تمثلت في تدهور الخدمات وارتفاع نسبة البطالة الى جانب الاختناقات الاقتصادية التي وصلت الى درجة انقطاع التيار الكهربائي لمدة سبعة شهور الى جانب تخفيض المرتبات الى التأخر في دفعها لفترات تبلغ الاربعة اشهر.
وتؤيد موسى احمد قاعدة كبيرة مختلفة الانتماءات سواء من قبيلة العيسى او العفر القبيلتان الرئيسيتان في جيبوتي وقد اعلنتا ان احزابهما ستقف وراء موسى احمد.
ويرى المراقبون ان المواقف الوطنية السابقة لموسى احمد وبقاءه بعيدا عن الحياة السياسية فترة طويلة تعطيه صورة القادر على تجميع اتجاهات متعددة وكسب ثقة الرأي العام عند المناداة بالتغيير المطلوب.
ومن ناحية اخرى هناك بعض العوامل الخارجية التي تؤثر على الانتخابات في جيبوتي منها الموقف الفرنسي الذي يحتفظ بنفوذه غير المباشر نظرا لان فرنسا صاحبة الدعم الرئيسي في ميزانية الدولة الا ان العلاقة بين الحكومة الحالية وفرنسا لم تكن حميمة في الفترة الاخيرة ولذلك قدمت فرنسا مؤخرا معونة استثنائية قدرها 65 مليون فرنك لتنفيذ مشروعات البنية الاساسية في مجالات الاقتصاد والخدمات.
فالسياسة الفرنسية تمارس اهتماما مكثفا بقضايا الامن والاستقرار في جيبوتي التي تعتبر قاعدة نفوذها الوحيدة الباقية في منطقة القرن الافريقي.
اما العامل الثاني المؤثر في الانتخابات فهي دول الجوار حيث تلقي الحرب الاثيوبية بظلالها على الجو الانتخابي, فالعلاقات الدبلوماسية بين جيبوتي واريتريا مقطوعة بسبب الحرب, كما ان جيبوتي تخشى في حالة زيادة حدة القتال الاثيوبي الاريتري ان تظهر من جديد قضية قومية العفر المقسمة بين جيبوتي واريتريا واثيوبيا, وكانت قد ظهرت في وقت سابق دعوات لانشاء دولة عفرية جديدة تفتح باب اعادة رسم الخريطة السياسية لمنطقة القرن الافريقي.
وفي اطار المؤثرات ايضا يأتي استمرار الفوضى والقتال في الصومال عامة وازمة الجفاف والمجاعة في جمهورية صوماليالاند,ويأمل المراقبون ان تجرى الانتخابات في مناخ ديمقراطي وان يحتكموا الى صناديق الاقتراع في نتائجها.
ومما يذكر ان جيبوتي تقع في شرق افريقيا على مدخل البحر الاحمر ويحدها من الشمال اريتريا ومن الجنوب والغرب اثيوبيا ومن الشرق الصومال وتبلغ مساحتها 22 الف كيلو متر مربع ويتحدث سكانها الفرنسية والعربية والصومالية والعفرية وتعداد سكانها 500 الف نسمة,ويبلغ الناتج القومي الاجمالي لجيبوتي 481 مليون دولار واجمالي الصادرات 211 مليون دولار ويبلغ حجم الدين الخارجي 260 مليون دولار.
ويتكون التركيب العرقي في جيبوتي من 60% من قبيلة عيسى و 35 من قبيلة عفر و 5 فرنسيين وعرب واثيوبيين وايطاليين.
وقد تولى الرئيس حسن جوليد مقاليد الحكم في جيبوتي منذ استقلالها عام 1977 وحتى الآن.
واحتفظت جيبوتي خلال حكم الرئيس حسن جوليد بنظام مفتوح اقتصاديا مع وجود قاعدة عسكرية فرنسية الى جانب عدم تأثرها بما يجري حولها في الدول المجاورة سواء في اثيوبيا او في الصومال او اليمن الجنوبي الى جانب الاحتفاظ بمستوى المعيشة والخدمات, وتمكن جوليد من ان يثبت ان ظروف جيبوتي الفريدة والمعتمدة على المعونة الخارجية تتطلب اسلوبا يبتعد عن المغامرات والتغييرات السياسية المفاجئة,, ومع اجراء الانتخابات الرئاسية تدخل جيبوتي مرحلة ديموقراطية جديدة في حياتها السياسية.
|