نجحت الدبلوماسية السعودية الحكيمة وبتفوق في التوصل الى حل لقضية لوكيربي وذلك بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بفضل الجهود المضنية والموفقة للمملكة العربية السعودية بتوجيهات مباشرة ومتابعة مستمرة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين من أجل احتواء هذه القضية المهمة والحساسة عبر ايفاد مبعوثها الخاص صاحب السمو الملكي الأمير بندر بن سلطان سفير المملكة في واشنطن للقيام بمتابعة القضية عن كثب,, وكان فعلا نعم المبعوث والرجل الدبلوماسي المحنك حيث قام بدور فاعل ونشط عبر تحركاته الدبلوماسية المكثفة ورحلاته المكوكية من ليبيا الى جنوب افريقيا وأخيرا الى هولندا,, وبذلك كان أهلا لهذه المهمة ومحل الثقة لحمل هذه المسؤولية الجسيمة والمعقدة فارسل حكيما ولا توصه لتثمر هذه التحركات الى نتائج ايجابية طبعا بمساندة وجهود وساطة جنوب افريقية متمثلة بالرئيس نيلسون مانديلا وتقارب وجهات النظر تجاه هذه القضية المضنية بعد ان ظلت متأرجحة ما بين مد وجزر وهبوط وصعود ليتم أخيرا التوصل الى انفراج وحل لهذه الأزمة المعقدة بعد موافقة الحكومة الليبية على تسليم الليبيين المشتبه فيهما بحلول السادس من شهر ابريل لمحاكمتهما أمام محكمة اسكتلندا في هولندا وهما: عبدالباسط علي محمد المقرحي- والأمين خليفة فحيمة والمشتبه فيهما بقضية تفجير الطائرة بان أمريكان والتي كانت تقوم بالرحلة رقم 103 فوق أجواء بلدة لوكيربي الاسكتلندية في شهر ديسمبر من عام 1988م وقد أودي بحياة 270 شخصا ممن كانوا على متنها.
وبذلك أسدل الستار وطويت صفحة وملف لأخطر وأطول قضية سياسية على الاطلاق على مستوى العالم كما وصفها المحللون والمراقبون السياسيون بعد ان استمرت زهاء العشر سنوات تقريبا كانت قد شكلت قلقا كبيرا وكابوسا مزعجا ظل جاثما فوق كاهل الجمهورية الليبية وشعبها الشقيق وبالتالي تضررها اقتصاديا وسياسيا وتجاريا من جراء الحظر الجوي المفروض عليها بسبب هذه القضية,, ليتنفس بعد ذلك الشعب الليبي الصعداء بعد انهاء آخر فصول هذه المسرحية الطويلة والمعاناة الشائكة والتي كانت بالفعل معضلة وقضية معقدة للغاية,, ولكن نتيجة لقوة الارادة والعزيمة والاصرار للمملكة العربية السعودية وسياستها الحكيمة الواعية والتعاون الايجابي للاطراف الأخرى معها استطاعت وبكل ثقة جني وقطف الثمار لهذه الجهود الدبلوماسية والتحركات الدولية المكثفة التي قامت بها في سبيل ايجاد مخرج لهذه القضية بعد ان طال أمدها ودخلت نفقا مظلما وسلكت طريقا شائكا كان قد يصعب الخروج منه,, فهكذا هي المملكة,, ونهجها بقيادة خادم الحرمين الشريفين تظل حريصة كل الحرص على السعي دائما وأبدا في حل الكثير من معضلات الأمور وقت الأزمات خصوصا في كل ما يتعلق بالقضايا العربية والاسلامية فهي لا يمكن ان تقف امام ذلك موقف المتفرج ومكتوفة الأيدي أمام أحداث وقضايا مهمة تشاهدها مهما كان نوعها وطبيعتها,, حيث لم تكن المملكة,, يوما بمنأى عن الأحداث وقضايا الأمة العربية والاسلامية بل تظل قريبة منها تتابعها وتحاول أن تجد مخرجا لها للوصول بها الى بر الأمان والعمل على اتخاذ قرارات ايجابية للقضية مهما كانت وحتى لو كانت مستعصية ما دامت قادرة وتستطيع ذلك,, وكل ذلك حرصا من المملكة وقيادتها الرشيدة على احلال الأمن والسلام في ربوع المنطقة من أجل مصلحة وخدمة شعوبها العربية والاسلامية واستقرارها ورخائها,, والتي بلا شك مثل هذه الجهود والتحركات الموفقة من قبل المملكة,, تظل دائما محل تقدير واحترام العالم أجمع.
فهنيئا لنا بالمملكة,, وهنيئا لنا بحكومتها الواعية والرشيدة.
صالح الفالح