Thursday 8th April, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الخميس 22 ذو الحجة


خيمة التحكيم المظلمة
منيف علي القبلان

اضحى التحكيم خيمة يتعلق باطرافها المهزومون ويستظل بظلها المدربون الخائفون من المساءلة الجماهيرية بعد كل اخفاق ذريع، ويندرق خلف رواقها الاداريون الذين يحاولون بشيء من الغباء تبرير هزائم فرقهم, ويبقى الحكم -رغم اجتهاده- عرضة للتشنيع والتشهير اللامبرر,, ولا يسلم من تحمل مسؤولية اخفاق الغير ولا من سموم الألسن التي تنطلق قبل وبعد كل مباراة، وبالذات من لدن الطرف الخاسر, وسيظل على هذا الحال طالما سارت الأمور المحيطة بالتحكيم بالشكل الذي نراه ونسمعه على كل لسان.
بمجرد ان يعرف اسم الحكم الذي سيدير المباراة القادمة تتهاوى التصريحات ثقيلة على مسمعه بين مندد بمواقفه ومنذر من عواقب اعماله وبين معبر عن استيائه مما سوف يقترفه هذا الحكم بحق فريقه ومتشائم يرى ان تكليفه بادارة هذه المباراة بالذات قصد منه هزيمة فريقه! لدرجة يود معها بعض الحكام ان يتقدم باعتذاره عن ادارة تلك المباراة لئلا يسمع اكثر مما سمع.
وتعود الاسطوانة نفسها في اليوم التالي للمباراة تتحدث بنفس اللغة وتستخدم نفس المفردات ولكن في زمن الماضي.
وكان الحكم يدافع عن قراراته عقب كل مباراة يقوم بادارتها ويوضح جوانب القانون المستخدم للذين يجهلونه، وغالبا ما يكون مقنعا للبعض، حتى جاءت لجنة الحكام بفكرة منع حكم المباراة من التصريح للاعلام بعد نهاية المباراة، وهو اجراء يستشف منه رغبة اللجنة في حماية الحكم من زلة اللسان التي تحدث في مثل هذه المواقف، خصوصا وان الحكم بشر يتأثر بالجو العام للمباراة وما يصاحبها من شد عصبي وما يتخذه من قرارات، ويحتاج الى وقت كاف لتجميع افكاره ووضعها في قالب واضح المعالم، وربما يتطلب منه الأمر العودة الى شريط المباراة للوقوف على الأخطاء ان وجدت وتبرير قراراته,, ثم قد يعود في وقت آخر اكثر هدوءا لايضاح ما يجب ايضاحه، الا ان اللجنة رأت انه ليس من حق الحكم ان يدافع عن نفسه واعطت هذا الحق لرئيسها ليتحدث باسم الحكم ويبرر ويفند قراراته ويدافع عنه باسمه، وكثيرا ما جاءت ردود اللجنة مبتورة ودفاعها غير مقنع البته وعلى طريقة رقع يا مرقع مما اعطى مساحة اوسع لمنتقدي التحكيم للخوض في قضاياه وانتقاده وكيل الاتهام لكل حكم مهماكان مستواه، وفي الوقت الذي يكون فيه هذا الحكم مسلوب الاراده غير قادر على الدفاع عن نفسه في انتظار دفاع اللجنة.
ومن هنا جاءت ظاهرة اطلاق الاتهامات للحكام قبل بداية المباراة بأيام لمعرفة البعض بأن مثل هذه الاتهامات ذات تأثير مباشر على الحكم وكثيرا ما تزعزع ثقته في نفسه الأمر الذي ينعكس سلبا على قراراته ويصيبه بالارتباك.
كما ان تأثيرها لا يقتصر على نفسية الحكم، بل تؤثر في اللاعبين انفسهم فيصبح لديهم تصور مغاير عن الحكم ويصابون بالتشنج والانفعالية وتكثر اعتراضاتهم على قراراته، وربما اثر ذلك على مستوى المباراة.
كل هذه امور يمكن تجاوزها لو منح الحكم الثقة المطلوبة وحيل دون ظهور مثل تلك التصريحات المسبقة، وسمح له بعد كل مباراة بالدفاع عن نفسه وتبرير قراراته وشرح ما يكتنف ذلك من غموض، لتعود الثقة الى نفسية حامل الصافرة وتتبدل الصورة القاتمة التي يرسمها بعض الاداريين والاعلاميين عن الحكام,, وتساهم اللجنة الموقرة في تشويهها.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved