عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فإن مادة التعبير والانشاء تعتبر من اهم المواد الدراسية التي تعطى للطالب، كيف لا؟ وهي المادة الجامعة والقالب الذي تصهر فيه كافة العلوم والمعارف، كما انها اللبنة الاولى لاعداد الخطيب المفوه، والمرتجل البليغ، والكاتب المبدع.
ان مادة التعبير والانشاء هي البحر الذي يموج فيه الطالب بفنونه وابداعاته وهي الارض الخصبة التي يسطر على ظهرها الوان الفصاحة والبلاغة، كما انها المنبر الاول لابراز تفوقه وقدراته, نعم هذه هي حقيقة مادة الانشاء والتعبير وهذه هي مكانتها بين المواد الدراسية.
عزيزي القارىء: لعلك تشاركني الرأي بأن الكثير من الناس سيتعجب من هذا الكلام عن تلك المادة وعن مكانتها واهميتها، وينبغي لنا الا نلومهم في ذلك لان نظام التعليم -وللاسف الشديد- اغتال هذه المادة وجعلها قيد الاهمال، حتى اصبحت مادة ثانوية لا قيمة لها ولا فائدة ترتجى من ورائها، بل لقد وصل الحال بها ان صارت من المواد المملة والثقيلة على المعلم والطالب.
وانني من خلال - عزيزتي الجزيرة- اوجه هذه الرسالة القصيرة للمسؤولين عن اعداد المناهج وتطويرها في وزارة المعارف آملاً منهم ان ينظروا الى هذه المادة بشىء من الاهتمام والمتابعة سائلاً المولى عز وجل للجميع كل توفيق وصواب واستعين بالله قائلاً: لقد فقدت مادة التعبير والانشاء مكانتها واضمحل رونقها، وتلاشى بريقها والسبب في ذلك يرجع للأمور التالية:
1- عدم وجود منهج معين لهذه المادة المهمة، فهي تعتمد اعتماداً كلياً على مجهودات المعلم ومدى حرصه وعلو همته، ومع ذلك فجهوده لا تثمر غالباً لان الطالب غير مهيأ لقبولها والعناية بها لعدم اقرارها وسؤاله عنها.
2- اعتياد الطالب النجاح فيها بكل يسر وسهولة، حيث ان النجاح فيها مضمون مهما بلغت قدرات الطالب، ومها كان مستواه، وما دام النجاح فيها متيسرا فلم الاهتمام؟؟
3- النظرة الدونية لهذه المادة من قبل بعض الجهات التعليمية المختصة, فحصتها دائماً هي الاخيرة في الجدول الدراسي، كما ان المتابعة لها معدومة، وتنقصها الدقة في منح درجاتها.
4- جهل الطلاب المطبق بأهمية هذه المادة ودورها في صقل مواهبهم وترجمة ابداعاتهم.
5- عدم مؤاخذة الطالب ومحاسبته على ما يرتكبه من اخطاء في اللغة والاملاء والاسلوب وكذا سوء الاستخدام لعلامات الترقيم او اهمالها، اذ لو كان هناك درجات مخصصة لحسن الاسلوب وجودة العرض وحسن الخط والسلامة من الاخطاء اللغوية والاملائية لدفع ذلك كافة الطلاب للاهتمام الشديد بهذه النواحي التي تعلم من خلال هذه المادة.
عزيزتي الجزيرة: هذه ابرز الاسباب التي اسهمت في القضاء على مادة التعبير والانشاء وانعدام فائدتها، ومادام اننا ذكرنا العلة وشخصنا المرض فإنه يحسن بنا ان نصف العلاج وان نبحث عنه بقدر الاستطاعة لعل ذلك يساهم في استئصال هذه العلة او يخفف من آلامها، ولعل من ابرز العلاجات المقترحة ما يأتي:
أ- المبادرة باعداد منهج مستقل لهذه المادة، يتكفل باعداده بعض الخبراء في هذا المجال بحيث يتناسب مع قدرات الطلاب، فيتعرفون من خلاله على اساسيات هذه المادة ومحتوياتها، ويتعلمون فيه اصول كتابة الرسائل والمقالات والخطب وعلامات الترقيم واماكنها,, الخ.
ب- الاهتمام بتوزيع درجات هذه المادة والدقة الكاملة في منحها للطالب، حيث يمكن قسمة الدرجة المخصصة لهذه المادة الى ثلاثة اقسام بيانها كما يأتي:
1- قسم خاص بالاجابة عن الاسئلة النظرية حول محتويات هذه المادة.
2- قسم خاص بالتطبيق الفعلي لما درسه الطالب في هذه المادة، بحيث يكلف بكتابة رسالة او مقالة او خطبة او نحو ذلك، ويعطي الدرجة على قدر المامه ومراعاته لاساليب الكتابة واصولها وحرصه على علامات الترقيم.
3- وقسم يخصص لقدرة الطالب على الالقاء امام زملائه ومدى ثقته بنفسه وجودة اسلوبه وسلامة لغته، ويجتهد المعلم في تقدير هذه الدرجة اثناء سير الدراسة من خلال التقويم المستمر والمتابعة الدائمة.
ج- وضع درجة خاصة لجودة الكتابة وحسن الاسلوب في كافة المواد وهذا النظام يساعد على ربط الطالب بما يدرسه في تلك المادة ويزيد من حرصه واقباله على مافيها من المعلومات والقواعد.
د- اقرار هذه الحصة على كافة المراحل والاقسام، فليس من المعقول ان يحرم طلاب العلوم الطبيعية في الثانويات العامة من فوائد هذه المادة ودورها الهام في تحسين اساليبهم الكتابية والالقائية، كذلك لابد من اختيار الحصة المناسبة لهذه المادة بحيث تكون من ضمن الحصص المتقدمة لاهميتها الكبرى.
ه- تكثيف الجهود لبيان اهمية المادة من خلال الاذاعة المدرسية والصحف الحائطية وكافة القنوات التي تتصل بالطالب اتصالاً وثيقاً، كيف لا وهي المادة التي لا يستغني عنها كافة الطلاب في دراستهم وبعد تخرجهم فلا المعلم ولا الداعية ولا الطبيب ولا المهندس ولا,, الخ يستطيعون الانفكاك عنها وعن فوائدها.
عزيزتي الجزيرة:
هذا ما حوته جعبتي من رؤى واقتراحات واعلم ان لدى الجميع علما بها او اكثر منها ولكن - ومن باب الحرص على ابنائنا الطلاب -خط القلم هذه الكلمات عبر اغلى الصفحات!,.
اسأل المولى عز وجل ان يوفق الجميع للأخذ بأسباب النجاح والخير في الآخرة والاولى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحمد بن محمد البدر
الزلفي