عزيزتي الجزيرة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
اطلعت على مقال الدكتور محمد الصالح بجريدتكم الغراء العدد 9648 الصادر بتاريخ 11/11/1419ه في الصفحة الاقتصادية بعنوان (نظام التأمينات الاجتماعية وقضايا السعودة) حيث اعرب الدكتور عن قلقه من ان المسعى الحالي لازالة (الفوارق) بين نظام التأمينات بالنسبة للعامل السعودي بالقطاع الخاص ونظام التقاعد المدني قد يحد من سعودة وظائف هذا القطاع بسبب زيادة اشتراكات التأمينات على العامل السعودي وما اقترحه الدكتور من ان يتم زيادة اشتراكات تأمين العمال الاجانب بنسبة متساوية مع علمه ان التأمين على العمال السعوديين يشمل تأمين المعاشات وتأمين الاخطار المهنية في حين ان العامل الاجنبي لا يؤمن عليه إلا في الاخطار المهنية فقط.
وبحكم قربي ومعرفتي بالانظمة التقاعدية فإنني لا أؤيد اقتراح الدكتور لانه يستند فقط على العاطفة, واقدم بدلا عن ذلك اقتراح بديل وهو: (إلغاء مكافأة نهاية الخدمة واعفاء صاحب العمل من دفعها للعامل السعودي) وابقائها للعامل الاجنبي فقط مع عدم زيادة نسبة اشتراكات التأمينات الاجتماعية والابقاء عليها كما هي وستثور على هذا الاقتراح الكثير من الاعتراضات، ومن اجل ذلك سأوضح الامر على النحو التالي:
أولا : في الحقيقة لا يوجد فارق يذكر بين المعاش المقدم من نظام التقاعد المدني وذلك الذي يقدم من نظام التأمينات الاجتماعية حتى ينظر في امر زيادة نسبة اشتراكات التأمينات الحالية لان نسبة المعاش التقاعدي (2,5%) من الراتب عن كل سنة) بينما هو في التأمينات (2%) ويتلاشى هذا الفرق البسيط لان التأمينات تدفع بدل إعالة للاسرة نسبتها (20)% من المعاش بينما لا يوجد هذا البدل في نظام التقاعد المدني ولو ضرب مثال لموظفين يخضعان للنظامين بنفس مدة الخدمة وبنفس الاجر سيتضح ضآلة الفرق بين المعاشين, أما ما يجري الآن من دراسة لتطوير نظام التأمينات فهو في امور اخرى غير مقدار المعاش مثل وضع حد ادنى للمعاش وربما السماح بالتقاعد المبكر وتوسيع نطاق التأمينات ليشمل فئات جديدة من عمال القطاع الخاص وأمور أخرى فنية بحتة.
ثانيا: إذا أعفى اصحاب الاعمال من دفع نهاية الخدمة (دون اثر رجعي) للعمال السعوديين وبقيت تصرف للعمال الاجانب لانهم لا يستفيدون من تأمين المعاشات، سيتساوى ما يدفعه صاحب العمل على العمال لديه من الفئتين لانه سيدفع عن العامل السعودي لاشتراكات تأمين المعاش ما مجموعه 96% من راتب شهر واحد في السنة الواحدة (8% عن كل شهر) (اي اقل من راتب شهر) في حين سيدفع للعامل الاجنبي راتب شهر كل عن كل سنة كمكافآة نهاية الخدمة على ان يظل ما يدفعه صاحب العمل كتأمين للاخطار المهنية للفنيين متساويا وهو بمقدار (2% من الاجر), وهذا يتساوى ما يدفعه صاحب العمل عن الفئتين.
ثالثا: مكافأة نهاية الخدمة فرضت قانونيا في الاصل لمواجهة الظروف التي قد تحصل للعامل بالقطاع الخاص من عجز عن العمل او وفاة ويصبح هو او عائلته بدون دخل وذلك قبل تطبيق نظام التأمينات حيث استبدل هذا المفهوم بعد ذلك بالمعاش التقاعدي.
رابعا: مكافأة نهاية الخدمة كدليل على صحة ما سبق ايضاحه غير مقررة في نظام الخدمة المدنية للموظفين الرسميين لان الدولة استبدلتها بدفع (9%) لصندوق التقاعد المدني وذلك لصالح كل موظف (وهي ما تسمى بالحصة النظيرة) للمساعمة في المعاش التقاعدي للموظف.
خامسا: وكدليل آخر على ان مفهوم مكافأة نهاية الخدمة قد استبدل بالمعاش التقاعدي هو عدم النص عليها في غالبية انظمة العمل والتأمينات الاجتماعية في دول العالم بل ان بعض الدول التي تأخرت في تطبيق نظام التأمينات وكانت تنص انظمة العمل بها على دفع مكافأة نهاية الخدمة للعامل قد ألزمت اصحاب الاعمال بدفع هذه المكافأة لمؤسسة التأمينات الاجتماعية عند بدء تطبيقها لتقوم بدورها باحتساب هذه الخدمة السابقة كمدة تأمين للاستفادة منها عند حساب معاشات العمال وأوقفت سريان مفعول هذه المكافأة عن اصحاب الاعمال بعد ذلك.
وأخيراً آمل ان يحظى هذا الاقتراح بالعناية من قبل المختصين والمسئولين بوزارة العمل لعلاقة هذا الاقتراح بنظام العمل وكذلك المسئولين بمجلس الشورى الذين يدرسون حاليا تطوير نظام التأمينات، وبهذه المناسبة آمل ان يدرس نظام العمل الى جانب نظام التأمينات لعلاقتهما ببعض,, والله من وراء القصد وهو الهادي الى سواء السبيل.
ظهران بن أحمد الغامدي
الطائف