Thursday 8th April, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الخميس 22 ذو الحجة


عالم الشخوص والشخصيات 2-2
من أسرار الكتابة
عبد الباقي يوسف

إذن فشخوصنا يتنفسون هناك عندما نذهب نحن للتنفس هناك وهذا بالطبع لم يعد مصدر قلق وازعاج لنا فاي عمل في العالم لا يحمل المخاطر وروح المغامرة ولا يجلب لصاحبه الارق هو عمل ناقص، والانجازات الكبرى هي التي تصطحبها الالام الكبرى فحتى لو كنت صاحب حانوت قد تتعرض لمخالفة تموينية او كنت مهندسا تتعرض لمخالفة قانونية وقد تتوقف بهذه المخالفة وكذلك الكاتب يتعرض لمخالفة (رقابية).
اذن نحن الذين ننتج الشخوص وهم الذين يسعدوننا ويحزنوننا ويقدموننا مثلما نحن نقدمهم.
هناك في اعماق كل شخص يستقر عالم كامل مستقل ومتفرد كفردانية اي فرد وعلينا ان نتصوركم من العوالم موجودة في اعماق عدد سكان العالم عندما يولد الانسان يولد معه عالمه المختلف كليا عن عالم اي كائن آخر غيره، كل انسان يأتي بالجديد الذي لم يكتشف من قبل ويعيش تفاصيل حياتية لم يعشها احد قبله وينظر الى الحياة نظرات لم ينظرها احد قبله وهذه الاستقلالية الذاتية والروحية تفرز التمييز الفردي وايضا تولد منها النرجسية بمختلف مستوياتها ونزعاتها.
اذن الفرد واي فرد هنا بمفهومه ومواقعه يعرف ما لا يعرفه غيره ولديه ماليس لدى غيره ولديه ثقة بنفسه اكثر من اي شخص اخر وايضا ربما يعلم المجهول او شيئا من الغيب بحدسه مثلا, قد نلنقي بشخص يقال بانه عندما يلقي بنظراته على اي شخص اخر فانه يستبطن ان كان سيعيش طويلا او لا او يقول اخر بان حادثة ما ستقع او غير ذلك او ان شخصا ما نسمعه في احدى المناسبات يقول بانه يعلم اشياء خفية تخص جماعة او مدينة او دولة بحدسه فيصح ما يقوله فيما بعد بكل هذا الذي ربما يكون فارغا وهذيانا اريد ان امهد لا قول بان علينا ان نحترم الناس اجمعين على مختلف مستوياتهم الفكرية والعقلية والشخصية والاجتماعية والميولية وعلى هذا لا يوجد اغبياء في العالم فكل انسان يحمل في روحه اسراره وخفاياه وليس هناك ابشع من ان يتعرض شخص ما للاستفزازات ويرغم عليه السكوت بالتهديد والوعيد لانه يريد ان يبوح بشيء يسري في كوامن اعماقه، ليس بمقدور شخص ان يفكر نيابة عن اربعة اشخاص فكيف يفكر ويقرر بدلا ونيابة عن الف شخص او مليون شخص وهو بذات الوقت يعجز ان يغور في اعماق شخص واحد منهم ويعجز ان يسمع الحديث الخفي الذي يتمتم به هذا الشخص في قرارة سره, نحن لا نستطيع ان نفعل شيئا بدون الاخرين ولا نستطيع ان نحقق شرط وجودنا الانساني بدون احترام الاخرين وعلينا ان نعترف باننا من صناعة الاخرين من صناعة افكارهم ورعشاتهم وطاقاتهم وآلامهم ولقد صنعونا فكيف نحاربهم ونعيش في قطيعة عنهم او نتعالى عليهم وقد اطعمونا حليبهم وخبزهم وزيتونهم وبصلهم وعدسهم,, نستعبدهم او نستهزىء بهم نشجعهم او نسخر منهم اي فرد هو امتداد للغير واي حادث يصيب اي طفل في اي قرية من قرى العالم فهو اصابة لسكان الارض اجمعين.
نحن ننظر الى اي شخص على انه يعلم ما لانعلم وندنو منه ونتعلم منه حتى لوظننا للوهلة الاولى بانه سفيه وما ادرانا انه لا ينظر النظرة ذاتها الينا - فلديه ماليس لدينا واوتى ما لم نؤت مثلما اوتينا مالم يؤت اذا زعمنا هذا فنحن نعيش بفضل الاخرين ولكل شخص فضل على الاخر سواء من الاموات او الاحياء نحن ندين للعالم بتعلمنا اللغة واستماعنا الموسيقي وتعلمنا السباحة وقراءاتنا للروايات المذهلة والقصائد الجميلة وسكنانا واستخدامنا للاختراعات البشرية وبقدر هذا الاعتراف علينا ان نصر على وضع لبنة على عمارة الحياة الخالدة التي وضع اساسها اجدادنا اولئك القدامى علينا أن نحترم حتى اشخاص الروايات ان نحترم نبلييسيون لدى غريما لسهو من وروكنتان لدى سارتر وميرسو لدى كامو وعائلة تيبو لدى مارتان وقبيلة موهيكان لدى كوبر واهل رانتزو لدى اركمان والفلاح المنحرف لدى نيكولا والاخوة كراما زوف واعتقد مانزال جميعا نحب الاخرين نتعلم السماح والهبات نعطي للاخرين حتى ثيابنا وما في جيوبنا لاننا من صنعهم واخذنا منهم ما هو اهم وارحب نستطيع ان نمسح دمعة ما ونضع مكانها افترارة ثغر، الشمس تشرق وكل ما حولي يصرخ ويقول انها حياتنا الرائعة التي تحمل لنا مفاجآت مذهلة لم نسمعها من قبل ستهبنا هدايا لم نرها من قبل انها حياتنا السحرية المدهشة التي ستهبنا اسرارها ودفئها وشمسها ونسيمها واوراقها,, غدا ستنفتح ورود اكثر اريجا,, نرى انهارا اكثر دفئا,, نسكن بيوتا اكثر امنا,, نعرف اصدقاء اكثر اخلاصا,, نسمع اغنيات لم نسمعها من قبل نلبس ثيابا لم نلبسها من قبل,, ونعيش حياة لم نعشها من قبل, غدا الذي يكون كله لنا وغدا ننجب اطفالا لم ننجبهم من قبل ننشد اناشيدا لم ننشدها من قبل غدا الذي يكون الاجمل والابهى.

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved