مطبوعة وليدة رأت النور في بلاد الانكليز، وتشرق علينا من عاصمة الضباب، فتبعث الدفء في القلوب والامل في الصدور لانها تحمل راية ادبنا المعاصر خاصة الى خارج حدود الوطن العربي والامر الذي يجعل بانيبال جديرة بالاحتفاء هي انها تصدر باللغة الانجليزية هذا المولود الجميل يدخل عامه الثاني وئيد الخطى بثقة، ومزهوا باحترام القراء من ذوي الاهتمام والتخصصص بالاداب الاجنبية، وبالتحديد بالادب العربي الحديث او المعاصر.
لم تتح لي فرصة الاطلاع على جميع اعداد بانيبال التي صدرت قبل عدد ربيع 1999 الحالي (وهي اربعة حتى الآن - ثلاثة صدرت عام 1998) الذي يؤرخ للعام الثاني لميلاد هذه المطبوعة وارتكازا على ما حفل به هذا العدد، فانني اشعر بالغبطة الحقة لميلاد بانيبال فقد وجدت فيها ما نفتقده كثيرا من وهج وثراء فكري عندما نقرأ المطبوعات الاخرى العديدة المتخصصة منها وغير المتخصصة والتي تنهال علينا انهيال السيل العرم سواء تلك التي تصدر باللغة العربية ام الانكليزية.
اخذت بانيبال اسمها كما تقول من اخر ملوك الاشوريين اشور بانيبال الذي كان مولعا بالفنون والآداب وشهدت نينوى في عصره اهم منجزاته على مستوى امبراطورية الدولة الاشورية، الا وهو تأسيس اول مكتبة منظمة في الشرق الاوسط القديم واشتملت المكتبة كما تؤكد المجلة وحسبما اوردته الموسوعة البريطانية على الواح الاجر كتبت عليها نصوص الملاحم الشهيرة عن حضارة ما بين النهرين، وقصة الخلق والطوفان وملحمة جلجامش، والحكايا الشعبية (الفلكلور) والامثال والصلوات باللغات السومرية والبابلية والاشورية.
يلاحظ القارىء ان بانيبال هي ثمرة جهود ابداعية مشتركة بين الناشر مديرة التحرير السيدة ما رجريت اوبانك ، وبين زوجها العراقي المغترب، السيد صموئيل شمعون يعاونهما فريق من المحررين المستشارين صحافيين وكتاب وشعراء، كالشاعر المعروف سيف الرحبي، مؤسس مجلة نزوي العمانية، والشاعر الصحافي محمد علي فرحات، والاديب خالد المطوع، واخرون.
ان اختيار بانيبال للنصوص المترجمة، او مراجعة كتاب معين لا يخضع لقاعدة محددة تنتجها المجلة كما أوردت المحررة، بل: نحن نحاول ان نفتح بابا هنا ونافذة هناك، نطل من خلالها على مجمل بيت الادب المعاصر.
اما عن التوزيع، فالمحررة تعترف بصعوبة هذا الامر، وتقول: لعل هناك العديد من المطبوعات الصادرة تتناول الادب العربي المترجم للفرنسية خاصة ، وتحظى باهتمام عالمي ، غير ان بانيبال ما تزال تسعى بافضل الطرق للوصول الى ارفف المكتبات والتعريف بالادب العربي لذلك نحرص على حضور بانيبال في معارض الكتب المقامة في لندن وبرلين وسيدني .
تفرز المجلة حيزا لا بأس به لمراجعة الكتب الصادرة حديثا وتزكية الجيد منها ووفقا للمحررة، فقد وصل المجلة عدد لا بأس به من الكتب والابحاث الأكاديمية لمراجعتها والتعليق عليها, وهيئة التحرير لا ترى ضيرا في ذلك طالما انه لا يتعارض مع رغبة القراء.
وتشيد المجلة بجهود جماعة القلم العالمية التي اختارت ان تنشر من عدد بانيبال الصادر في صيف 1998 قصة مرايا على الحائط لكاتب الفلسطيني سمير عزام ترجمة ياسر سليمان مدير معهد ادنبرة للدراسات العليا والاسلام والشرق الاوسط.
لانني ساترك الحديث عن محتويات العدد الاخير من المجلة والذي كان محمود درويش محورها الرئيس مع اشارة الى الادب المترجم للحلقة القادمة يحلو لي ان يكون ختام حديثي عن بانيبال بمثل ما اختتمت به المحررة، وهو ان فريق العمل الصغير، وهيئة التحرير ماضون لتحقيق اهداف المجلة بمستوى يليق بالمادة التي وجدت المجلة من أجلها الا وهي تعريف قراء الانكليزية بالادب العربي ومع دخول هذه المطبوعة الرصينة عامها الثاني ومن خلال ما كتب عن اعداد السنة الاولى ، نقر بان بانيبال سائرة الى احسن في شكلها ومضمونها، وهذا بحد ذاته دافع على التفاؤل، لاضطراد التقدم والنجاح وما من شك بان مزيدا من الاشتراكات سيسهم في تحقيق الهدف المنشود.
جهود حثيثة مشهود لها فهيئة التحرير التي غادر افرادها الوطن العربي مغتربين حملوا هموم الوطن في ضمائرهم وافئدتهم نقول: وفقكم الله على جهودكم الطيبة ودابكم الخير لاتاحة الفرصة للكلمة العربية وللفكر العربي ان يسافرا خارج حواجز اللغة وحدود الجغرافيا.
|