Thursday 8th April, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الخميس 22 ذو الحجة


وصول الغريب في (بانيبال)

في واحد من ثلاثة حوارات مهمة وممتعة ومتنوعة (روائي مخرج عالمي، شاعر) احتواها العدد الأخير من مجلة (بانيبال) التي تعنى بترجمة الأدب العربي وتقديمه في شكل جميل للقارىء الغربي، يتحدث الشاعر أمجد ناصر، المقيم في لندن عن تجربته الشعرية بداياته تأثره بسعدي يوسف، اقامته في بيروت فقبرص، عن مجموعته الأخيرة وعن الترجمة أجرت الحوار رئيسة تحرير المجلة مرجريت أوبانك ففي اجابته على سؤال البدايات والمبدعين الذين أثروا فيه ذكر الشاعر أن كتاباته الجادة بدأت في العشرينات من عمره وقد ظهرت قصائده في الصحف الأردنية وأن هذه القصائد كانت متأثرة بالشعر العراقي الذي كما يذكر يمثل التعرف عليه شيئاً غير عادي في الأردن وان جيله هو الذي قام بتقديم الشاعر العراقي الكبير سعدي يوسف للكتاب الأردنيين مشيراً إلى أنه زار العراق في منتصف السبعينيات وعاد بالكثير من الكتب لشعراء عراقيين ويقول ان سعدي يوسف كان مختلفاً عن الآخرين في استخدامه للغة والمجاز في قصائده ، أعطى سعدي انتباهاً تاماً لتفاصيل الحياة اليومية التي لم تكن حتى ذلك الوقت واحداً من الهموم الرئيسية للشعرية العربية .
اكتشاف قصيدة النثر
وعن الفترة التي قضاها في بيروت وتأثيرها عليه يذكر أنه ذهب إلى بيروت في عام 1977 وآنذاك كانت الحرب الأهلية اللبنانية في عامها الثاني ، ويقول ان بيروت تلك الأيام كانت مكاناً للانتفاضة والسلاح أكثر منه المدينة الرائعة للثقافة التي كان يسمع عنها، ويتحدث عن تأثر شعراء كبار بشعر المقاومة الفلسطينية عداه بالرغم من عمله مع الفلسطينيين معتقداً بأنه مدين بذلك لقراءاته المبكرة لسعدي يوسف إلا أن العمل مع الفلسطينيين منحه فرصة كبيرة لأن يكون على اتصال مباشر بالمثقفين العرب الذين جعلوا من بيروت وطنا لهم وساهموا في جعلها مركزاً ثقافياً كبيراً ويذكر أن ذلك المناخ الذي اتسم بتتوع الكتابات واختلافها وتجاورها مع ايدلوجيات معينة, ذلك المناخ مكنه من اكتشاف قصيدة النثر عند أنسي الحاج والماغوط وأدونيس وأنه اتبع في كتاباته هذا الاتجاه الجديد، وبعيداً عن الكتابة التي كان يكتبها في الأردن ويقول ان مايعنيه بقصيدة النثر هو الشعر الحر كما يطلق عليه في الثقافة الغربية والذي لايزال يكتب فيه.
كتابة طليعية في دول الخليج
وعن كونه عرف كشاعر تجريبي وكيف ينظر إلى شعره الآن وهل لايزال يعتبر نفسه تجريبيا يقول ان نوع الشعر التجريبي الذي يكتبه جيله من أكثر من ربع قرن اكتسب الآن مصداقيته الأمر الذي جعله تقريباً جزءا من الاتجاه السائد، لذلك لم يعد صحيحا القول بأنه تجريبي، ويذكر أن جيله كان مسؤولاً عن بروز موجة جديدة في الشعر العربي ثم يتطرق إلى الكتابة الجديدة في الجزيرة العربية بما فيها دول الخليج إذ يرى انها كتابة طليعية وانه خلال العشر السنوات الأخيرة ظهر سيل من الكتابات الجديدة في هذه المنطقة,.
ويعود ليقول إنه لايعتبر نفسه شاعرا تجريبيا ولم يتق إلى أن يكون واحداًمنهم وأنه لم يعد يؤمن بأن هناك شكلا شعريا رئيسيا وأن الشعر بالامكان ان يكتب في طرق مختلفة باختلاف الشعراء,.
وعن مجموعته الأخيرة مرتقى الأنفاس التي صدرت عن دار النهار قال إنها عبارة عن محاولة لاستجلاء وتوضيح تجارب أبي عبدالله، آخر ملوك الأندلس وليس على الصعيد التاريخي على الصعيد الوجودي وأنه يفكر في سؤال الضياع وماذا كان معناه هناك وماذا كانت مشاعرهم حول فقدان أماكن الطفولة والمياه الجماعية تحت سماء واحدة, ويقول إن مجموعته الأخيرة حاولت اثارة هذه الاسئلة وليست محاولة للحط من أبي عبدالله الصغير ومسؤوليته عن ضياع آخر القلاع العربية في الغرب ويضيف أنه سحر بالفكرة التاريخية للنهاية وأن القصائد تتبع الخطوات الأخيرة لأبي عبدالله في غرناطة ليس فقط وهو يسلم المفاتيح للمنتهزين بل أيضاً طفولته ، ذكرياته، أحلامه ولحظة الوجود المشترك بين شعبين مختلفين.
وصول الغرباء
وعن كيف وجد الحياة في نيقوسيا ولندن بعد سنوات من السياسة والحرب في بيروت ، قال إنه عاش في قبرص خمس سنوات كان يعمل فيها كصحفي في مجلات عربية وأكمل هناك واحدة من مجموعاته الشعرية رعاة العزلة وانه كان متأثراً بخروجه من بيروت بعد اجتياح اسرائيل عند وصوله قبرص، وأنه عدا الجانب السياحي فهو وعدد من الفلسطينيين والمثقفين العرب لم يستطيعوا تعلم أي شيء كانت بيروت بالنسبة لهم مثالاً للفردوس المفقود والميزة الوحيدة لقبرص هي القرب الجغرافي من بيروت ليحاولوا منها اختطاف بعض النظرات على بيروت.
ويذكر أنه في عام 1987 ترك قبرص إلى لندن المدينة التي لم يتخيل ابداً أن ينتهي بالعيش فيها، وفي لندن كتب قصائد صدرت في مجموعة بعنوان وصول الغرباء .
وكما يشير العنوان فالقصائد تواجه قضية محددة.
نحن أموات في عيون الغرب
عن الترجمة وأهمية ترجمة الكتاب المعاصرين إلى الانجليزية وهل هناك شعراء معينين يرى وجوب ترجمتهم ، يذكر أنه لايوجد اهتمام حقيقي بترجمة الأدب العربي وان الغرب يهتمون فقط بسياسة المنطقة أكثر من اهتمامهم بالحضارة والأدب العربيين في حد ذاتهما وان هذا الموقف السلبي تجاه ترجمة الأدب العربي,, مختلف عن الموقف تجاه آداب كل من امريكا الجنوبية واليابان وافريقيا ويرى ان السبب وراء هذا هو أن الغرب لايصدق أن الرجل والمرأة العربيين مخلوقان بشريان يعيشان الآن وأن تركيز الغرب على ترجمة الأدب العربي الكلاسيكي القديم يدل على أن العرب ليسوا احياء في رأي الغرب، وأنه إذا كان قد ترجم بعض الكتاب الحديثين فلأن الغرب على مايبدو يهتم بزاوية النظر الانثريولوجية الاجتماعية خاصة, عندما يكون الكتاب نساء ويعتقد الشاعر أمجد ناصر أن هذا يفسر لماذا نجيب محفوظ لم يترجم كثيراً قبل فوزه بنوبل وأن الوضع نفسه مستمر بالنسبة للكتاب الآخرين ويطرح ان الكثير من الترجمات قد انجزت من مترجمين متعاطفين مع العالم العربي وليس من الناشرين أنفسهم ويرى أن اهتمام الغرب بسياسة المنطقة والاقتصاد والنفط وبيع الاسلحة يعني استمرارية نمط التفكير الذي يقصي الابداع الادبي العربي.
ويقول إن الغرب سيأخذ وقتاً طويلاً حتى يفهم ماذا يجري في الجزء الشرقي من المتوسط وان حقيقة العالم العربي ليس كما تطرحها رؤية الاستشراق التي صنعت منذ وقت طويل من قبل الغرب ويذكر أن الحكومات الغربية تعتقد أن الإسلام هو العدو الجديد مع أنه يوجد الكثير من المذاهب المختلفة في الإسلام ويخشى ان هذه الصورة عن العرب كعدو ستظل وحتى تعدل لن تكون أي خطوة قوية لترجمة الأدب العربي وبالنظر إلى الترجمات الشعرية يرى الشاعر أنه يوجد عدد من الأسماء الكبيرة جداً, لكن بالمقارنة توجد ترجمات قليلة لأعمالهم ، فمثلاً لاتوجد ترجمات لائقة لأعمال أدونيس أو درويش أو أنسي الحاج أو الماغوط ويتساءل لماذا الترجمات فقط في الأنطولوجيات؟
ويرى أن الأمر كان مختلفاً مع مستعربي القرن التاسع عشر ويبرر ذلك بأنه حينها لم توجد مشاكل مع النفط ولادوافع لزعزعة الأنظمة,, وأن اشياء كثيرة اجتمعت لتحطم الجانب المضيء للعالم العربي الجانب الذي الآن فقط يبدأ بالنهوض مرة أخرى, ويختتم الشاعر حديثه عن الترجمة بالتطرق إلى عالم النشر في العربية ليقول إن المراكز الأدبية التقليدية في القاهرة بيروت، دمشق وبغداد لم تعد وحيدة الآن فهذه المراكز تفشت نتيجة لحركة النشر والكتابة الجديدة في المغرب العربي خاصة المغرب وفي دول الخليج والأردن, ويرى ان ليس هناك لامركز ولاهامش حتى في القاهرة وبيروت اللتين سيطرت دور نشرهما على العالم العربي، وأنه يوجد الآن عدد متزايد من الدور الصغيرة التي تعتبر نشطة.
حداثتنا لن تكتمل إلا باعتراف الآخر
واخيراً عن عمله كمحرر ثقافي في صحيفة يومية حيث يقول الشاعر أمجد ناصر إنه ينشر الأدب الحديث وكل مايمكن ان يسهم في الحداثة في العالم العربي كلاً من الشعر الرواية القصة القصيرة نقد أو حوارات الشيء الذي سيحدث صدمة حديثة على القارىء ويضيف انه بسبب تركيزه على الحداثة فهو لاينشر أي شعر تقليدي بالرغم من أن هذا شيء عادة لايمكن تجنبه في الصحافة العربية، انه شكل ميت وغير ممكن أن توجد فيه شعر جدير بالاهتمام ويقول إنه يريد هوية ورسالة للقسم الثقافي أنا أنشر ما أعتقد أنه سيسهم ويثري حياتنا لأنني انتمي إلى هذا العالم الحي ونحتاج إلى أن نكون جزءا من المشهد العالمي ويذكر أن جزءا من رسالته تأكيد الانفتاح على كتابات الجيل الجديد، ذلك أن هذا الجيل كما يقول من واقع خبرة يجد صعوبة في النشر، ونسبة كبيرة من ماينشره تعود إلى هذا الجيل.
وفي النهاية يتحدث عن الصحافة العربية في الغرب إذ يرى أنها مأساة فأن تعيش في الغرب وتمارس الحياة على نحو دائم هناك وتقرأ الصحف والأدب الغربيين ولاتستطيع ان تعكس ذلك في الصحف العربية بنفس القدر من الحرية وهو ربما يريد أن يقول إن الصحيفة التي يعمل فيها استطاعت أن تحقق تلك المعادلة وبشكل لافت في حين الكثير من الصحف هناك لم تستطع ذلك لاعتبارات معينة لا نستطيع أن نكون مثل القارديان مثلاً هذه مأساتنا نحن نرى التلفزيون ، الأفلام، نلتقي الناس، نعيش في المجتمع ، لكن لانستطيع ان ننشر بنفس الطريقة التي يفعلون .
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved