استبشر الطلاب والباحثون العرب في صدور أول موسوعة عربية متكاملة من المملكة العربية السعودية، وقد صدرت مؤخرا الطبعة الثانية للموسوعة والتي اشرف عليها الدكتور سعد البازعي، الاستاذ في كلية الآداب بجامعة الملك سعود.
هذه الطبعة المنقحة، كما يقول البازعي، احتوت علىتعديلات كثيرة واضافات جديدة، وهذا أمر طبيعي في كل عمل موسوعي إذ لابد من ملاحقة الاحداث ومواكبة ما يستجد على الساحتين الاسلامية والعالمية، كما انه من الضروري الانتباه إلى ردود الفعل والاستجابات والملاحظات التي وردت من القراء والمتابعين لهذا الاصدار الضخم وذلك لمعالجة بعض الاخطاء في الطبعات اللاحقة او تبني اضافات جديدة تستدعيها الحاجة الآنية.
والموسوعة تقع في ثلاثين مجلدا شارك في كتابتها اكثر من ألف عالم ومتخصص قاموا بالتأليف والترجمة - بحكم ان الموسوعة هي في الاساس ترجمة لموسوعة اجنبية معروفة - وهذا يعني بالتأكيد اهمية هذا المنجز وضخامته مما يجعل الطلاب والباحثين والمؤسسات البحثية يسعون الى اقتنائه والرجوع إليه بلغتهم الام دون الحاجة الى تعلم اللغة الانجليزية لمطالعة المواد البحثية التي قد يحتاجون اليها في الموسوعات الاجنبية.
لكن، ورغم اهمية التعديلات والاضافات إلا انها لا ترقى الى اهمية اصدار الموسوعة في اسطوانة CD تمكن الباحث والطالب من مراجعة الموسوعة عن طريق الحاسب الآلي، إذ ان الحيز الكبير للموسوعة (ثلاثين مجلدا) والسعر الكبير للموسوعة هما من اهم الاسباب التي قد تبعد القارئ عن هذا المنجز الفكري المهم.
ولا يخفى على الدكتور سعد البازعي بصفته رئيسا لتحرير الموسوعة العربية اهمية التبكير والتعجيل في الاصدار الآنف الذكر لأننا اليوم نعيش ثورة معلوماتية كبيرة يلعب فيها الحاسب الآلي دورا كبيرا قد يؤدي في النهاية الى الاستغناء عن الكتاب، كما ان المساحة الكبيرة التي تشغلها الموسوعة يمكن اختصارها باسطوانة ممغنطة واحدة احتفظ بها في جيبي وتكون قادرة في الوقت نفسه على احتواء ثلاثين ألف صفحة من الوثائق والمعلومات.
أما الحجة التي يتمسك بها البعض في ان الموسوعة في بداية عهدها وهي بحاجة الى ان ترسخ أقدامها ماديا فهو كلام يمكن ان يكون مقبولا قبل ثلاثين سنة من الآن، اما الوضع الحالي فلا يسمح بتأخير اكثر من ذلك, كما ان الموسوعة تحرم نفسها من الاستثمار في جانب مهم وقطاع عريض قد يجلب لها عائدا ماديا جيدا.
أعرف ان ذلك قد يبدو صعبا لكني اعرف في الوقت نفسه ان هناك موسوعات عالمية، قد استفادت منها الموسوعة العربية نفسها، وقد صدرت في اسطوانات مدمجة وأستطيع ان اقتنيها في جيبي دون ان اتكبد عناء حمل وتنظيم وتنظيف الموسوعة من الغبار الذي قد يعتري الثلاثين مجلداً! أما الميزة الوحيدة والمهمة التي افتقدها عند اطلاعي على الموسوعات الاخرى فهي اللغة العربية بكل معانيها الجميلة وايحاءاتها الآمنة.
ان اصدار الموسوعة في اسطوانة مدمجة يعني امكانية اصدار طبعات جديدة ومنقحة تظهر كل عامين مثلا باضافات تسمح بها التقنية الحديثة مثل الصور والمؤثرات الصوتية والفيديو وغيرها، كما هو الحال في الموسوعة البريطانية، وموسوعة انكارتا، وموسوعات اخرى كثيرة يزخر بها السوق، ويمكن الابتداء اولا بإصدار الموسوعة نصا وصورا، ثم إصدار طبعات اخرى تحتوي على الصوت والمؤثرات الاخرى متعددة الوسائط multimedia حتى تضمن تواجدا تقنيا ملحا يرسخ اقدامها فعلا.
بعد ان ظهرت الموسوعة العربية كأول اصدار من نوعه في العالمين الاسلامي والعربي، وهي الخطوة الاصعب، فهل تستطيع ان تتجاوز تحديات التقنية المعاصرة التي هي بالاصل نتاج بعض مجهودات الثقافة العربية القديمة ان ستقف منها موقف المتفرج متخذة اسبابا وحججا واهية؟
ذاك سؤال للتأمل فقط، ليس إلا!
خالد العوض