Sunday 4th April, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأحد 18 ذو الحجة


غيوم غبار
محمد الحوراني

لهذا اليباب الذي يتيبسُ في
مُقلتي,.
وللأرض وجهُ الطريق الذي عبَّدَتهُ الضلوعُ
وجمرةُ هذا الضباب الخفي,.
ولي ماتمدد - بين الرماد -
يسافرُ في ليله المُخملي
ويكبُرُ بين حصادِ السنينِ غريباً,, يتيهُ
بصحراءِ روحي,.
ويمحو النضارة في وجنتي
فيقتلُني صوتُ هذا الجنوب:
هرِمتُ,.
هَرِمتُ,.
وشاركني الزيزفونُ,, وماجَ
بظلِّي السنونو
وراح يرددُ صوتي,, فينداحُ في الأفقِ
هذا اليبابُ الذي يتبدَّى
بثوبِ الأقاحِ النديّ,.
ورُحت تشاركني في الرحيل
فأيُّ الجهات ستؤوي الرماد الذي
قد تبقى
وأيُّ المواسم سوف تكونُ لنا في المساءِ
الأخير,,!؟
لنا ,.
رجَّةُ الشوق عند اندلاع الغروب,.
وشمعةُ هذا المساء القتيل
تُشاركني في الرحيل
وينقُش وجهك صوتي
فأيُّ مدى سوف يورفُ هذا الرماد الهزيل
رأيتُك تكبُر بين ضلوعي
ويغسلُ روحك فيضُ دموعي
رأيتُك أكبرَ من صمتنا الأزلي,.
لعلَّك تعلمُ
كم تشتهينا الدروبُ لتروي صداها
وتعلمُ انَّ الصحارى عطاش
وأنَّ السفوحَ التي تتردى,, هوامش هذا
اليباب الذي يترجلُ عن جمرتين
تنامان بيني وبين يدي,.
ورجعُ الصبايا,, وموتُ الصحارى
يلوحان في أفقنا القرمزيّ,.
أهبُّ,.
تهبُّ جميع الخطى,, لتستبق الروح,.
والموتُ ينزفُ من كلِّ شقٍّ
بهذا اليباب
فأرجعُ نحو انطفاء الزمان,, لعلَّ الجدار
يردُّ الثواني إلى مخدعي المتماثل نعشاً,.
لعلَّ الرماد الذي يتغشى عيوني
يصير غماماً
ويحملني فوق هذا التراب,.
لعلَّ الجموع التي قاتلتني,, تفرُّ إذا
ما تمادى انتشارُ الضباب,.
لعل الزمانَ الذي يشتريني من الموتِ
كي يَتَفَنَّن في رسم نعشي,.
يُلَملِمُ روحي
ويحملُ نفسي إليّ
ويحرق هذا الضباب الذي يتبدى
بثوبِ صبيّ
أسافرُ فيك،,, ومنكِ إليّ
أسافرُ في صومعاتِ الترابِ,.
وأتخذُ الحبَّ ماءً,.
هي الارضُ هذي التي تغسل الموتَ
بالموتِ,, والدمَّ بالدمِّ,.
تسخرُ منِّي,.
- أحبُّك,.
رغم السوادِ الذي ترتدين
أعيدكِ طفلة هذا الحنين,.
أشقُّ انشطاري لديكِ,.
وألتفُّ حولَ يديكِ
سواراً من اللوزِ,, والجلنار
وأغسلُ منديلكِ الحجريِّ بشعلةِ روحي
وأعبرُ باحة هذا الركام الذي يتثاءَب
فوقَ الجدار
أعودُ,, أعودُ لأطلب روحي التي تتشظَّى
وتبحرُ مع قطراتِ البخار,.
أعودُ,, لأقتسمَ النارَ مع من تغسَّل بالنارِ
قبلَ انطلاقِ القطار
أعودُ إلى حيثُ أحلمُ بالزنبقِ المتمددِ
في شُرفاتِ النهار,.
أعودُ كما جئتني يوم كنتُ صبياً,, يطاردُ
شمس البراري,, يلملمُ حلم الغيومِ
يرسمُ صورتَهُ
وهو يكبرُ,.
يكبرُ,.
يكبرُ,.
في غيمةٍ من غبار
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved