* برلين (د,ب,أ)
تبدو القصة غريبة حيث يسترجع احد الاشخاص الذي طالماتعرض لاضطهاد مخابرات المانيا الشرقية السابقة ستاسي بسبب ارائه السياسية ذكرى اليوم الذي وجد فيه شقته قد اقتحمت ولم يسرق منها شيئ سوى مناشف الحمام الملونة.
وتقول الطبيبة النفسية راينهيلد هولتر التي لم تستغرب اختفاء المناشف هذا بالضبط اسلوبهم وتضيف قائلة ان هدفهم كان اخافة الضحية وتدمير ثقتها بنفسها .
وفي كل حالة كان الشخص المعني يعتقد ان قصته لن يتم تصديقها فلماذا يخبر الشرطة اذن ويظل لديه شعور بقلة الحيلة في مواجهة قوى عليا.
وكانت السرقة تهدف ببساطة الى تعميق الشعور بالخوف والرهبة.
وتنصت هولتر لمثل هذه القصص كل يوم تقريبا حيث تعمل في برلين في جيجينفيند وهو المرادف الالماني لكلمتي الريح المعاكسة اما الاسم الرسمي فهو المركز الاستشاري للمتضررين من الحكم الدكتاتوري في جمهورية المانيا الشرقية السابقة ومنذ الصيف الماضي لم تكف اجهزة الهاتف في مكتبها عن الرنين حيث يحاول المئات الحصول على استشارتها الخبيرة.
ويتخصص هذا المركز الاستشاري الجديد في مساعدة ضحايا الاضطهاد والسجن والحرب النفسية خلال فترة الحكم الشيوعي القاسي الذي حكم المانيا الشرقية حتى سقوط سور برلين عام 1989 ويصل عدد المتضررين الى 40 ألف شخص.
ويقع مركز جيجينفيند في غرب برلين ولكن الاطباء ليسوا من الشرق الشيوعي السابق وتقول هولتر الامر بالغ الاهمية بالنسبة للعديد من مرضانا حيث لا يضطرون لاسترجاع خطواتهم السابقة ويمكنهم ان يتيقنوا من انهم لن يلتقوا باشخاص اعتادوا التورط معهم من قبل .
توتر ما بعد الصدمات
ومعظم المترددين على المركز من الاشخاص الذين تم ترحيلهم الى الغرب بعد ان امضوا فترة في المعتقل وعاشوا هنا منذ الثمانينيات ولكن بعد ان عاشوا حياة مستقرة يجد هؤلاء الضحايا جراحهم تنفتح مرة اخرى بشكل مفاجىء وقد يحدث ذلك من قراءة الملفات المعاصرة عنهم التي كان جهاز امن الدولة او جهاز ستاسي يحتفظ بها عنهم او من خلال مشكلاتهم الخاصة مثل فقدان الوظيفة او الضغط العام لحياة ما بعد العهد الشيوعي وقالت هولتر هؤلاء الاشخاص يصابون بالخوف بشكل مفاجىء وتعتبر المخاوف المغالي فيها والاكتئاب واضطرابات النوم من الاعراض المعتادة بالنسبة لهؤلاء.
وتعتبر هذه الحالة التي اعترفت بها الاوساط الطبية واطلقت عليها اسم توتر ما بعد الصدمات من الامور المهمة بالنسبة للمصابين بها لانها تساعدهم على الحصول على مساعدات او تعويضات مالية.
وتعرف هولتر كل شيء عن جهاز ستاسي الذي استخدم سياسة التدمير النفسي, ولقد تم تدريب العاملين على ما تطلق عليه الدولة اسم علم النفس الفعال
وتبرز الوسائل التي استخدموها من حين لاخر خلال محادثات الاستشارة التي تجري في المركز: تفتيش المنازل دون تحذير والمراقبة الواضحة دون سبب واضح
وكانت مراقبة نزلاء السجون تمتد الى مراقبتهم عند ذهابهم الى دورة المياه بينما ارغم آخرون على النوم في زنزاناتهم والمصابيح مضاءة ليل نهار ومن اساليبهم ايضا مكافأة سلوك ما تارة ثم المعاقبة عليه تارة اخرى.
|