عزيزتي الجزيرة
سألني زائر لموقعي على الانترنيت باستغراب، لاحظت أن عناوين جميع من أراسلهم في بلادكم هي صناديق بريدية، أليس هناك أسماء لشوارعكم؟ أم أنكم تسكنون الخيام وتتنقلون بين مراعي الابل بلا عنوان ثابت؟ أم أن توصيل البريد للبيوت غير معروف لديكم؟
بعد أن تجاوزت صدمة السؤال فكرت لوهلة فيه وحاولت أن أتذكر آخر مرة رأيت فيها سيارة البريد تجوب شوارعنا، أو رجل البريد يدق علينا الباب فلم تسعفني الذاكرة ولابحالة واحدة, بل وحتى خلال عملي بالمؤسسات الصحفية وغيرها لاأذكر أن البريد كان يصلنا، بل نحن الذين نصل إليه، فقسم البريد في كل شركة ومؤسسة عملت بها يرسل كل يوم بمندوبه ليأتي بالبريد من الصندوق ويوصل معه البريد المرسل, وعندما تصل رسالة بالبريد الممتاز أو شحنة أكبر من المعتاد فإن أقصى مايفعله بريدنا المدلل هو أن يتصل بك لتأتي أنت اليه.
هنا، في الولايات المتحدة، كما في معظم بلاد العالم، لاتتعامل مع الصناديق المستأجرة في مكاتب البريد إلا الشركات الكبيرة، فعامة الناس وحتى المؤسسات الصغيرة تستخدم عنوان الشارع لتتلقى بريدها العادي منه والممتاز, كما أن لكل بيت ومكتب أو عمارة سكنية ومكتبية أو مجمع سكني ومصنع وشركة صندوق بريدي خاص به وبها على الشارع أو المدخل توضع فيه الرسائل الذاهبة وتستقبل فيه الرسائل القادمة, وكل مايعوزك لإرسال مكتوب أن تضع على ظرفه الطابع المناسب ثم تلقي به في صندوق دارك أو شقتك فيأتي رجل البريد كل يوم في موعده المعتاد ليأخذ ماوضعت ويضع لك بريدك الجديد، إن وجد.
عملية ميسرة، سهلة تشجع الناس على استخدام البريد في كل أعمالها واتصالاتها الرسمية والاجتماعية بدون همّ الذهاب اليومي الى مكاتب البريد خلال أوقات الدوام الرسمي والبحث عن مواقف والوقوف في الطوابير، إلى آخر المتاعب التي تجعلك تتردد في استخدام البريد وتلجأ إلى الهاتف والفاكس والمواجهة الشخصية بدلاً عنه.
لقد عجبت في بداية اقامتي هنا عندما تلقيت بطاقة تهنئة باحدى المناسبات من جاري عبر البريد، رغم ان بيتي لايبعد عن بيته إلا بضعة أمتار, وتكرر العجب في كل مرة تلقيت فيها رسائل من أصدقاء مقيمين في نفس المدينة.
ثم عرفت ان قيمة الطابع التي لاتزيد كثيراً على نصف ريال هي أقل من تكلفة البنزين الذي سينفقه زائرك حتى ولو بعد عنك بضعة أميال فقط، ووصول الرسالة مضمون خلال يومين، إضافة إلى ميزة الرسالة ومايرافقها من وثائق ومستندات أو ماتحمله من قيمة معنوية كبطاقة معايدة أو رسالة تهنئة بمناسبة سعيدة.
إن للبريد، لو أحسن استخدامه، فوائد عملية عظيمة ولاتحصى, فمن خلال البريد يمكنك التخاطب والتعامل مع الدوائر الرسمية والمصالح التجارية بدون تكلفة وعناء المراجعة الشخصية.
تخيل لو أنك تستطيع بالمراسلة تجديد وثائق كالرخصة والاستمارة مثلاً، وانهاء اجراءات رخصة البناء أو فتح المحل مع البلدية، وتسديد كل فواتيرك والحصول على تأشيرات السفر لك وللأسرة الكريمة، وإنهاء مصالحك مع البنوك والشركات، والتقديم على الهاتف والجوال، وتسجيل الأولاد في المدارس، وانهاء اجراءات استقدام وجوازات واقامات العمال والخدم، والتقدم للمناقصات الحكومية، وغير ذلك من الاعمال والاجراءات التي يكلفك انهاؤها جزءاً كبيراً من وقتك الذي يفترض ان تركز فيه على أعمالك ومصالحك الأساسية لا على عملية التعقيب الدورية في الدوائر العامة والخاصة، أو تحمل مصاريف التعقيب عليها اضافة إلى متاعب ومشاكل المعقبين ومكاتب التعقيب.
لقد استطاعت شركات توزيع الصحف ان تبدأ نظاماً مثالياً يمكن ان نبني عليه، وهو وضع صندوق بريد على مداخل بيوت المشتركين ومكاتبهم يضع فيها الموزع الصحف صباح كل يوم,
أليس بالإمكان ان ينفذ بريدنا الموقر مشروعاً كهذا، حتى ولو تحمل المواطن جزءا من تكلفة الصندوق، بحيث يكون الصندوق نفسه منطلقاً للرسائل الذاهبة بالاضافة إلى وضع الرسائل القادمة فيه؟
أعتقد ان من حقنا على البريد الذي يتقاضى منا قيمة عادلة لخدماته أن يصل هو إلينا بخدماته لاأن نلهث وراءه نحن,
كما أن البريد نفسه سيستفيد من الدخل المتوقع من تضاعف الطلب على خدماته مع التسهيلات المقترحة والتي بلاشك ستشجع الإقبال والاعتماد عليها من قبل المواطن والمصالح العامة والخاصة كما هو الحال في بلاد العالم المتقدمة.
أتقدم باقتراحي هذا إلى وزير الانجاز الدكتور علي بن طلال الجهني آملاً أن يجد فيه مايستحق الدراسة والتطبيق.
خالد محمد باطرفي
طالب دكتوراه في الصحافة
يوجين - الولايات المتحدة