* مكة المكرمة - واس
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خير ماء على وجه الارض ماء زمزم) حينما استبد الظمأ بالسيدة هاجر ورضيعها اسماعيل بن ابراهيم الخليل عليهما السلام سعت السيدة هاجر بين الصفا والمروة تبحث لرضيعها عن ماء وفي هذا الاثناء سمعت صوت الماء يتدفق تحت قدمي اسماعيل فاقبلت عليه وهي تقول (زم زم) فبادرت بجمع التراب حول الماء وشربت وسقت رضيعها.
هذه المعجزة الالهية جاءت تلبية لدعوة ابراهيم الخليل عليه السلام حينما ترك زوجته وابنه الرضيع عليه السلام في مكة المكرمة وكانت ارضا قفرا لا حياة فيها تبعته زوجته وهي تسأله هل امرك الله ان تتركنا في هذا الوادي فقال نعم فقالت اذن لا يضيعنا الله فاستقبل ابراهيم عليه السلام البيت قائلا: (ربنا اني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي اليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون) الآية.
وجاءت قبيلة جرهم واستأذنت هاجر في العيش قرب ماء زمزم فأذنت لهم ودبت الحياة حول البيت الحرام ولكن بعد ان استخفت قبيلة جرهم بالحرم وتهاونت بحرمة البيت نضب ماء زمزم وانقطع حتى غبى مكانه.
وقد بوأ الله سبحانه وتعالى لعبدالمطلب بن هاشم جد رسول الله صلى الله عليه وسلم معرفة مكان البئر فخصه بذلك من بين قريش.
وشهد زمزم على مر العصور العديد من التطويرات ففي خلافة هارون الرشيد ضرب فيها عدة اذراع وفي خلافة المهدي ايضا.
وقل ماء زمزم في عهد الامين فضرب فيها حتى سجل غورها من رأسها الى الجبل اربعين ذراعا كله بنيان وما بقي منه فهو جبل منقول وهو تسعة وعشرون ذراعا,وفي عام 1399 سجل عمق الماء في البئر 6,18مترا وكانت تجري في ذلك الوقت اعمال التوسعة الثانية للمطاف وما تبعها من اعمال حفر حول بئر زمزم, وكانت زمزم مكشوفة حتى عهد الخليفة المعتصم واجريت العديد من الترميمات واعمال التطوير بعد ذلك حتى هذا العهد الذي خص الله عز وجل المملكة العربية السعودية بخدمة الحرمين الشريفين.
ففي عام 1377ه حينما كانت حكومة المملكة تنفذ التوسعة الاولى في المطاف وضع تصميم فريد لعمارة بيت زمزم روعي فيه ازالة ما يضيق على الطائفيين وذلك بوضع بيت زمزم تحت الارض واصبح سقف المبنى مساويا لارض المطاف.
كما جعل للبئر جدار من الخرسانة مكسو بالرخام.
وحرصت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز على جعل ماء زمزم في متناول جميع الحجاج والمعتمرين بطريقة سهلة فتم وضع مجمعات مياه زمزم المبردة في عدد من المواقع داخل المسجد الحرام وخارجه من خلال مجمعات مياه زمزم المنتشرة في كافة انحاء الحرم التي يزيد عدد الصنابير بها عن 733 صنبورا بالاضافة الى البرادات الموزعة في كافة ارجاء الحرم والتي يبلغ تعددها خلال موسم الحج ورمضان المبارك 8 آلاف براد يتم تعبئتها بصفة مستمرة بمياه زمزم التي يتم تبريدها بالثلج المصنوع من مياه زمزم في مصنع خاص انشئ لهذا الغرض.
ويتم توزيع مياه زمزم عن طريق منطقة البئر الرئيسية التي تعرف باسم زمزم الام.
ومن منطلق اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز بزوار بيت الله وتوفير مياه زمزم لهم مبردة فقد امر حفظه الله بانشاء محطة لتبريد مياه زمزم باحدث وسائل التبريد بالاضافة الى تكييف منطقة البئر الام بالهواء البارد حيث يتم نقل مياه زمزم من البئر الان بواسطة مضخات الى محطة التبريد بواسطة انابيب من الصلب المصنوعة خصيصا ضد الصدأ والتي تمر داخل نفق تم انشاؤه تحت الارض من موقع البئر داخل الحرم حتى موقع المحطة في المروة حيث تنقل ماء زمزم عبر هذه الانابيب الى خزانات ومن ثم تعود مياه زمزم من خلال مضخات الضغط بعد تبريدها الى اماكن التوزيع والمجمعات المخصصة لها في جميع اروقة الحرم والى مجمع البئر الام حتى يمكن ضيوف الرحمن من الحصول على ماء زمزم مبردا آليا وبأحدث الاجهزة المتطورة.
ويشتمل مشروع تبريد مياه زمزم على محطة مزودة بالكمبيوتر وغرفة للتحكم لتوضيح حالة كل منطقة ودرجة برودة كل المياه عند كل منهل ويرتبط مبنى المحطة بشبكة للتيار الكهربائي قدرتها 2500 كيلوفولت امبير.
وتقوم المحطة بتبريد مياه زمزم المباركة بطاقة 60كم في الساعة وقد بلغت التكلفة الاجمالية لهذا المشروع اكثر من 70 مليون ريال ويتكون من محطة لتوليد الطاقة الكهربائية تتألف من اربعة مولدات ومحطة معالجة المياه من اي شوائب بواسطة الاشعة فوق البنفسجية ومحطة لتبريد المياه وتتألف من تسعة مكائن للتبريد تعمل على ضغط المياه المبردة بالاضافة الى محطة تجميع المعلومات بالكمبيوتر التي تقوم بمراقبة كاملة للمشروع.
وسقيا زمزم مرت بأساليب ومراحل على مدى التاريخ ففي العهد العباسي كانت السقيا تتم عن طريق ضخ الماء من البئر ووضعه في احواض ثم تطورت الطريقة وتم وضع الماء في خزانات مكشوفة ذات صنابير يصب منها في اواني الشرب ويقوم الزمازمة بتوزيع المياه في اروقة المسجد الحرام وخارجه باستخدام القرب ثم الدوارق الفخارية.
وفي عام 1383م تم استخدام المضخات الغاطسة في توزيع مياه زمزم اما بداية توزيع المياه بشكله الحالي فقد كان من مشروع توسعة المسجد الحرام حيث ضخت المياه من البئر الى الخزان في سطح الحرم يتم من خلاله توزيع الدوارق الفخارية داخل المسجد الحرام التي كانت تستخدم للسقاية.
ووضع نظام خاص وهو عبارة عن مجمعات للمياه في اماكن متفرقة لاروقة الحرم تتصل هذه المجمعات ببرادات كهربائية بالاضافة الى استخدام البرادات التي يتم توزيعها في كافة اروقة الحرم وادواره, ومما تجدر الاشارة اليه ان ماء زمزم عرف عبر القرون بنقاوته حيث انه لم يتأثر بأية شوائب ويتميز بوفرته رغم كثرة استخدامه من قبل الزوار والمعتمرين والمواطنين في كافة انحاء المملكة,ولماء زمزم فوائد عظيمة وكثيرة فقد قال صلى الله عليه وسلم (خير ماء على وجه الارض ماء زمزم) وقال صلى الله عليه وسلم (ماء زمزم لما شرب له).
|