Sunday 28th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأحد 11 ذو الحجة


هذا البلد,, وخدمة الحجيج

بالأمس,, وقف الملايين,, من الحجاج,, وعلى صعيد عرفات الله موحدين الله عز وجل، وذاكرين الله على ان هداهم للإسلام ووفقهم للوقوف في هذا الموقف,, وهو يوم تتجدد فيه النفوس المؤمنة,, تائبة إلى ربها لاهجة السنتها بذكر الله,, ويوم ترجع فيه جماعات الحجاج كيوم ولدتهم امهاتهم,, في هذا الجمع الكريم والفريد من نوعه مكاناً وزماناً حيث مكة أم القرى حيث يدفع العالم,, هذه الجموع نحو مكة في كل عام,, تلفت هذه الجموع العالم,, وتشدهم اليهم,, وكما ان هذه الوقفة رسالة,, إلى امم الارض,, وكتاب مفتوح يقرأون فيه ما يشاؤون من عبر وعظات,, وان رسالة الإسلام الباقية,, هي الرسالة الصالحة لهم ولذرياتهم من بعدهم,, فلينظروا كيف يعملون,, وهو تعبير جماعي لشعائر الإسلام التعبدية,, فهنا تظهر عظمة الإسلام,, لباس واحد,, على اختلاف السنتهم والوانهم حركات واحدة وقفة واحدة,, توجه واحد,, نبرة واحدة,.
ومن عرفات,, افاض الحجاج البارحة الى مزدلفة امتثالاً لقوله عز وجل: فإذا افضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم,, وإن كنتم من قبله لمن الضالين 28 البقرة.
وقد جرى تصعيد الحجاج إلى عرفات في انسيابية تامة,, وذلك لان الله عز وجل رؤوف رحيم,, تواب كريم,, لطيف خبير حيث هيأ هذه الدولة التي بذلت النفس والنفيس في اراحة الحجاج,.
ومن لطف الله ورحمته,, ان الله سبحانه وتعالى,, يبعث على رأس كل مائة عام,, يبعث لامة الإسلام من يجدد لها دينها,, ويحفظ مقدساتها من ان تنالها غوائل العدوان او تعبث بها ايدي العابثين,, ويكون نموذجاً يحتذى، وأملا يرتجى,, في تطبيق الإسلام,, وخدمة مقدسات الإسلام,, الذي كان الركن الركين في اهداف زينة الدول المملكة العربية السعودية ولاشك ان ظهور الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود في هذه الجزيرة قبل مائة عام هو نعمة,, على اهل هذه البلاد,, عندما وحد اهل هذه الجزيرة المترامية الاطراف والمتباعدة الارجاء,, ووحد هؤلاء القوم الذين هم مادة الإسلام وروحه,, في دولة الشريعة، ودولة الايمان,, ومن ثم بسط حكم هذه الدولة الفتية في ظلال الأمن والأمان,, ولقد كان المقصد والمثل الاعلى الجهاد في سبيل الله فهداهم الله سبله,, وفتح على هذه البلاد بركات من السماء والارض مصداقاً لقول الله عز وجل ولو ان اهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض,, ,آية 96 الأعراف,, وقد حفظ الله اهل هذه البلاد,, من ان تدخل عليهم الدواخل ,, او تغشاهم غاشيات الفتن التي استلبت في كثير من اوطان المسلمين الفطرة السليمة وكانت من نتيجة ذلك ان كثيراً من النفوس استجابت لداعي الشمل وداعي الجهاد الذي نادى به الملك عبد العزيز - يرحمه الله - وكان الحرمان الشريفان من اوليات اهتمام الموحد,, فكانت الترتيبات، والتنظيمات لتوسعة الحرمين تجري منذ ذلك الوقت,, مما جعل المسلمين يتفاءلون الخير لارض الحرمين,, ولا اخال ان امرأ مسلماً يماري ان عز هذه الدولة من عز الدول الإسلامية قاطبة,, وذلك لانها الواجهة الامامية لامة الإسلام,, وهي المغيث - بعد الله - للمسلمين في الجائحات الطبيعية ، وفي كوارث الحروب؛ وهي النموذج الامثل والباقي - إن شاء الله -ممثلاً دوحة الإسلام وروحه,, حيث وجد ويجد المسلمون فيها ركنا شديداً يأوون اليه,, ومن فضل الله ان هذه الدولة نموذج دينا ودنيا، ففيها المفتون المتقون والعلماء المخلصون والدعاة الصالحون, كما ان فيها الشباب الطامحون الذين حققوا ومازالوا يحققون درجات عليا من التفوق العلمي,, في مراقي علوم التكنولوجيا,, ومعارج آلياته التقنية وهي كذلك نموذج اقتصادي,, يطمح اليه الاخرون,, حيث يجبى اليها ثمرات كل شيء رزقا من عندالله,, يحسدها الابعدون والاقربون,, وهي كذلك مصدر اعجاب من غيرالمسلمين,, ومحل تقدير واحترام,, وذلك لما اتصف به قادتها من الحوار الهادىء,, والدبلوماسية المتزنة اللذين يجعلان لاهل هذا البلد مكانة خاصة,, وهم حاضرون في المنتديات العالمية ينافحون عن قضايا العرب والمسلمين,, يأخذون ويعطون صريحون لايخشون مميزون لايذوبون، يُزاَرُون كما يزورون.
ثم ما كان من بحبوحة العيش,, ومن خيرات دافقه على هذه الدولة مرده لانها حفظت دينها وحفظت عقديتها,, فهداهم الله بذلك الصراط المستقيم,, وقد اوتي الاخرون ويؤتون الكثير من الثروات مثل ذلك او اكثر ,, ولكنهم ضلوا عن الطريق,, لم يهتدوا الى سبيل الهدى,, وانحرفوا عن جادة الصواب ولم يوفقوا إلى ما هو خير لهم، ولشعوبهم واوطانهم,, بل تكون تلك المواهب قوة طاغية,, ووبالاً وشراً عليهم وعلى اوطانهم,, والشواهد قائمة على قدم وساق,, من جيران على التخوم,, وآخرين من دونهم لحقوا بهم, وعوداً,, على بدء نقول: إن ظهور الملك عبد العزيز في هذا الوقت,, كان نعمة على المسلمين جميعاً,, ونعمة على هؤلاء الحجاج والمعتمرين القادمين من كل فج عميق,, ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في ايام معلومات وذلك,, وقبل فجر الدولة السعودية كان الحج ذهاباً الى مجهول,, نهب وسطو وشريعة الغاب والناب وكانت اعادت سيرتها الاولى وهي التي تحكم كما قال الشاعر
وأحيناً على بكر أخينا
إذا مالم نجد إلا أخانا
كما ان ظهور الملك عبدالعزيز كان انقاذاً للمقدسات الإسلامية من ينالها ضعف المسلمين بالوهن.
ولايشك احد بان ظهور الحرمين بهذا المظهر اللائق بهما,, اليوم,, وظهور ما حول الحرمين من مشاعر ومآثر على هذا النحو,, مما يرفع رأس كل مسلم وكل حاج ومعتمر,, وقد جاءت الطفرة الهائلة في عهد خادم الحرمين الشريفين في عمارة الحرمين الشريفين من شبكات طرق نافذة وانفاق سالكة وجسور سامقة,, لتضيف بعداً جديداً وفخراً كبيراً لما قدمته وتقدمه المملكة العربية السعودية في خدمة الإسلام والمسلمين.
وبعداً آخر ايضاً من ابعاد خدمة الحجاج,, التي جندت الدولة من اجلها جل إمكانياتها المادية، والمعنوية,, في سبيل ان يؤدي الحاج عبادته في جو مستقر، وآمن,, ومن ذلك ما نلاحظه ولاحظناه امس عند تصعيد الحجاج الى عرفات من وسائل النقل المتوفرة,, والأمن الغذائي المشمول بمبرات وتبرعات خادم الحرمين الشريفين من برادات المياه المتحركة,, التي تروي الحجاج اينما حلوا,, ومن استضافة للحجاج الذين يعيشون في ديار الغربة,, كما اخذت هذه الدولة على عاتقها تخصيص معاهد وأكاديميات ودور لدراسة ابحاث الحج,, التي ستمد الجهات المعنية بدراسات فنية تكون معتبرة,, في خدمة الحجيج,, وختاماً,, ايها الحاج,, هؤلاء هم اهل هذه البلاد,, فأحمد الله على ان جعلهم امة واحدة,, قوية عزيزة,, لان قوتهم من قوتك,, وعزتهم من عزتك,, وهم زينة المسلمين وشامتهم اللهم احفظ الحجاج بالاسلام قائمين واحفظهم بالاسلام قاعدين ولا تشمت بنا الاعداء ولا الحاسدين.
محمد علي عبدالله

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
الركن الخامس
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved