Sunday 28th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأحد 11 ذو الحجة


الحرية الاقتصادية لا تعني الفوضى
تلجيم الأسعار يحمينا من الغلو

من منا لم يلجأ الى احدى هذه الشركات في يوم من الايام لأي ظرف كان سواء لتحقيق المتطلبات العالية للزواج من مهر وحفلة زفاف في فندق او سفر الى باريس او لندن لمقارعة الاخرين حتى ولو اقترض كدين يسدد على سنوات وغير ذلك من الدواعي التي تجبر الفرد منا على ان يلجأ الى مثل هذه الشركات او للحصول على النقد لبناء منزل او الرغبة في ان يحاول ان يخرج من الدائرة المادية المحددة والمحدودة بالامكانات المتواضعة فلعله من خلال اقتراضه لمبلغ معين ان يتاجر في الاسهم او السندات او ان يشارك ولو بمبلغ بسيط في تجارة العقار الذي اوصل البعض الى مصاف اصحاب الثروة من جراء توفر مبلغ معين تاجر فيه في تجارة عقار والتي في يوم وليلة جعلته من بين التجار الذين يشار اليهم بالبنان، ولكن من المؤسف ان البعض من تجارنا بعد ان وصل الى ثراء فاحش بدأ يحاول امتصاص اموال المستهلكين عن طريق رفع الاسعار لاحتياجات المواطنين دون رقيب من وزارة التجارة او غيرها من الجهات ذات العلاقة بحماية المستهلك وذلك بحجة حرية التجارة والاقتصاد، وهذا تطبيق خاطىء حسب وجهة نظري، والدليل ان اكبر الدول الرأسمالية التي انطلقت منها مفاهيم الحرية الاقتصادية تجبر التجار بتحديد الاسعار على البضائع واما المجال الاخر الذي يستخدمه هؤلاء التجار في امتصاص الاموال هو اغراء المستهلك بالحصول على النقد بتقديم القروض المغرية والتي توصل الى النقد,, ولكن بفوائد عالية جدا ولا تعتمد على المسلمات والمبادىء الاقتصادية البسيطة.
وما اود ان اركز عليه في هذه المشاركة هو اسلوب التقسيط الذي تقوم به بعض الشركات سواء ببيع سيارات او اثاث او غيره، واتذكر انني قد مررت بتجربة مريرة مع احد التجار ولكنني قد خرجت من هذه التجربة بانطباع ان البعض منا يحاول ان يأكل لحم اخيه من جشعه وما حدث معي هو أن احد زملائي العاملين في العقار حاول اشراكي معهم في هذه التجارة المغرية في بعض الاحيان ولعدم وجود المبلغ المطلوب لدي فقد اقنعني بان اشتري سيارتين من احد التجار الذي يعمل في مجال التقسيط والذي يسمونه بالمريح!! المهم ان اغراء هذا الزميل العزيز أسال لعابي مما اعطاني دفعة قوية جعلتني انطلق كالسهم لطلب شراء سيارتين من الانواع المرغوبة حتى يسهل علي بيعها مباشرة وبعد الدخول لمقر هذه الشركة طلبت النماذج الخاصة بطلب قرض والمتطلبات الاخرى وبعد اكمالي لها بأسرع مما يمكن تصوره رجعت لهذه الشركة مرة اخرى وما زلت احلم بقفزة مالية بمشاركتي لهؤلاء الزملاء العقاريين الفطاحلة الذين سمحوا لهذا العبد الفقير بأن يحلم على اقل تقدير بأن بامكانه ان يوجد مصدراً مالياً بديلاً!! وفي نفس الوقت حلال لا ربا فيه ولا شبهة, المهم بعد ان قابلني الموظف الاول وانتهى من فرز الاوراق ونظاميتها انتقلت من شخص الى آخر اكبر وظيفيا وبعد دخولنا في تفاصيل نسبة الربح من جراء تقسيطهم السيارتين علي، اتضح ان الفرق بين الشراء بالنقد والتقسيط كبير جدا ومن ذهولي قلت لهذا الموظف: اعتقد ان في الامر خطأ حسابياً فأعاد حسابه واذا بالاجمالي نفس الرقم السابق فقلت له كم نسبة الفائدة السنوية فقال 8% وعلى خمس سنوات تصبح اجمالي نسبة الفائدة 40% واذا ضربت 40% في المبلغ الاساسي فان الاجمالي هو نفس الرقم الذي أذهلك فقلت له: لماذا تضرب المبلغ الاساسي في 40% فانا سوف ابدأ بالتسديد من اول شهر,, فلِمَ لا تضرب ما سوف اسدده في السنة الاولى بنسبة 8% وما سوف اسدده في السنة الثانية في 16% والثالثة في 24% والرابعة في 32% والخامسة في 40%؟,, وهذا هو المنطق وان كنت ارى ان من حق الزبون ان يطالب بان تكون الفائدة شهرية وليست سنوية!! فسداده الشهر الاول من القرض ارى ان من الواجب ان يدفع الزبون جزءاً من نسبة 8% هذا الجزء يقابل فائدة الشهر الواحد وهي تمثل نسبة واحد من اثني عشر,, فنظر الي هذا الموظف باستغراب وضحك وقال: من اين انت قادم؟ الا ترى ماذا تعمله الشركات الاخرى التي تقسط للمواطنين سواء وكالات السيارات او غيرها؟ ثم نحن والحمد لله شركة كلها حلال في حلال ونحاول ان نجد المخارج المتوافقة مع الشرع!! فقلت له: وهل هذا الربح الفاحش والجشع الكبير واستغلال المواطنين تنطلق من اساس سليم؟!! فقال: يا اخي يكفيك اننا طبقنا هذه الطريقة التي نبيع فيها السيارات بأسلوب واضح لا ربا فيه.
فقلت له: يا اخي هذا لا يعني ارتكاب خطأ آخر الا وهو الجشع وطلب الارباح الخيالية التي ستقصم ظهر المواطن.
فقال: يظهر انك لن تشتري بهذه الاسعار ولن تجد من يبيع لك بطريقتك الخيالية!!
فقلت له: سبحان الله,, الحق اصبح خيالا وان لم ترض بتسليمهم يديك فانت جاهل لما يجب ان تكون عليه التجارة,, وودعته وانا اطلب منه ايصال خطاب شخصي للتاجر صاحب هذه الشركة وغيرها من الشركات والذي ليس بحاجة لهذا الاستغلال الفاحش للمواطن البسيط,, وخلاصة هذا الخطاب انني اعترضت على هذا الاستغلال للمواطن من تاجر شهد له بالنزاهة وادعوه للتوجيه للمختصين باعادة النظر باسلوب الارباح المتبع لديهم والذي سوف يحاسب عليه يوم القيامة يوم لا يشفع له مال ولا بنون.
وخرجت من هذه الشركة ولم اعد اليهم مرة اخرى وضاعت احلام التجارة العقارية!!وفي ختام هذه المشاركة اطالب الجهات المختصة بمواجهة هذا الاستغلال الجشع للمواطن في حالة التقسيط الذي يطلقون عليه دون حياء مسمى المريح!! وان يتم مراقبة الاسعار مراقبة حقيقية وان يلزم جميع التجار بوضع اسعارهم على البضائع, فالحرية الاقتصادية لا تعني الفوضوية في الاسعار التي يكون المواطن ضحيتها سواء في ضياع ماله او وقته الذي يضيعه في الوصول الى السعر المعقول!! وفي المقابل وزارة التجارة كجهاز كبير تكتفي باصدار التصاريح المكررة التي تؤكد سلامة المعروضات ومناسبة الاسعار والقائمة على حريتهم الاقتصادية الفردية التي لا يوجد لها مثيل في العالم ككل!! فهل نرى الاسعار الحقيقية والمعقولة على كل البضائع؟ وهل يلزم التجار بنظام دقيق ومعقول لنسب فوائدهم والا يكون المواطن ضحية لمثل هؤلاء الجشعين من التجار؟ نأمل ذلك!!
والله من وراء القصد والهادي الى سواء السبيل.
عبدالله بن ابراهيم المطرودي
واشنطن

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
الركن الخامس
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved