اسهل تعبير يمكن استخدامه لغرض الكتابة المستعجلة هو (أزمة,, كذا) فحين لا يجد المحرر موضوعا يبدأ من أول السطر: هل حقا نعاني من أزمة في الذوق؟ على سبيل المثال, ثم يبدأ يجيب على سؤاله بالذي يفتح عليه الله به حتى يصل الى نهاية المقال ويقرر: ستظل هذه الأزمة قائمة مالم ,, ثم يسرد شيئا عن هذه المالم, ويوقع اسفل المقال , وبس!
ويجىء في الغد محرر آخر ويكتب نفس الكلام ويغير فقط كلمة (الذوق) لينقل الأزمة الى خانة (,, في النص؟) ويعدد الاسباب التي دعته الى هذه الفرضية حتى يصل الى نهاية المقال ويقرر: ستظل هذه الازمة قائمة مالم يحاول كتاب النصوص ,,الخ , ويوقع أسفل المقال, وبس!
هذا كل ما هو مطلوب من المحرر الذي سيجد آلاف الاعذار لنفسه والتي سيكون اولها ان الناس اعتادوا قراءة مثل هذه الفرضيات التي لا وجود لها اعتيادهم قراءة الجريدة بلا سبب احيانا, بل غالبا, ونحن لا ننتظر من المحرر (المزنوق) والغارق الى (شوشته) في تعبئة صفحته ان يجيء كل يوم بفتح جديد في عالم الكتابة, ولكننا فقط ننبه الى ان بعض الكلمات التي تبدو سهلة لكثرة تداولها او الاكاذيب التي نصدقها بفعل التعود هي فرضيات غير صحيحة او غير صحيحة في المطلق, مثل تعبير (ازمة) لانك لو تتبعت الاعمدة الصحفية لوجدت اننا نعاني من ازمة في (العقل العربي) ثم بالتفصيل في (السينما) و(الرياضة) و(الرواية) و(الانتاج التلفزيوني) و(الصحافة) و(الأغنية) و(التعليق الرياضي) و(الشعر) و(النقد) الى ان ندخل الى عالم (المطاعم) و(قصور الافراح) والى ان نتدنى الى ما هو أسوأ من ذلك! فهل يعني تعبير (أزمة) بعد ذلك أي شيء؟! أي: هل يصلح للتداول لمجرد سهولته: سهولة اثارته كسؤال لا يشق له غبار! ثم سهولة الاجابة عليه! ثم سهولة التوقيع تحته؟! وسهولة تكراره بعد ذلك تخلق عالما فوضويا من الافكار غير المترابطة, او المتطايرة! في التلفزيون ايضا عندما يريد مقدم برنامج ان (يتحذلق) فان اول ما يجري على لسانه كلمة (أزمة) التي يجد فيها الضيف مجالا خصبا للمراوغة واخفاء جهله بأي موضوع ذي قيمة ويستحق الطرح ومشاركة الناس فيه!.
لن تكون هناك حلول مثالية لهذه (الأزمة) - هذه المرة نستخدم نفس التعبير للدلالة على الحالة فقط! - فالمحرر الذي يكتب كل يوم (عدة مرات احيانا!) ليس مطالبا سوى بعدم اللجوء الى (معجم) لا يتفق واهتماماته او عمله بعبارة ادق , فما هو صالح للاستخدام ضمن (حقل) ما, مثل: السياسي, ليس بالضرورة ان يكون (لائقا) استخدامه ضمن حقل بعيد, مثل: (النقد الفني)! والعبارة الاخيرة (واسعة) جدا, خصوصا في صحافتنا, فعلى الرغم من ازدهار اشكال الابداع الفني في التشكيل والغناء مثلا الا ان ما يسمى ب (النقد) ضمن هذا المجال هو جد (متخلف) ولا يواكب هذا الابداع بأي مقياس مهما تساهلنا في هذا المقياس.
للصحافة لغتها, أي: نعم! وقد تكون هذه اللغة مما يحقق لها استمرارية جاذبيتها ولكن استعمال هذه اللغة يجب ان يكون دقيقا وغير (سائب) وان يكون ضمن الحقل المتميز به, والمعني به, لا ان تختلط اوراق الجريدة فتقرأ التحليل السياسي في صفحات الكرة مثلا! وهذا لا يعني ان صفحات الكرة اقل شأنا من ان يكتب فيها هذا التحليل ولكن لانها متخصصة ربما اكثر مما نسميه بالحقل الاقتصادي! ولكن للكرة مفرداتها التي بالتأكيد هي اجمل من مفردات بعض الحقول الاخرى, وان كانت حتى صفحات الكرة تعاني من (أزمة) هي الاخرى! ماذا؟! عدنا ل(الازمة) من جديد؟! ربك يعدلها!
|