تعتبر قضية مسلمي كوسوفا احدث الجراح النازفة في العالم الاسلامي حيث تتصدر نشرات الأخبار العالمية في هذه الايام, ورغم أن الاحداث الدامية الجديدة في كوسوفا قد لفتت انظار العالم في الأشهر الأخيرة فان مشكلة كوسوفا ليست جديدة بل هي قديمة قدم الاسلام في منطقة البلقان كما يظهر ذلك من تاريخ المنطقة.
موجز تاريخ كوسوفا
يعتبر الايريليون اول من سكن منطقة كوسوفا حيث اقاموا دولة (دارينا) ثم حكم الرومان ومن بعدهم البيزنطيون المنطقة الى ان دخلها الاسلام مع الأتراك العثمانيين الذين فتحوا البلقان في القرن الرابع عشر الميلادي, وقد استمر الحكم في المنطقة حتى عام 1912.
وهذه الحقيقة التاريخية تنفي مزاعم الصرب بأنهم السكان الأصليين للمنطقة رغم انهم نزحوا اليها من مناطق شرق جبال الأورال في موجات متتالية اتجهت الى جنوب اوروبا تحت اسماء متعددة منها الصرب والبلغار والمقدون وغيرها, ولم يتمكن الصرب من السيطرة على المنطقة الا في القرن الثاني عشر في عهد ملكهم ستيفان الذي تمكن من طرد البيزنطيين.
وقد بلغت قوة الصرب قمتها زمن الملك دوشان الذي اعلن نفسه قيصراً عام 1346م وجعل مدينة بريزين الواقعة غرب بريشتينا عاصمة كوسوفا الحالية عاصمة له, ولم تدم القوة الصربية طويلاً حيث واجهتها القوة العثمانية المسلمة البازغة على منطقة البلقان في القرن الرابع عشر الميلادي, وشاء الله ان تكون كوسوفا المسرح الذي شهد نهاية الحكم الصربي على يد العثمانيين في معركة قادها السلطان مراد الأول ضد الملك لازار قائد الجيش الصربي في عام 1389م حيث قتل ملك الصرب واستشهد السلطان وكان النصر في النهاية حليف الجيوش الاسلامية.
وقد خلصت هذه المعركة الالبان من حكم الصرب فدخلوا الاسلام واصبحوا جنوداً للدولة العثمانية في منطقة البلقان, وقد حفظ الصرب للالبان هذه المعركة حيث اعتبروهم سبب هزيمتهم في البلقان، ومن ذلك الوقت وهم يتربصون بهم الدوائر حتى تمكنوا من السيطرة عليهم والحاق الأذىبهم, ولهذا يعد الصرب يوم 28 يونيو عام 1389م وهو تاريخ موقعة كوسوفا مناسبة مهمة يحييونها كل سنة لتأجيج حقدهم ضد البان كوسوفا.
ولهذا كان الصرب عنصراً مهماً في تأجيج حرب البلقان عام 1912/1913م حيث ارادوا ان يثأروا من العثمانيين وحاولوا ان يحلوا محلهم عندما اضطر العثمانيون للانسحاب من شرق اوروبا بما في ذلك البانيا الحالية.
وقد قرر مؤتمر لندن عام 1913م تقسيم الاراضي ذات الغالبية المسلمة الى قسمين: احدهما دولة البانيا الحالية، والآخر اقليم كوسوفا الذي اهدي الى مملكة صربيا التي اتبعت كل الوسائل لتثبيت وجودها في الاقليم حيث وزعوا الاراضي والممتلكات على الصرب وضيقوا الخناق على المسلمين حتى اضطر كثير منهم الى الهجرة الى البانية وتركيا.
أحداث دامية في تاريخ كوسوفا
استمرت معاناة مسلمي كوسوفا خلال فترة الحكم الصربي الى اليوم وكان من ابرز الاحداث التي مرت بالاقليم ما يلي:
1 - استمرت معاناة المسلمين بعد استقلال يوغسلافيا على يد تيتو ووقعت بينهم وبين الصرب معركة شارك فيها حوالي عشرة الاف الباني ضد اربعين الف صربي وذهب ضحيتها كثير من المسلمين.
2 - رغم ان النظام الشيوعي سيطر سيطرة كاملة على كوسوفا منذ 1950م فقد كانت هناك انتفاضات قتل فيها مسلمون في اكثر من مناسبة.
3 - تظاهر الطلاب الالبان بشكل مكثف عام 1986م مطالبين بالاستقلال.
4 - صدر الدستور اليوغسلافي في عام 1974م وضمن الحكم الذاتي لاقليم كوسوفا بطريقة تتيح له المشاركة في اجهزة الدولة والحزب اسوة ببقية الجمهوريات الست المكونة للاتحاد اليوغسلافي آنذاك.
5 - اصدرت اكاديمية العلوم والفنون الصربية في عام 1978م وثيقة تتضمن خططاً لالغاء الحكم الذاتي عن كوسوفا وقد تبناها قادة الحزب الشيوعي ومنهم سلوبودان ميلوسوفيتش ثم اخذوا في تنفيذها بارسال آلاف الافراد من الشرطة الصربية الى كوسوفا وسلموا الصرب وابناء الجبل الأسود الموجودين في المنطقة اسلحة لمقاومة السكان.
6 - استمرت مظاهرات مسلمي كوسوفا للمطالبة بالاستقلال عام 1981 وقد اعتقل منهم العشرات وقتل حوالي عشرة اشخاص.
7 - ومع بوادر تفتت الاتحاد اليوغسلافي في عام 1988م حاول المسلمون ان يحققوا حكمهم الذاتي الذي كفله لهم دستور 1974م ويستقلوا مثل بقية جمهوريات يوغسلافيا الا ان صربيا تمسكت بالاقليم وفرضت وجودها بالقوة.
8 - ازدادت حدة التوتر عندما حذف الرئيس الصربي حق الحكم الذاتي من دستور عام 1974م وفرض الطوارىء وازداد العنف واشتدت قبضة البوليس الصربي على المتظاهرين وقتل العشرات وقبض على المئات من المسلمين في عام 1989م.
9 - وفي عام 1990م ارسلت صربيا قوات مسلحة الى داخل كوسوفا معززة بالطائرات والدبابات وعشرين الف من الشرطة وقد تلى ذلك مظاهرات صاخبة في الاقليم بعد استفتاء شعبي مؤيد للاستقلال باغلبية ساحقة, وقد صدر في نفس العام الدستور الجديد لجمهورية صربيا وبموجبه تخضع كوسوفاً رسمياً لسلطات بلجراد.
10 - ورغم ان البرلمان الالباني اصدر اعترافاً بكوسوفو جمهورية مستقلة الا ان الصرب ردوا على ذلك بالغاء حق التعليم بالالبانية في الاقليم واوقفوا الدعم عن الكتب المدرسية وفي ابريل من نفس العام جمدت رواتب المدرسين الألبان، وفي سبتمبر احتلت الشرطة مئات المدارس الابتدائية وكل المدارس الثانوية واغلقت حوالي الف مدرسة ابتدائية و115 مدرسة ثانوية و20 كلية جامعية وحرم 430 الف الباني من التعليم، 118 الف مدرس من وظائفهم ولم يستسلم المسلمون الالبان فأبدعوا تعليماً موازياً بعد ان قاطعوا التعليم الصربي وغامر الطلاب والاساتذة بالتدريس في هذه المدارس اما مجاناً او برسوم رمزية ممولة من قبل من غادروا الاقليم من الالبان وعددهم حوالي 300 الف شخص.
11 - وقد انتخب الالبان الكاتب ابراهيم روجوفا رئيساً للجمهورية عام 1992 بعد اقامة انتخابات تحدياً للصرب.
ومع بداية حروب الاستقلال في كرواتيا وسلوفينيا والبوسنة طبقت جمهورية الصرب حرب ابادة كاملة ضد المسلمين في البوسنة والهرسك وحرب ابادة تدريجية على مسلمي كوسوفا من خلال التضييق وفصل الموظفين واحلال محل المسلمين في الاقليم حيث شكلت منهم ميليشيات لابادة المسلمين في كوسوفا وقد طرد خلال فترة خمس سنوات حوالي ربع مليون من مسلمي كوسوفا خارج بلادهم.
12 - استمرت الاعتقالات على مجرد الشبهة وفي عام 1991م ادانت المحكمة الصربية 68 مسلماً بعقوبات تصل الى 8 سنوات بتهمة اقامة نظام بوليسي موازي للنظام الصربي في الاقليم.
13 - وفي اغسطس عام 1995م اتفقت الحكومة الصربية مع كرواتيا فسحبت قواتها من كراينيا فتدفق مئات الآلاف من صربها الى كوسوفا في خطة سرية لتنفيذ الاستيطان الصربي ولم تفد احتجاجات الالبان ومظاهراتهم شيئاً.
14 - وفي يناير 1997م جرح رئيس جامعة بريشتينا الصربي في انفجار سيارة واسفر ذلك عن اعتقال 26 البانيا وقتل من كان يشتبه في كونه رئيس جيش تحرير كوسوفا وقد تبع ذلك اعتقالات اخرى لاعضاء الحركة الوطنية.
15 - وقد شهد عام 1997م عدداً من احداث العنف من الجانبين والاعتقالات, فقد هاجم الالبان عشرة مراكز للشرطة الصربية ومراكز للاجئين الصرب وقذفوا احدى الطائرات الصربية وقد ادين 17 البانيا بالسجن لمدد مجموعها 186 سنة.
16 - ومنذ عام 1988م الى الآن فان المظاهرات مستمرة وكذلك اعمال العنف في الشوارع والمدن وقد تدخل الجيش الصربي باسلحته الثقيلة ودك العديد من المدن بعد حصارها ودمرت 174 قرية ونزحت عشرات المئات من الاسر الى البانيا وغيرها.
لقد اسفرت الحرب الدائرة في كوسوفا عن كثير من المآسي منها ما يلي:
1 - قتل اكثر من ثلاثة الاف الباني مسلم معظمهم من كبار السن والنساء والاطفال.
2 - فقد حوالي الفي شخص ومن الارجح انهم قتلوا جميعاً.
3 - تدمير اكثر من مئتي قرية تدميراً كاملاً حيث دمر الصرب خمسة واربعين الف منزل.
4 - تشريد اكثر من نصف مليون نسمة حوالي 400 الف منهم في العراء داخل كوسوفا والباقي فروا الى البانيا والجبل الاسود ومقدونيا والبوسنة والهرسك والمجر.
5 - بلغت الخسائر المادية اكثر من عشرة مليارات دولار.
ويمر المسلمون داخل كوسوفا بظروف مأساوية لا توصف وذلك لسوء احوال الاقليم الاقتصادية واشتعال نار الحرب فيه منذ سنوات ومنع الاغاثة الخارجية من الوصول الى داخل الاقليم.
الموقف الدولي
يتضح الموقف الدولي من خلال مساعي مجموعة الاتصال المكونة من امريكا وانجلترا وفرنسا والمانيا وايطاليا وروسيا, وهذه المجموعة لها اراء متباينة حول قضية كوسوفا: فروسيا تقف مع الصرب بقوة بسبب وحدة التوجه السابق والتشابه الديني الارثوذكسي والمصالح الاستراتيجية والعلاقات التاريخية ولهذا تعتبر ابادة المسلمين في كوسوفا امراً داخلياً لا يصح ان تتدخل فيه بقية الدول, اما فرنسا وايطاليا والمانيا فترفض استقلال كوسوفا او اي تغيير في خريطة البلقان ولكنها لا ترى بأساً في التباحث حول اعادة الحكم الذاتي للاقليم والذي كان مكفولاً في دستور 1974م والغي عام 1989م واما امريكا وانجلترا فموقفهما افضل من البقية ولكنهما تريان ان الوقت لم يحن بعد لاستقلال الاقليم عن صربيا وان كانتا مع التدخل لوقف الاعتداءات الصربية.
وقد يسأل المسلم اين الدول الاسلامية؟ والاجابة هي ان الدول الاسلامية غائبة عن اي دور فاعل في هذه القضية مع ان اقل المتوقع ان يكون لمنظمة المؤتمر الاسلامي حضور ايجابي وعضوية لمجموعة الاتصال وبالتالي فان الدول الغربية تفصل الأمور كما تحب وتشاء.
ومن الدول الاسلامية ذات الصلة المكانية والعرقية بكوسوفا دولة البانيا وهذه كانت اكثر تعاطفاً مع الاقليم زمن الحكومة السابقة, اما الحكومة الحالية فهي وان اعلنت تعاطفها مع البان كوسوفا بحكم العرق والتاريخ فهي تدور في فلك اليونان وصربيا لدورهما في ايصال الحكومة الحالية الى السلطة ويدل على تأثير الدولتين ان رئيس الوزراء الالباني ووزير الخارجية مسيحيان ارثوذكسيان اي من نفس معتقد اليونانيين والصرب.
وعلى المستوى الشعبي فهناك تعاطف الباني كبير مع الكوسوفيين ولكن الظروف الاقتصادية التي تعيشها البانيا وبعض الحزازات التاريخية تقلل من الدعم الكلي من قبل الالبان, وعلى اي حال فموقف البانيا من قضية كوسوفا يغلب عليه ادانة الارهاب من قبل الطرفين ودعوة المجتمع الدولي للتدخل السريع لحل الأزمة ورفض تصعيد الموقف والتأكيد على ان البانيا لن تكون مسرحاً لتصعيد العمل المسلح والتأكيد على ان حدود البانيا لن تكون منفذا لتهريب السلاح الى كوسوفا.
احتمالات الموقف
من المعروف ان مساعي لجنة الاتصال توصلت في لقائها الأخير في فرنسا الى الوعد بالتوقيع على الاتفاقية المقترحة التي تنص على ايقاف الحرب ووضع قوة دولية للمراقبة واعطاء الاقليم حرية كافية ليدير شؤونه واخيراً اجراء استفتاء بعد ثلاث سنوات يقرر مصير الاقليم, وسوف تعود الاطراف المتنازعة الى فرنسا بعد اسبوع للبت في هذا الأمر, ومن الجدير بالذكر ان الاعتداءات الصربية مستمرة والاعتقالات قائمة, واخر ما سمعناه صدور امر باعتقال ثمانية من قيادات الالبان منهم ثلاثة اشخاص من اعضاء الوفد المفاوض في فرنسا ولا شك ان هذا قد يعطل الأمور وتبقى احتمالات الموقف السابقة كما هي:
أ - اتساع رقعة الاضطرابات وتحول كوسوفا الى بوسنة جديدة ولا شك ان هذا هو خيار الصرب الاول اذا لم يمنعوا منه.
ب - انتهاء الأزمة الفعلية دون تغيير فعلي على الواقع الارضي سوى الوعود ويدعم هذا الاتجاه تعنت الصرب وغياب الضغط الحقيقي على صربيا وغياب الدول الاسلامية تماماً عن الساحة.
ج - ان ترضخ صربيا للمجتمع الدولي وتوافق على المقترح الاخير الذي قد تجهضه صربيا خلال فترة الثلاث سنوات المقررة لتنفيذه.
ما يخب على الأمة الإسلامية
في ظل ظروف تخاذل العالم الاسلامي عن قضية كوسوفا وفي ظل الحصار المضروب على الإقليم لا تستطيع الهيئات الاسلامية ان تقدم ما يجب للأخوة الممسلمين في كوسوفا وقد قامت الندوة العالمية للشباب الاسلامي ببعض الجهود الاغاثية المحدودة للمسلمين هناك سواء منهم النازحين او من بقوا في الداخل وهذه المجهودات المحدودة شملت ما يلي:
1 - تسيير قافلة اغاثية للاجئين في شمال البانيا اشتملت على بعض المواد الغذائية والضروريات الاخرى.
2 - مساعدات للاجئين في داخل كوسوفا مكونة من مواد اغاثية وادوية ومساعدات نقدية والبسة تمت من خلال اللجنة العليا الاغاثية التابعة للمشيخة في كوسوفا.
3 0 مساعدة للمشيخة الاسلامية ومدرسة علاء الدين داخل كوسوفا.
4 -مساعدات عاجلة للطلاب الدارسين خارج كوسوفا.
5 - مساعدات اغاثية عاجلة للاجئين داخل البانيا عن طريق مجلس التنسيق.
6 - مساعدات اللاجئين داخل البانيا عن طريق مكتب الندوة هناك.
7 - مساعدات للاجئين في مقدونيا عن طريق جمعية سنابل الخير في مقدونيا.
وقد بلغت هذه المساعدات المتواضعة حوالي مليون ريال.
ولا شك ان حاجة مسلمي كوسوفا الى اخوانهم كبيرة في الظروف التي يعيشونها من حرب وحصار وسوء احوال اقتصادية وغير ذلك مما يرتبط بالحرب والاضطهاد الذي يعيشه المسلمون في المنطقة واهم ما يحتاجه اهل كوسوفا ما يلي:
1- توفير المواد الاغاثية من ادوية واغذية واغطية وخيام للمشردين في داخل كوسوفا وخارجها مع توفير الرعاية الطبية للجرحى في الداخل وكذلك الخارج حيث يوجد مجموعة منهم في تركيا للعلاج.
2- تفعيل قضية كوسوفا في المحافل الاسلامية والدولية والاعلامية.
3- دعوة رجال الاعمال والمال من المحسنين في العالم الاسلامي لمساعدةاخوانهم في الدين في كوسوفا.
4- دعم الطلاب الكوسوفيين الدارسين في الخارج الذين توقف عنهم الدعم الاهلي للظروف المأساوية التي تعيشها المنطقة.
5- دعم الانشطة الدعوية داخل وخارج كوسوفا لتثبيت الناس وتوجيههم وتثقيفهم ليتمكنوا من الصمود وذلك من خلال تفريغ بعض الدعاة من اهل المنطقة وغيرها.
وقد اقترحت لجنة شباب اوروبا الشرقية في الندوة العالمية للشباب الاسلامي برنامجا لدعم الاخوة في كوسوفا في حدود عشرة ملايين ونصف المليون من الريالات اشتمل على ستة بنود من البنود المذكورة اعلاه ولم يبق الا الحصول على الدعم لتنفيذ هذا البرنامج الاغاثي الضروري الذي يعتبر اقل ما يجب تجاه اخوة الدين والعقيدة الذين يتعرضون للحقد الصربي الغاشم ويعيشون مرحلة جديدة من مراحل محاكم التفتيش الاسباني كما يطبق عليهم المفهوم الذي اخترعه الصرب وهو مفهوم التطهير العرقي الذي بدأوه في البوسنة والهرسك ويريدون استمراره في كوسوفا ومن استقراء الاحداث في المنطقة يستطيع المراقب ان يخرج بالنتائج الاتية:
1- شعور المسلمين في كوسوفا بوقوفهم وحدهم في مواجهة العدوان الصربي رغم ان الامانة تملك العديد من الطاقات والمقدرات الاستراتيجية الضخمة وهذا يلاحظ من تصريحات صدرت عن مسؤولين وأئمة مساجد وعلماء واعلاميين بالمنطقة.
2- احساس الضرب ان مسلمي كوسوفا لا ناصر لهم من اخوانهم المسلمين في العالم الاسلامي مما جعلهم يعدون العدة بشكل جاد لشن حرب كاملة عليهم والدليل على ذلك ما حدث مؤخرا من مجازر في حق مسلمي كوسوفا والاستفزازات المستمرة لهم خلال شهر رمضان وخلال عيد الفطردون مراعاة لمشاعرهم او لمشاعر سواهم من المسلمين.
3- حالة التجويع والقصف والمداهمات ولدت لدى المسلمين داخل كوسوفا شعورا بالقلق والذعر الممزوج بالخوف من ان تتكرر معهم مأساة البوسنة التي لاتزال احداثها المروعة ماثلة في اذهانهم ولا عجب: فالمسلمون هم المسلمون، والصرب هم الصرب والمجتمع الدولي المعادي للاسلام كما هو لايزال على عدوانه ورفضه للاسلام.
4- الوضع المتداعي شكل بيئة خصبة لحملات التنصير حيث بدأت بعض المنظمات والهيئات الغربية التنصيرية لاحتواء الوضع هناك والدخول في الاقليم من خلال مظلات العمل الاغاثي بعد ان تيقنت بان المنظمات الاغاثية الاسلامية لا يمكن ان يكون لها اي وجود هناك.
5- بات الايتام في كوسوفا والاطفال من ابناء المفقودين والارامل بلا عائل لهم يعيشون في اوضاع مأساوية حرجة,, ويخشى عليهم خلال الفترة القادمة كما بات المهجرون واللاجئون الكوسوفيون في هذه الايام يعانون معاناة شديدة من التشرد والجوع والمرض خصوصا مع موجة الشتاء القوية التي ضربت انحاء كبيرة من الاقليم لا مأوى ولا غذاء ولا دواء ولا كساء.
6- في تطور خطير للاحداث لوحظ ان هناك محاولات وخططاً مدروسة لجعل البانيا غير مستقرة سياسيا واقتصاديا وامنيا وهذا يمكن ان يساعد الصرب على تحقيق اهدافهم في كوسوفا المعزولة حتى عن اقرب الناس اليهم بعد ان شغل المسملون في البانيا بأنفسهم.
ما تقدم هو عرض موجز لمأساة المسلمين في كوسوفا وهو يدل دلالة واضحة على ان الصرب يخططون ليجعلوا منها بوسنة جديدة يكملون بها ما بدأوه هناك وذلك لعزمهم على القضاء على الوجود الاسلامي في منطقة البلقان ثأرا لما قام به العثمانيون من فتوحات في المنطقة وتأكيدا لوجودهم وتوسيعا لنفوذهم على حساب المسلمين في هذه المنطقة, ولاشك ان واجب الاخوة الدينية يفرض علينا دعم اخواننا بكافة الوسائل الممكنة التي تعينهم على تجاوز هذه المحنة التي فرضت عليهم ولتمكينهم من الصمود ليكونوا - ان شاء الله - طلائع فتح رومية التي وعد الرسول الكريم بفتحها بعد فتح القسطنطينية.
اسال الله العظيم ان يعز الاسلام والمسلمين ويبطل كيد الاعداء الحاقدين وان يعجل بنصر اخواننا في كوسوفا وكل بقاع الارض وان يجعلنا احد اسباب هذا النصر الذي نرجو ان يكون قريبا.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين,.
*الأمين العام للندوة العالمية للشباب الاسلامي وعضو مجلس الشورى وقد القيت هذه المحاضرة في 22/11/1419ه ضمن نشاط مكتب الندوة العالمية للشباب الاسلامي في المدينة المنورة
|