بين الاقتصاد والسياسة ترابط وثيق وتأثير متبادل، والسياسة في جوهرها ادارة للحياة الاقتصادية والاجتماعية.
من هنا يجري استخدام السلاح الاقتصادي في العلاقات الدولية للتأثير على السياسة الخارجية والداخلية لدولة معينة.
وقد شهد الصراع السياسي بين معسكري الحرب الباردة الماضية استخداماً واسعاً للسلاح الاقتصادي في هذا الصراع.
قد يبدو لأول وهلة انه هو الذي ادى الى اسقاط الانظمة الشيوعية في الاتحاد السوفيتي السابق وغيره، لكنه في جوهره ليس الا عاملاً ثانوياً, وكان العامل الأهم في ذلك السقوط انما يعود الى الطبيعة الذاتية لتلك الأنظمة اكثر مما هو ناتج عن عامل خارجي.
هذا ما جعل بعض الاقتصاديين والمحللين يقول ان السلاح الاقتصادي لم يؤد الى نتائج مهمة على صعيد الواقع.
السلاح الاقتصادي في العلاقات الدولية يعني استخدام دولة للعلاقات الاقتصادية ومبادلاتها التجارية والمالية مع دولة اخرى للحصول على بعض التنازلات في مجال السياسة الداخلية او الخارجية او لاهداف معينة اخرى, ويعني ذلك إما معاقبة هذه الأخيرة بسبب عمل اعتبر غير مقبول، فيُحكى حينذاك عن العصا اي عقوبة اقتصادية واما مكافأتها لتطور يعتبر ايجابياً، فيُحكي حينذاك عن الجزرة اي مكاسب تجارية او مالية.
لقد استخدم السلاح الاقتصادي منذ ازمنة كوسيلة مرنة وسيطة بين الضغط بإسلوب الاحتجاجات الدبلوماسية او الضغط بإسلوب العمل العسكري المشحون بالمخاطر دائماً.
ان السلاح الاقتصادي جزء مهم في صلب الدبلوماسية، لكنه يحمل سمعة سيئة كما لو ان اللجوء اليه يكون مرغماً وبسبب غياب وسيلة دبلوماسية اكثر فعالية.
ومن اهم اشكال السلاح الاقتصادي ما يلي:
1 - الحظر، ويعني منع التصدير نحو البلد المستهدف.
2 - المقاطعة، ويعني منع الاستيراد من البلد المستهدف.
3 - التمييز التعرفي، حيث تفرض على المستوردات الآتية من البلد المستهدف ضرائب اعلى مما على المستوردات من البلدان الاخرى.
4 - سحب مبدأ الدولة الاكثر رعاية حيث تتوقف معاملة المستوردات الآتية من البلد المستهدف بشكل تساهلي كما مستوردات البلدان الاخرى المستفيدة من هذا المبدأ.
5 - التسجيل على اللائحة السوداء، حيث يتم وقف التعامل التجاري مع المؤسسات التي تتعامل تجارياً مع البلد المستهدف.
6 - نظام الحصص، حيث يتم التقيد الكمي لبعض المستوردات او الصادرات.
7 - رفض الرخصة، حيث يرفض السماح باستيراد او تصدير بعض المنتجات.
8 - تجميد الممتلكات، حيث يتم وضع اليد على الممتلكات او يمنع اي سحب للودائع المصرفية او الممتلكات المالية الاخرى العائدة للبلد المستهدف.
9 - وقف المساعدات سواء بتخفيضها او تعليقها بالنسبة للبلد المستهدف.
10 - المصادرة، حيث تتم مصادرة ممتلكات البلد المستهدف.
وتتمثل اهداف استخدام السلاح الاقتصادي ضد دولة ما فيما يلي:
أ - الحصول على تغيير محدود في سياسة البلد المستهدف.
ب - عدم استقرار حكومة البلد المستهدف.
ح - كسر مغامرة عسكرية ذات نطاق معيّن.
د - اضعاف الطاقة العسكرية للبلد المستهدف.
ه - تحقيق تغييرات مهمة في سياسة البلد المستهدف.
اما شروط استخدام السلاح الاقتصادي فيمكن تحديدها في الآتي:
1 - التباين في الارباح الاقتصادية للشركاء ومثال ذلك العقوبات الامريكية ضد الاتحاد السوفيتي السابق.
2 - ارادة ممارسة الربط، طالما ان البلد المعني يربط مبادلاته الاقتصادية مع بلد آخر في سياسة هذا الأخير.
3 - القدرة على التنفيذ.
بيد ان استخدام السلاح الاقتصادي قد يكتنفه بعض المخاطر من مثل: التقييمات الخاطئة المرتبطة باستخدام السلاح الاقتصادي، وكذا اعطاء الشأن السياسي الاولوية على الشأن التجاري.
جاء في كتاب الصراع الاقتصادي في العلاقات الدولية لمؤلفه ماري هيلين لابّيه: هل السلاح الاقتصادي فعال؟ وكانت الاجابة بالسلب, وقد تذرع المؤلف بأن العقوبات نادراً ما بلغت اهدافها وكان لها في معظم الأحيان تأثيرات مضادة للانتاج.
ورغم ذلك فان السلاح الاقتصادي سيستخدم اكثر فأكثر لمواجهة مخاطر الاضطراب العالمي الجديد، لأنه يبقى الخشبة الرئيسية غير القابلة للاستبدال في سلم الاقناع بين الجذب الدبلوماسي والفعل العسكري.
د, زيد بن محمد الرماني
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود، عضو الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية، عضو جمعية الاقتصاد السعودية