ما أكثر آهات القلم - وما اكثر توجعه في ظل ظروف تتألم بكل ما يدرو فيها, ليس لان احداثها جاءت مغايرة لارادة الانسان وانما لكونها تحتاج الى اقلام تزيل كل غوامضها, والاحداث تتراكم بشكل يستدعي معالجة كل حدث عبر مقالة او كتاب.
والكاتب السعودي يعيش معاناة لم يجد عوناً او سنداً لازالة تلك المعاناة, فقد هجرته اجهزته الاعلامية واصبح كتابه في الدرجة الثانية امام القارىء, فليس امامه من حل سوى التراكم على ايدي الباعة دون مقدرة على الظهور والانتشار.
احد المسؤولين في شركات التوزيع يرى ان الكتب الاولى بالتوزيع هي تلك التي تجد رواجاً وما عداها فالمجلات والصحف الأجنبية اولى بالاهتمام من اي كتاب آخر يتحدث مؤلفه عن مشكلات سياسية او مالية او تجارية.
وحقيقة الأمر ان هناك قراء كثيرين يبحثون عن المعلومة بكل اشكالها, الا ان الكتاب يفتقر الى التوزيع الذي يتناسب مع كمية الطباعة واذا كان هناك خمسة الاف نسخة فلا بد من توزيعها وفق دائرة واسعة تمكن المتخصصين من الاطلاع عليها واقتنائها.
شركات التوزيع تقوم بشحن نسخ الكتاب وتسلم للكاتب بوليصة الشحن ليدفع التكاليف ثم تخصم 50 بالمائة من قيمة الكتاب,, وهكذا يصبح الكاتب مديناً.
والكتاب المطبوع بالمملكة يظل حبيس الحدود فالشركة التي تتولى توزيع الكتب خارج المملكة ليس بامكانها تحمل خسائر اضافية فالشحن على المؤلف وتكاليف التوزيع الاخرى, وعنئذ تصبح الجدوى من توزيعه مجاناً افضل من بيعه.
ان سوق المملكة من افضل الاسواق الثقافية في الوطن العربي واكثر المتسوقين من معارض الكتاب الدولية من السعوديين خاصة معرض القاهرة الدولي للكتاب والمشاركة السعودية في هذا المعرض ضعيفة جداً, لعدم مقدرة دور النشر والتوزيع على المشاركة وسط خسارة محققة.
كما ان الكتاب السعودي بعيد كل البعد عن شمال افريقيا, فدول المغرب العربي لا تحيط بالثقافة السعودية واراء السعوديين فيما يدور على الساحة في حين ترى ان سوق المملكة يغص بالكتب والمجلات من كل انحاء الوطن العربي, والسبب في ذلك يعود الى انخفاض قيمة طباعة الكتب الى حد يستطيع كاتبة الاستفادة من قيمته المضاعفة اكثر من عشرة اضعاف في دول الخليج العربية.
الكاتب السعودي يقوم بطبع كتابه باسعار مرتفعة في المملكة ثم يدفع اجرة الشحن و50 بالمائة من القيمة الفعلية للكتاب اجراً للشركة الموزعة وعندئذ سوف يرتفع سعر الكتاب الى ما لا يطاق في الدول العربية الاخرى اذ انه في حالة طلب الربح فان قيمة الكتاب تساوي نسبة كبيرة من الدخل الشهري للمواطن العربي.
الكتاب السعودي يحتاج الى دعم من امير الشباب والثقافة فالمؤلف يحتاج الى دعم ليقوم بعدها بوضع سعر في متناول القارىء العربي والكتاب نفسه بحاجة الى دفع تذكرة سفره من المملكة عبر الخطوط السعودية اي انه لا بد من شحن الكتاب السعودي مجاناً الى ما وراء الحدود حتى تجد المملكة نفسها من خلال كتابها في كل موقع على الساحة العربية.
اما وسائل الاعلام الاخرى التي تريد من الكاتب السعودي ان يتوسل اليها لاجراء لقاء معه او الحديث عنه فهذه غير قادرة على تصور ابعاد هذا المفهوم لانها تنظر بعين ضيقة ذلك ان بعض المسؤولين في اجهزة الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة يرون ان مثل هذه اللقاءات منة على الكاتب وفرصة له ينبغي ان يقابلها بالشكر,
وما دام هذا المفهوم مسيطراً فلن تكون هناك شخصية للكاتب السعودي امام القارىء السعودي وما على القائمين على هذه الاجهزة الا ان ينظروا الى الاجهزة الاعلامية الاخرى في الوطن العربي ليتأكدوا ان القنوات الفضائية العربية وراء الشهرة الواسعة للكتّاب العرب في المملكة.
ان مطالب الكتاب من امير الشباب والثقافة تخدم المصلحة الوطنية اضافة الى انها تحترم الكاتب السعودي بكل تأكيد,
فتحمل نفقات مالية عن الكاتب ومساندته الاعلامية سوف يجعل من الثقافة السعودية والفكر السعودي يحتل موقعه القادر من خلاله على التأثير بعد ان كان قاصراً على التأثر فحسب.
صاحب السمو كلمة اخيرة اود قولها وهي ان المطابع داخل المملكة ترى مجلات يملكها سعوديون وتطبع خارج المملكة وتدخل الى الاسواق السعودية بعد الموافقة الرقابية وهي تتساءل: لماذا تستفيد المطابع الاجنبية من مادة صحفية يتم تسويقها في المملكة ولكن هذه الأمور يمكن انها في طريقها الى النظر او الى الحل اذا كان من حقنا ان نعتبرها مشكلة قائمة.
اعود الى الكتاب والكاتب فهو معاناتي فهل يجد الرجاء بتحقيق مطالبنا موقعاً عند سمو امير الشباب والثقافة؟
|