عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
العطف والرحمة والتكافل والتعاون والبذل كل هذه الصفات وغيرها من الصفات الحميدة التي حث عليها الإسلام، وتخلق بها المسلمون التزاماً، فأضحت شعاراً لهم تجمع بينهم وتؤلف بين قلوبهم فالضعيف اشتد بعون القوي والفقير تغلب على الحاجة ببذل الغني, فلن يحتاج الفقير مادام الغني ملتزماً بأمر الله مخرجاً زكاة امواله باذلاً لها في اوجه الخير، ولن يمد يده تسولاً امام الناس يستجديهم لان حقه سيصل اليه وهو في بيته، فلا مجال للمتسولين اذاً في مجتمع هذه صفاته,, ولكن هناك فئة استغلت تلك الصفات استغلالاً سيئاً، فعمدت الى استعطاف الناس بها واستجدائهم,, هذه الفئة فئة المتسولين رجالاً ونساءً كبارا وصغاراً مواطنين ومقيمين, فهم يجوبون البلاد طولاً وعرضاً بعيداً عن معارفهم,, والكثير منهم جعل هذا العمل المشين مهنة تدر عليه الاموال الكثيرة وتغدق عليه المبالغ الطائلة,, فهانت عليهم كرامتهم فأراقوا مياه وجوههم، فلم يبالوا بسمعة,, ذكروا بخير ام ذكروا بشر، الامر سيان!! المهم جمع المال.
ولقد أولت حكومة هذه البلاد الرشيدة هذه الظاهرة اهتماماً بالغاً فكافحت التسول بأنواعه ومنعته وكلفت رجالاً للقضاء على هذه الظاهرة في كل مكان لتحصين المجتمع من وبائها وامراضها الاجتماعية والخلقية الكثيرة لان اولئك المتسولين عالة على المجتمع قليلو النفع له,, وما يحدث بسببهم من مشاكل امنية وغيرها يستلزم سرعة التصدي لهم وعدم التهاون معهم، والعمل على تعديل ما اعوج منهم.
ولعل اكثر ما يتعللون به من امتهانهم هذا العمل الحاجة الملحة والشديدة,, وهذا تعليل مردود ولايمكن ان يكون مبرراً في انتشار التسول في مجتمعنا,, لان حكومة هذه البلاد - اعزها الله- لم تهمل هذا الجانب بل بذلت مافي وسعها في سبيل إعانه المواطن بشتى صور الاعانة,, سواءً عن طريق القروض المقدمة لشتى نواحي الحياة عقاراً اوصناعة او زراعة,, او عن طريق المساعدات عن طريق الضمان الاجتماعي,, ومن بين تلك الاهتمامات الاهتمام بالجمعيات والهيئات الخيرية ودعمها الدعم المتواصل والمستمر,, فساعدت تلك الجمعيات على وصول الزكوات والصدقات لمستحقيها الذين لايسألون الناس إلحافا رغم حاجتهم الشديدة,, ولكن صبرهم وقوة احتمالهم وعزة انفسهم وحرصهم على سمعتهم وحفظ مياه وجوههم حال بينهم وبين السؤال والتسول,, ومع ذلك كله تبقى شرذمة من رعاع الناس لاكرامة لهم ولا مروءة ولا شهامة يمتطون صهوة هذا المسلك فرضوا بالدون وقدموه على العلو، فكانوا يداً سفلى وفضلوها على اليد العليا وماذاك الا لدناءة هممهم وحقارتها، فتفننوا في اساليبهم ونوعوا في طرائقهم التي يسعون بها لجمع اكبر قدر ممكن عبر اساسين مهمين هما الوقت المناسب والمكان المناسب.
ومن الاوقات التي يكثر فيها التسول وتتضاعف انشطة المتسولين ايام رمضان وايام الاعياد وعشر ذي الحجة، ومن الاماكن التي تشهد احداث التسول المساجد وبخاصة الحرمان الشريفان ومكة والمدينة والاسواق والطرقات والمدارس والدوائر الحكومية وعند الاشارات المرورية,, بل وصل بهم الامر الى غزو الناس في بيوتهم وطرق الابواب عليهم بشكل خطير.
ولقد استخدموا صكوكا مصورة اثباتا لحاجتهم لمبالغ كثيرة اثر اعراض متنوعة, بلوروها بأساليبهم ليوهموا الناس بحاجاتهم التي اجبرتهم على السؤال والتسول.
يقول احد الاخوة: فتحت الباب لطارق ,, فإذا برجل مهندم - لا اعرفه ولم اره من قبل- ماثلاً امامي ، اذنت له بالدخول فدخل وجلسنا نتبادل فيما بيننا النظرات وبعد فترة عشناها في سكوت وصمت وسكون بدأ الحديث: انا مديون كانت هذه الكلمة الاولى في القضاء على ذلك الصمت والذي امتد لفترة من الزمن، وبعدها بقليل بدأ باستعراض الحيل في ايضاح حاجته الماسة وتصويرها التصوير العاطفي: هل تعرف شخصاً يستطيع ان يعينني على قضاء ديني؟ ثم سكت ليعود فيقول:ديوني تصل الى اكثر من مليون !! اما صديقي فقد انتابه شعور بالاحراج يقول: لم استطع التصرف خاصة لطريقته التسولية التي لم اعهدها من قبل، وخجلت ان اعطيه شيئاً لاني مهما اعطيته فماذا تفعل مع المليون؟!؟! ولو علمت انه سيأخذ ما اعطيه لاعطيته,, ايها الاعزاء وياقراء العزيزة:
إن محاربتنا ورفضنا لظاهرة التسول في المساجد والاماكن العامة شديدة فكيف وقد امتدت لطرق البيوت والدخول فيها؟! فهذا امر لانريده ونحاربه اشد المحاربة لعظم خطره، خصوصا في الاوقات التي لا يوجد فيها الا النساء والاطفال,, فكيف نأمن اولئك المتسولين على اطفالنا وخاصة البنات منهم فكثيراً مايلبسن شيئاً من الذهب فيكن عرضة للسلب,, فهذا الامر اخطر مما كان عليه من قبل,, ايضاً فمن يأمن هؤلاء الذين هانت عليهم انفسهم على بيوتنا، فالامر يستلزم مضاعفة الجهد في مكافحة التسول بأنواعه وأساليبه والكل مسؤول عن مكافحة هذه الفئة وردعها وعدم اعطائها والتبليغ عنها فالمواطن رجل الامن الاول.
كذلك اجهزة الامن لاتألو جهداً في التواجد في اي مكان يبلغ عن هؤلاء المتسولين,, فكانت المسؤولية مشتركة بين رجال الامن ومكافحة التسول وبين المواطن,.
فلنقض على التسول ولنضيق الخناق عليه فلامجال لانتشاره في مجتمعنا وبلدنا,, ومن كان محتاجاً فلن يضيعه الله ثم لن يضيعه اهل الخير والجمعيات الخيرية.
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك واغننا بفضلك عمن سواك.
عبدالمحسن المنيع
الزلفي