Wednesday 24th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الاربعاء 7 ذو الحجة


فوضى صناعة الغاز في المنطقة العربية: من سيدفع الفاتورة!
عمر كمال حموده

- 1 -
لان الغاز وقود نظيف غير ملوث للبيئة فإنه بات مطلوباً في انحاء العالم ليحل محل المحروقات الاخرى, ودول كثيرة اتجهت مباشرة في الاعتماد عليه مثل دولة السويد التي تمكنت من تغيير نحو 40% (اربعون بالمائة) من تسيير محطات الكهرباء التي تعمل بالطاقة النووية الى ان تدور تقنيتها بالغاز, ولكن الغاز ايضاً اصبح قضية للصراع بين الشركات سواء المنتجة او المسوقة له، وبين الدول المنتجة للغاز، وهو صراع لا تحكمه المبادىء او شروط العدالة، ولكن يسيطر عليه تلك الرغبة القوية في التنافس وكسب الارض والمواقع وتأمين عمليات البيع والتسويق بسبب المتغيرات المربكة سواء في السياسة الدولية او استراتيجيات الشركات او الاوضاع الاقتصادية والمالية العالمية.
ان الدول التي تنتج الغاز ويتوفر باحتياطيات لديها تريد ان تبيع فقد تكلفت قدراً هائلاً من الاستثمارات وانفقت نفقات باهظة في انشاء المستودعات وخطوط الانابيب واساطيل النقل ومحطات الغاز وغير ذلك,, وعلى الصعيد الآخر فان الدول مثل الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا والمملكة المتحدة تتنافس فيما بينها للسيطرة على تجارة الغاز وتأمين مواقعها التجارية داخل اقليم الشرق الاوسط، وعلى الأخص في اطار المنطقة العربية ثم احيانا تقتضي المصلحة الا تنفرد دولة واحدة بالكعكة كلها فيرضى طرفان او اكثر بالعمل معاً تحت مظلة مشتركة ولو الى حين,, وهكذا رأينا مؤخرا تكينب جيو بروكدكشن الفرنسية تتحد مع بكتل الامريكية للفوز بما اطلق عليه المحللون العقد الذهبي وقيمته 1,3 بليون دولار مع شركة أدنوك بأبو ظبي لتنفيد الاعمال الهندسية والتشييدية بالمرحلة الثانية من تطوير مشروع تمامة (ج) و(ل) لانتاج الغاز والمكثفات بمنطقة حبشان, وهذا المشروع سينتج بليون قدم مكعب من الغاز وهو ما يعادل ثلثي استهلاك الغاز في فرنسا بالاضافة لانتاج مكثفات بترولية بمقدار يتراوح ما بين 35 الى 55 الف برميل و2100 طن من الكبريت.
- 2 -
واذا القينا نظرة فاحصة على موقف الغاز العربي وهو ما يهمنا على وجه التحديد سنجد ان اشكالية صناعة الغاز تتضمن عدة جوانب هي:
- الانتاج الواعد لدى العديد من الدول العربية مع غياب استراتيجية تسويقية منسقة.
- الاحتياجات التمويلية الكبيرة لتغطية مشروعات الانتاج.
- الآليات الجديدة لبيع الغاز والتسعير.
وهذه الجوانب المجتمعة تثير قدرا كبيرا من الفوضى واذا كنا نرغب في ايجاد قرار عربي موحد ازاء صناعة غاز متطورة وذات وضع تنافسي على الساحة الاقليمية والساحة الدولية.
ومن الدول العربية المهمة في انتاج الغاز,, قطر فهي من حيث الانتاج والاحتياطي تعتبر الدولة رقم (3) اي تحتل المرتبة الثالثة بعد روسيا وايران، وهي تراهن على مبيعات الغاز الطبيعي المسال لمضاعفة ايراداتها خلال عشر سنوات لتعويض ضعف انتاجها من النفط الخام, وتسعى قطر بشتى الطرق لتسويق الغاز لديها وذلك رغم الصعوبات التجارية والسياسية التي تحيط باستراتيجيتها التسويقية فلقد تبنت قطر تلك الاستراتيجية على تنويع مصادر البيع مع التركيز على اسواق جنوب شرق اسيا، وذلك بواسطة تدعيم ركائزها التجارية بالاشتراك مع مجموعات صناعية كبرى مثل انرون الامريكية .
وكانت قطر وانرون في عام 1996م على وشك انجاز اتفاق على مشروع مشترك قيمته 4 بلايين دولار لانتاج الغاز الطبيعي المسال على اساس 65% للقطريين و35% للشركة الامريكية ومن خلال هذا الاتفاق تمكنت انرون من توقيع مذكرة تفاهم مع مؤسسة جواجارات للغاز وهي شركة شبه حكومية في الهند لتزويدها بنحو 2 مليون طن سنوياً من الغاز المسال بدءاً من العام 2001، بالاضافة الى محادثات مع شركة النفط الهندية المحدودة وشركة ثالثة لم تفصح عن نفسها في شأن مبيعات الغاز وذلك لتموين محطة توليد كهرباء دابول والتي تتكلف 2,8 بليون دولار ولتوليد 2500 ميجاوات وتحتاج لنحو 2,5 مليون طن سنوياً من الغاز الطبيعي وتتولى انرون تشييد محطة الكهرباء وكان تعليق المسؤولين في قطر على ذلك, بالنسبة إلينا تبرز الهند سوقاً اكبر حجماً وواعدة بدرجة كبيرة، ثم اضافوا: كل شيء يتحول بسلاسة نحو توقيع الاتفاق مع انرون الامريكية، ونحن بصدد اعداد الوثيقة النهائية للتوقيع في غضون الاسابيع المقبلة .
هذا الكلام وتلك الاماني كانت في خريف عام 1996 وحدث بعد ذلك انهيار الأسواق في جنوب شرق آسيا خلال العامين التاليين وتلكأت انرون في المضي قدما في اتفاقها مع قطر ولم تنجح انرون كذلك في تأكيد اتفاقها مع شركات الكهرباء الهندية والتي تعد السوق الاساسية للغاز الطبيعي المسال والمقترح اقامته مع قطر.
ولقد اثر ذلك على موقف قطر بالنسبة لخططها الطموحة في بيع وتسويق الغاز ولولا الاتفاق الموقع منذ عام 1991 مع شركة الكهرباء اليابانية تشوبو لبيع 4 ملايين طن سنوياً ولمدة 25 عاما من الغاز القطري، لوجدت الحكومة القطرية نفسها في مأزق اكثر صعوبة ووعورة، ورغم تلك الظروف فان شركة قطر للغاز المسال المحدودة اعلنت مؤخرا انها استطاعت تصدير اولى شحناتها من غاز حقل الشمال الضخم الى شركة انياجاز الاسبانية وايضا الى شركة بوتاش التركية ولكن هذه الجهود الكبيرة في مجال التسويق تصطدم من ناحية اخرى بتراجع الطلب على الغاز من جانب اسواق جنوب شرق اسيا بالاضافة لعامل اكثر اهمية وقلقاً وهو الكيفية التي ستمول بها قطر نفقات خططها الصناعية للغاز المسال, فدوائر تجارة الغاز في بورصة لندن ذكرت مع نهاية عام 1998: لا شك ان قطر ستعيد النظر في تلك المشاريع في حال استمرار الأزمة الآسيوية لانهابنت خططها على قوة الطلب في تلك المنطقة اذ استهدفت حجم انتاج يصل الى 30 مليون طن سنوياً واستثمارات تناهز 15 بليون دولار (لاحظ الرقم) ولا نعتقد ان وضع السوق الاسيوية الآن مناسب لتنفيذ هذه المشاريع .
- 3 -
ورغم ذلك فان قطر قد اقامت وحدات كبيرة لانتاج الغاز المسال وعليها ان تصدره للخارج، في الوقت الذي تتوسع دول قريبة منها مثل اليمن وعمان والامارات ناهيك عن ايران، في الاستثمارات لانتاج وتسييل وتصدير الغاز.
وكانت الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال قد وقعت اتفاقاً مع شركة ميت جاز الهندية التابعة بالكامل لشركة اينرون لبيع 1,2 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنوياً ونص الاتفاق على ان يتم تزويد الشركة الهندية بالغاز العماني المسال لمدة 20 عاماً.
وتجدر الاشارة الى ان عمان كانت قد اتفقت مع كوريا الجنوبية على بيعها اربعة ملايين طن من الغاز المسال، كما وقعت اتفاقاً اولياً مع تايلاند لبيع 2,2 مليون طن من الغاز، ولكن تايلاند تراجعت عن تنفيذ الاتفاق واضطر ذلك عمان ان تبحث عن مشترين جدد وهناك انباء في السوق عن التوصل لاتفاق مع اليابانيين لشراء 700 الف طن من الغاز العماني ولكن تفاصيل المفاوضات وخاصة الجانب السعري مبهمة حتى الآن.
اما اليمن فقد اعلن مؤخراً وبصورة رسمية تأخر تصدير الغاز بسبب ظروف التسويق في دول شرق آسيا فلقد كان مقرراً ان يبدأ تصدير الغاز الطبيعي عام 2001 واصبح الموعد الجديد سنة 2003 وذكرت مصادر وزارة الطاقة في اليمن ان تسويق الغاز يعتبر من اهم الجوانب التي يتوقف عليها نجاح المشروع وتنفيذه خلال السنوات المقبلة.
وتبذل الحكومة اليمنية جهودا كبيرة لفتح ابواب التصدير الى كوريا الجنوبية والهند والصين وتركيا غير ان الظروف الاقتصادية لدول شرق اسيا اثرت مؤقتا في الخطط الحالية للتسويق والتصدير.
واليمن لديها امكانيات كبيرة من الغاز وهي مرتبطة بعدة شركات دولية وهي توتال الفرنسية وهنت الكندية/ الأمريكية واكسون الأمريكية، وتم انفاق ما يقرب من خمسة بلايين دولار في مشروع الغاز ومنها امداد أنبوب من مدينة مأرب الى ميناء بلحاف على البحر العربي واقامة مصنع لتسييل الغاز لتصدير 5 ملايين طن سنويا وعلى مدى خمسة وعشرين عاما، وباحتياطي مقدر ب14 تريليون قدم مكعبة.
-4-
واذا اتجهنا نحو الجزء العربي في افريقيا، نجد ان الجزائر رغم قيامها بتصدير الغاز بكميات معقولة الى أوروبا، إلا أن المطلوب من الاستثمارات لتطوير صناعة الغاز خلال الفترة من 1998 الى 2002 نحو 19,3 بلايين دولار وهو رقم كبير قد يؤدي لصعوبات كثيرة للحكومة الجزائرية من أجل توفيره في ظل المديونية الضخمة للاقتصاد الجزائري، وفي ظل الانهاك السياسي لادارة البلاد، ورغم ذلك فإن الحكومة الجزائرية تطرق ابواب البنوك الفرنسية وتخاطب المقر في بروكسل للاتحاد الأوروبي بحثا عن مخرج تمويلي للاستثمارات المطلوبة لصناعة الغاز حتى لا تسبقها الدول العربية الأخرى والتي تبحث عن تأمين مصادر شراء للغاز على الجانب الشمالي للبحر المتوسط.
ولم تتوان الجماهيرية الليبية عن دخول حلبة المنافسة لبيع الغاز الى أوروبا، ومنذ عام 1996 والمحادثات المكثفة مستمرة مع الاتحاد الأوروبي لتصدير الغاز للقارة الأوروبية مع بداية القرن الجديد وتضمن جدول المباحثات انشاء خط أنابيب لنقل الغاز من حقل عطشان الى ألوفا قبل تصديره الى ايطاليا من مرفأ صبراته ، وتبلغ سعة خط الأنابيب 15 ألف الى 30 ألف قدم مكعب في اليوم, وتصل احتياطيات حقول ألوفا الى 2,73 تريليون قدم مكعب، واحتياطيات حقل عطشان الى 1,2 تريليون قدم مكعب، ونلاحظ ان هناك برامج شاملة للتنقيب عن الغاز وتطويره، فالمستهدف من الحكومة الليبية هو زيادة انتاجها من الغاز ليصل نحو ثلاثة بلايين قدم مكعب سنويا بحلول سنة 2010، في ضوءزيادة الاحتياطي المحتمل لنحو 58 تريليون قدم مكعب.
وكانت الحكومة الليبية قد توصلت لاتفاق مع شركة إني الايطالية شبه الحكومية لتجميع الغازات البترولية من عدة حقول ليبية ونقلها بعد ذلك عبر خط أنابيب يعبر البحر المتوسط وينتهي في جزيرة صقلية الايطالية ومنها الى شبكة التغذية الداخلية وربما القارة الأوروبية فيما بعد, وتبلغ كلفة المشروع الاجمالية نحو 6 بلايين دولار، أما كلفة انشاء خط الأنابيب وحدها فتبلغ بليوني دولار، ويلاحظ ان الغاز أساس سيأتى من حقل بورى وحقل ألوفا الذي يتقاطع مع الحدود الجزائرية/ الليبية.
وثمة اقتراح من اجنب إيني لتمرير جزء من الأنبوب الى تونس، وفيما يبدو ان عقبات سياسية حالت دون ذلك, ويلاحظ باستمرار ان هذه العقبات تحول دول تطوير مشروعات التطوير الصناعي في المنطقة العربية، وتدفع نحو تبديل وتغيير خطط مشروعات التطوير واحداث التكامل السياسي العربي.
ويظهر ذلك جيدا في التغيرات المصاحبة لعملية أو بالأحرى محاولة تكوين شبكة لتصدير الغاز الى أوروبا عبر عدة دول عربية في شمال افريقيا ومنها الى الشرق, وهو المشروع الاقليمي الذي تتبناه عدة حكومات منها إيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية، بحيث يتم نقل غاز ليبيا ومصر الى أوروبا عبر قناة السويس وسيناء ومنه تغذية فلسطين واسرائيل ولبنان ثم يتم الربط بالغاز السوري ومنه الى تركيا، وهذا المشروع الاقليمي العملاق تكتنفه مشكلات سياسية كبيرة ويرتبط بظروف التسوية لقضية الشرق الأوسط وضمانات اقامة دولة فلسطين في ضوء اتفاقية غزة/أريحا.
وتلعب ايطاليا دورا هاما في هذا المشروع، وقال السنيور موسكاتو رئيس شركة إيني، ان هناك اهتماما بادخال مصر في شبكة المشروع العملاق والتي اصبحت تعرف باسم مشروع غاز البحر المتوسط والذي يتضمن ربط مصر وكافة دول شمال افريقيا والدول الأوروبية المطلة علىالبحر المتوسط من خلال شبكة للغاز.
وفي خطط الايطاليين، ادخال حقول الدلتا المصرية للغاز ومنها بور فؤاد البحري، وبور فؤاد البحري جنوب شرق-1 في المشروع، وقد بلغت استثمارات التنمية حتى الآن مقدار 800 مليون دولار أمريكي، وقد التزمت شركة إيني بتشييد نفق يمر تحت مياه قناة السويس لكي يربط سيناء بشبكة الغاز الرئيسية في مصر، ويبدأ ذلك الربط من بورسعيد بواسطة خط أنابيب قطره 42 بوصة، وغالبا ما سيتم الربط بالسلطة الفلسطينية في غزة ثم الربط بشبكة اسرائيل للغاز.
وهنا لصورة من صور الفوضى التي نقصدها بالنسبة لتجارة الغاز الغربية، فطر تريد ان تفتح منفذا لها لبيع وتصدير الغاز عبر البحر الأحمر ومنه الى البحر المتوسط ثم الى أوروبا حيث السوق الضخمة التي يمكنها استيعاب جزء كبير من الغاز العالمي, وتأمل قطر في الحصول على تعريفة مخفضة من هيئة قناة السويس المصرية للناقلات القطرية التي ستعبر القناة، وحتى لا يتم تحميل الغاز برسوم عبور بالاضافة للنولون البحري الكبير، مما يضعف من قدرة الغاز القطري في المنافسة داخل القارة الأوروبية.
وقدمت اسرائيل اغراء كبيرا للحكومة القطرية منذ عام 1995 أثناء المؤتمر الاقتصادي السنوي للشرق الأوسط، بأن تقام محطة في ايلات ترتبط بأنبوب يمر عبر اسرائيل الى عسقلان على البحر المتوسط بحيث يتفادى الغاز القطري رسوم العبور الباهظة لقناة السويس.
وحدث ان بدأت المحادثات في القاهرة خلال يوليو 1997 بين وزير الطاقة والصناعة القطري السيد عبدالله احمد العطية والوزير المصري عاطف عبيد، وعلى هامش الزيارة عقد الوزير القطري عدة اجتماعات مع الفريق محمد فاضل رئيس هيئة قناة السويس حول التسهيلات التي تقدمها الهيئة لخفض رسوم عبور الغاز الطبيعي المسال القطري في قناة السويس، وقد افاد مدير عام شركة قطر للغاز المسال، ان الشركة قد تعاقدت على تصدير نحو مليون طن من الغاز المسال الى اسبانيا عن طريق قناة السويس وستنقل هذه الكمية على ثلاثة عشر شحنة حمولة كلا منها 70 ألف طن.
وقدمت هيئة قناة السويس تخفيضا قدره 35% بينما تسعى قطر للحصو لعلى تخفيض قدره 40% مستقبلا ، وقد تم الاتفاق على زيادة التخفيض بنسبة 5% وايضا 10% في حالة زيادة حجم الشحنات العابرة للقناة كل عام وبقدر ما بين 3 الى 4 ملايين طن سنويا من الغاز القطري، وذلك في ضوء العقد الكبير الموقع لمدة خمسة وعشرين عاما مع شركة إيناجاز الأسبانية، وفي احتمال نجاح محادثات مع لبنان وتركيا مستقبلا لتوريد الغاز اليهما.
ولكن دخلت سوريا الحلبة كحصان أسود يرغب في الحصول على قصبة السباق لتوريد الغاز الى لبنان وتركيا وقبرص واليونان والاستفادة من الموقع الاستراتيجي لسورية لقربها من تلك البلدان والاستفادة ايضا من مشروع دير الزور للغاز الذي كان يحترق الى ان وقعت الشركة السورية للنفط عقدا مع شركة الف الفرنسية وشل الهولندية وكونوكو الأمريكية لاستخراج ونقل الغاز، وتبلغ كلفة المشروع 430 مليون دولار وسينتهي كمرحلة انشائية في عام 2000 ويبدأ التشغيل بعدها مباشرة.
-5-
بعد ان استعرضنا خلال هذه البانوراما الظروف التنافسية لصناعة الغاز الغربية، فإننا نجد على الساحة قدرا كبيرا من عدم التنسيق بين الدول العربية، رغم وجود المنظمة العربية للدول المصدرة للنفط أوابك التي يفترض قيامها بدور المنسق للنشاطات العربية في هذا المجال,, ولكن للأسف تسود النزاعات وايضا النزعات الفردية بين الدول العربية، والتصارع بدلا من التعاون لترتيب القدرات المختلفة في مجال الغاز.
فلايزال مشروع بناء شبكة موحدة لامدادات الغاز الطبيعي بين دول مجلس التعاون الخليجي,, وما زال المشروع قيد دراسة الجدوى الاقتصادية وقيد البحث المستمر، ومن المهم ان توجه الجهود قدما لتنفيذ هذا المشروع لأهميته الاستراتيجية، ولما له على حد قوله أحد كبار مسؤولي مجلس التعاون الخليجي من تأثير كبير على جهود تعزيز العلاقات بين الدول الاعضاء وضمان احتياجات الدول التي لا تملك كميات كبيرة من الغاز الطبيعي أو تلك التي تضطر الى انفاق مبالغ كبيرة على فصل الغاز المتصل بالنفط .
ويتضمن المشروع بناء شبكة من الأنابيب لتوزيع الغاز الطبيعي للدول الأعضاء من حقل غاز الشمال القطري، وهو أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم اذ تزيد احتياطاته على 10 تريليون متر مكعب، وسيتم تمويل امشروع حسب احتياجات الدول الأعضاء السعودية والكويت والبحرين والامارات وعمان وقطر والمشكلة الأخرى هي احتياج الدول العربية لنحو 120 بليون دولار لتمويل مشاريع النفط والغاز حتى سنة 2003، وهذه الاحتياجات اكثر بكثير من الامكانات التمويلية الوطنية العربية وحتى الاقليمية,, وفي ظل الأزمة الاقتصادية لدول جنوب شرق آسيا وتباطؤ الطلب هناك على الغاز الطبيعي العربي وحتى الايراني,, فإن الصعوبات المالية تكتنف بشدة خطط تمويل المشروعات القائمة والمستقبلة للغاز.
ولكن قدر الفوضى نابع ايضا من الاستراتيجيات الخاصة للشركات الدولية التي تقف حاجزا بين الدول المنتجة وبين مناطق الاستهلاك المباشر، وهي تدفع ظروف التنافس لحدها الأقصى، منها عمليات توريد الغاز للهند حيث التنافس بين قطر وعمان واليمن على أشده.
ويجب ألا نغفل دور اسرائيل الاقليمي الجديد والتي تسعى لمنافسة دور مصر وتهميش قناة السويس عن طريق ايجاد بدائل من أنابيب الغاز عبر اراضي اسرائيل.
وتنبع الفوضى ايضا من ان عدم التنسيق بين الدول العربية قد أدى لهبوط الأسعار، ومع دخول صفقات الغاز البورصة في لندن فإن الأسعار ستتعرض لهبوط آخر، يجب البحث معه ومن الآن على وسيلة لتفاديه أو محاصرته.
ومن ثم فإن الدول العربية مندفعة في عدة مشروعات ضخمة لتطوير عمليات انتاج وبيع الغاز، في حين توجد متغيرات كثيرة على الساحة تفرض قدر كبير من التشاور والتنسيق وترتيب الكروت حتى لا تفقد المساحة التي نقف عليها وحتى لا تخرج علينا شمس القرن الجديد ونحن نبحث عن الكروت تحت أرجلنا.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
الركن الخامس
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved