ليس جديداً أن يتلاعب النظام العراقي بمصير الشعب العراقي بإصراره على إجهاض كل المبادرات الإنسانية التي تخفف من آلام الشعب العراقي وتسهل وصول الدواء والغذاء لهم,, ليس جديداً أن يفعل حاكم العراق كل ذلك، فهو ما اعتاد عليه العراقيون وكل مهتمّ بالشأن العراقي الذين أصبحوا متيقنين تماماً بأن استمرار أزماتهم ومآسيهم مرتبط باستمرار الحكم الشاذ في بغداد.
واذ ترسخت هذه القناعة لدى الجميع، فإنه لا أحد يتصور أن يتجاوز حاكم بغداد الخطوط الحمراء، بل ويتمادى إلى حدّ المساس بأثمن وأقدس ما يؤمن به الانسان وايذاء المسلمين جميعا لا العراقيين وحدهم، وذلك بمنع الحجاج العراقيين من تأدية ركنهم الخامس وإجبارهم على العودة بعد ان عبر أكثرهم الحدود السعودية/ العراقية.
إن الفعل المشين الأخير من قِبل نظام بغداد، ليس هو الآخِر بالطبع لأن الذي يقدم على مثل هذا الفعل المؤذي للإسلام وقيمه ومبادئه السامية الشريفة السمحة، لا يتبقى لديه أي وازع أو أي تحرّج من القيام بأي فعل آخر لإطالة عمر النظام أياما معدودات أخر.
وتلك النهاية المؤلمة لرحلة الحجاج العراقيين تكشف استهانة هذا النظام بكل شيء، حتى الشريعة الإسلامية، إذ خطط لها النظام العراقي قبل أن يبدأ الحجاج صعود الحافلات التي أقلّتهم الى منطقة الحدود السعودية العراقية, فقبل تحرك الحافلات، كانت قد سبقتهم الى ذلك وحدات من الجيش لإقامة مخيم على الحدود بهدف افتعال أزمة مع الامم المتحدة واستغلال مناسبة الحج لأهداف سياسية بحتة تجعل الحجاج عاجزين عن اكمال مسيرتهم الى الاراضي المقدسة وبالفعل,, ما إن وصل الحجاج الى نقطة الحدود التي وصلوها متأخرين -قصداً- عن الموعد النهائي لوصول الحجيج الى منافذ المملكة الحدودية، حتى بدأ التجمهر واستوعبت الخيام المقامة لهم ثمانية عشر ألف حاج، حوّلهم جميعا نظام بغداد الى متظاهرين، وبدلاً من ان يجهروا بالتلبية لله، كانت هتافاتهم تمجّد صدام العراق.
ومع ان خلاف نظام بغداد كان مع الأمم المتحدة التي يطالبها بدفع تكاليف الحجاج العراقيين من برنامج النفط مقابل الغذاء ، وان تسلم الاموال للحكومة العراقية لتصرفها عليهم,, وعلى الرغم من ان هذا الخلاف لا يخص المملكة، إلا أن خادم الحرمين الشريفين تواصلاً مع مواقفه ومبادراته الإسلامية التي لا يبتغي منها سوى مرضاة الله، أمر - حفظه الله - بتكفل نفقات الحجاج العراقيين، إعاشة وإقامة، وصولاً إلى تكاليف الطوافة، وكل ما يحتاجه الحجاج، بل وحتى توفير الوقود للحافلات التي تقلُّهم.
هذه المبادرة الإسلامية الإنسانية أسقطت مخطط نظام بغداد، وجعلتهم -قادة النظام- يتخبطون في قراراتهم، فبعد ان وافقوا على دخول سبعين حافلة الى أراضي المملكة عادوا وأمروهم بالعودة، فعاد جميع الحجيج الثمانية عشر ألفاً الى مدنهم حارمين بذلك اولئك المسلمين من تأدية ركنهم الخامس، في تصرف يكشف الوجه الحقيقي لهذا النظام الذي تجاوز بأفعاله كل المحرمات الدينية والإنسانية والوطنية.
مؤكداً من جديد- النظام العراقي- أن كل القيم الدينية والإنسانية لا قيمة لها تجاه استمراره بالحكم,, حتى وان حرم العراقيون من كل شيء.
الجزيرة