Monday 22nd March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأثنين 5 ذو الحجة


خواطر على الوتر الحساس

* تتميز جنسية الاغنية العربية عن سائر الجنسيات الغنائية الاخرى بكيان فني متفرد، بخصائص متميزة وهذه الخصائص لاتجتمع الا في جنسية الاغنية العربية مهما اكتسبت الجنسيات الغنائية الاخرى من صفات فنية راقية تفرض نجاحها بين الاوساط الجماهيرية وقد تكون شهادتي هذه مجروحة بصفتي انسانا عربيا ومن الطبيعي بمحض الفطرة ان انتمي عاطفيا لعرقي القومي وقد يتهمني البعض بالعصبية أو العاطفية التي تغلب على العقل احيانا ولكنني اجزم ان كل من يتجرد من العصبية والعاطفية ايا كانت جنسيته العربية سيشاطرني الرأي في ان شخصية الاغنية العربية ارقى واسمى وانبل من كل شخصيات الاغاني الاجنبية ويتجلى ذلك بوضوح تام لا يحتمل الجدل في رقة العاطفة والوجدان ورهافة الحس وعمق الكلمة وبعدها المعنوي الذي لاتدرك حدوده في الاغنية العربية والذي يتجسم في كل عناصرها الفنية من كلمة ولحن واداء وصوت اضافة الى ذلك تفاعل المغني معها بما يتجسد في تعابير الوجه والعينين ونبرات الصوت وحركات اليدين وانفجار المآقي بالدموع وذلك لامتزاج مشاعر المغني والملحن والكاتب في بوتقه واحدة تعانقت فيها عدة بلاغات فنية مختلفة بأشكالها مجتمعة بأرواحها واقصد التحام البلاغة الشعرية بالبلاغة الموسيقية والصوتية والادائية والتي تشكل في النهاية وحدة غنائية صارخة تخترق بفعل قواها المتضامنة والمتكاملة شغاف القلوب ولاسيما قلوب جماهير الاغنية العربية نظرا لطبيعتها النفسية والعاطفية والوجدانية التي تنفعل مع الطوابع ذات الصبغة الشجية الحزينة المؤثرة والمعبرة عن المعاناة الشعورية وهذا ما يغلب على عاطفة الاغنية العربية ويميزها عن سائر الاغاني العالمية التي تتسم بالفوضى والضحالة الشعرية والصخب الموسيقي والادائي والصوتي الامر الذي يثير المشاعر والغرائز ويعنفها بدلا من ترقيقها وتهذيبها ويشنج الاعصاب بدلا من تهدئتها ويقسي القلوب والوجدان بدلا من تربية عاطفة الحب فيها وتنمية الحس والشفافية والشاعرية بداخلها فهذا هو الفرق الجسيم بين الاغنية العربية الحساسة والهادئة والرقراقة وبين الاغنية الاجنبية الجافية والصاخبة والقاسية.
ولكن من المؤسف حقا ان الاغنية العربية ابتليت في الاونة الاخيرة بمتطفلين و,, شوهوا سمعتها وصورتها وافقدوها قيمتها ورونقها وازعجوا الآخرين بها وحملوهم كرها على العزوف عنها والاشمئزاز منها فتحول انصارها من جبهة الدفاع عنها الى جبهة الهجوم عليها وقد يكون معهم الحق والعذر الذي يبرر سلوكهم وفعلهم هذا ويقنع الآخرين به وذلك سعيا لدرء فيروس المرض الوبائي الوبيل عن التفشي في اوساطنا الاجتماعية والذي يستهدف الذوق العام والعبث بالمشاعر والعواطف وتمييع الاخلاق والقيم السلوكية الرصينة.
مالك ناصر درار

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
ساحة الرأي
الرياضية
الطبية
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved