المؤسس اهتم بالزراعة وحرص على أن يأكل المواطن من خيرات بلاده
كان المعتقد أن البسيطا بالجوف قاحلة لاتصلح للزراعة فأثبتت الدراسات أنها من أجود الترب وأخصب البقاع وأعذبها ماء
* القريات - جريّد الجريّد
مملكتنا الحبيبة ذات الطبيعة الصحراوية الخالية من الانهار لم تكن الزراعة الشيء الرئيسي بها وكانت محدودة في مناطق العيون فقط واقتصرت الزراعة على النخيل وبعض الخضروات البسيطة نظرا لقلة الماء وكانت اساليب الزراعة بدائية من حيث السقيا والحرث وكل ما يتعلق في الزراعة,, وقد لمس الملك المؤسس طيب الله ثراه اهمية الزراعة لتوفير احتياجات المواطن والاعتماد على نفسه وليأكل من خير بلده فبدأ بمشاريع التوطين وعمد الى حفر الابار وتوفير الآلات الزراعية وتقديم الدعم المادي للمزارعين واحضار الشركات الاجنبية ذات الخبرة في استصلاح الاراضي الزراعية وأما الاهم فهو انشاء مديرية الزراعة عام 1367ه لتتولى شئون الزراعة وتطويرها من خلال تهيئة الاراضي الزراعية وعمل السدود وحفر الآبار واعطاء القروض للمزارع.
ومن ثم تم دفع المديرية الى وزارة للزراعة عام 1373ه وقد استمر الدعم والتشجيع الذي توليه حكومتنا الرشيدة حتى يومنا هذا في ظل خادم الحرمين الشريفين حفظه الله اذ اصبحت المملكة بلدا مصدرا للقمح حسب احصائيات المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق خلال الفترة من 1398ه حتى 1417ه قامت المملكة بتصدير اكثر من ثمانية عشر مليون طن من القمح الفائض الى اكثر من اربعين دولة وهذا يدل على السياسة الحكيمة التي رسمتها حكومتنا الرشيدة للزراعة وتطورها في بلدنا.
بسيطا بتربتها الخصبة ومياهها العذبة
ومن بين تلك المناطق التي اصبحت بفضل من الله ثم بدعم حكومتنا الرشيدة اكبر المشاريع الزراعية بالمملكة هي منطقة (بسيطاء) التابعة لامارة منطقة الجوف وهي منطقة صحراوية كانت في الماضي ارضا منبسطة وجرداء من كل شيء فكانوا قديما يقولون مثل بسيطا لا حجرة ولا شجرة وهذا المثل يؤكد خلوها وانها لا تصلح لشيء علما ان مساحتها ممتازة اذ تبلغ حوالي 900 كم 2 وقد اهتمت وزارة الزراعة بها وتم اكتشاف كميات من المياه الجوفية العذبة فيها على بعد حوالي 200م وبعد اجراء دراسات لنوعية التربة ثبتت انها من اجود انواع التربة الزراعية في العالم فبدأت الوزارة بتقسيمها الى مشاريع زراعية للمواطنين والشركات واعطائهم الدعم اللازم حتى اصبحت اليوم تصدر العديد من محاصيلها الزراعية الى بعض الدول المجاورة والتي كنا في السابق نستورد منها هذه المحاصيل.
وللتأكد من طاقة هذه المشاريع الضخمة قمت بزيارة لاحد اضخم هذه المشاريع ببسيطاء وهو مشروع الوطنية الزراعية والذي يقع على ارض تبلغ مساحتها 14750 هكتارا كان نصيب محصول القمح منها مساحة 1937 هكتارا وزراعة البرسيم بلغت 5274 هكتارا ومحصول البطاطس 90 هكتارا ومحصول البصل 29 هكتارا وبلغ عدد الاشجار المثمرة في المشروع حوالي مليون شجرة منها الخوخ والمشمش والتفاح والكمثرى والبرقوق والعنب والشعلا وانواع اخرى اما اشجار الزيتون فقد بلغت اكثر من نصف مليون شجرة.
ويحتوي هذا المشروع ايضا على عدد من مناحل العسل تنتج سنويا حوالي عشرة آلاف كيلو من العسل الصافي.
ويحتوي المشروع على تنمية وتربية الاغنام التي تبلغ اكثر من مائتين وخمسين الف رأس معظمها من الاغنام النعيمي.
مصانع ضمن المشروع
وحسب ما تقدم من محاصيل المشروع فقد تم تجهيز عدد من المصانع داخل المشروع للاستفادة من هذه المحاصيل فقد تم تجهيز مصنع الألبان بطاقة انتاجية تقدر بعشرين الف لتر حليب يوميا وتم تجهيز مصنع المربى للاستفادة من الفواكه الزائدة عن التسويق وتبلغ طاقته الانتاجية 15 طن يوميا.
ونظرا لوفرة انتاج الطماطم فقد تم تجهيز مصنع لمعجون الطماطم بطاقة انتاجية بلغت 720 طن في اليوم، اما الاعلاف فقد تم تجهيز مصنع لها بطاقة انتاجية تقدر بعشرة اطنان في الساعة.
كذلك فان المشروع يحتوي على عدد من الثلاجات الضخمة والتي تكفي لحفظ 5000 طن من الفواكه.
واهم ما يدهشك في هذا المشروع هو نظام التحكم بالري وهو من الانظمة الفريدة على مستوى العالم حيث انه يوفر اكثر من 35% من المياه في عمليات الري كما يوجد بها النظام حساسات لرطوبة التربة كذلك محطة ارصاد جوية الكترونية لتحديد سرعة واتجاه الرياح وكمية اشعة الشمس ورطوبة الجو وكمية الامطار لتتم برمجة المحصول حسب حاجته للماء ويتم تشغيل ومراقبة هذا النظام عن طريق الحاسب الآلي بغرفة التحكم المركزية، ويحتوي المشروع كذلك على محطة للتجارب والابحاث في حقل الاغنام والزراعة والاسمدة الطبيعية.
وخلاف لذلك فان المشروع يحتوي على المدارس الابتدائية الاهلية للبنين وللبنات ويحتوي كذلك على وحدة صحية ومساكن ضخمة وسوق تجاري وملاعب للاطفال فهذا كله يجعلك ترجع الى الماضي وتتخيل هذه المنطقة والتي كان يتخذها الناس ممرا وليس مقرا فهي الجرداء التي لا يوجد بها لاشجر ولا حجر ولا ماء عندها تتذكر الله سبحانه القادر على كل شيء وتحمده وتشكره على نعمه والتي منها ان سخر لنا قيادة حكيمة استطاعت بفضل الله ثم بتخطيطها السليم ودعمها وتشجيعها ان اصبحت هذه المنطقة الجرداء في الماضي سلة غذاء لنا اليوم.