بدون ضجيج تجارة الثقافة ,, معقول؟ جار الله الحميد |
للذين يتصورون ان الثقافة اصبحت في عداد المفقودين متذرعين بازدحام العيش ويعوضهم (التلفزيون) عما يمكن! ان يفقدوه بفقدان الثقافة ! اقول: اولاً ان الثقافة ليست رجلا يكمن له احدهم ويسفك دمه (او يجز عنقه كما يفعل المتطرفون في الجزائر) !, ان الثقافة مجموعة قيم متواشجة ليست رد فعل على طغيان المد الاستهلاكي الذي يتمتع بجهله ويعتبره فضلا من الله!, فلا سياسة بدون ثقافة! ولا اقتصاد بدون ثقافة, ولاشيء (اصلا) بدون ثقافة, لن اخوض في تعريفات الثقافة, لأنني باختصار لا اؤمن بها, ان مجرد طريقتك في ادارة عملك او فراغك او في تحمل لحظات الشعور بالفراغ الموحش او قراءتك لكتاب جميل صغير ولذيذ! هي جزء من هذه الثقافة, تعبير الشخص عن ذاته بصدق ودون التواء امام جمع ترعبهم الصراحة: جزء آخر! الوعي بالأزمة الطاحنة التي يمر بها العالم من اللاأخلاقية السياسية, وتهديد بعض الدول لاحدى جاراتها بأن تمحوها من خارطة العالم, تماما كما يتحدث رجل تافه ولايعي مايقول ربما بفعل المخدر,, هو احد أشكال هذه الثقافة, ولكن بمقاومة هذا الوعي ولو بالصمت! اي ان اتخاذ (موقف) مما يجري حول الانسان ثقافة, الطب مثلا: المهن الرسالية الاولى توقف عند حدود (البنسين) ! لم يواكب التطور النوعي للأمراض القاتلة او التي تشكل اعاقة انسانية لصاحبها, لان العلماء ركزوا على التعمق في دراسة تصنيع غاز F.xوالاسلحة البيولوجية الاخرى الاشد فتكا بالانسان من المرض, اي : هندسة الموت تماما!
وهناك من يربط بين الاعلام والثقافة ويخلط بينهما خلطا سيئا, وإلا فإن الاعلام هو ناتج ثقافي.
ولكنه ينتهج الوسيلة الأسرع لايصال المعلومات والحقائق وهي تلك التي تعني لدى متلقيها انه (ملم) لامثقف, يقولون مستشهدين بالنظام العالمي الجديد ان امريكا هي التي تتولى توجيه الثقافة والاعلام!, وحتى لو كان صحيحا انهاتطمح الى لعب هذا الدور, لتكمل ادوارها العسكرية والاقتصادية وغيرها,, الا انه يجب العلم بأنها لايمكن ان تترك للقيام به, وليس في امكانها ان تقوم به!, فالثقافة ليست رقما في (البورصة) ولاقطعة غيار ضئيلة لجهاز كمبيوتر, انها تشكل إرثا لا حدود لعمقه كان ولايزال ملهماً حركات التغير الاجتماعي, ليست القضية لغوية بالنسبة لي انا الآن, رغم انه يفترض ان تكون كذلك باعتبار أن العلاقة بيني وبين القارئ هي في هذا السياق, اي انني اتكلم بأقصى مااستطيعه من الموضوعية! لم تكن (ولن تكون) الثقافة تجارة, حتى لو ان كتاب (مونيكا لوينسكي) قد باع في ايامه الثلاثة الاولى (400) الف نسخة, فمؤلف الكتاب ليس مثقفا وان كان يستطيع (صنع) الكتب, انه (بزنس مان), فالكتابة هناك يستطيع اي مقبل على عمل تجاري خاص ان يفكر بها, فهناك يبيع من كتاب تافه مايجعله يشتري (فيللا) وسيارة فخمة ويؤمن رصيدا بالبنك لبقية عمره ولكن امثال هؤلاء خارج السياق الثقافي.
وهناك اشكال متعددة من الثقافة, وليست القراءة وحدها, السينما, المسرح وحتى التلفزيون, وحتى الجريدة اليومية, والراديو, ومثلما ان العالم لايتحدث هذه الايام الا عن (الانترنت) هناك من يصرفون ثلاثة ارباع ميزانيتهم على شراء الكتب والمجلات, لازالوا يحبون افلاماً مثل (صمت الحملان) و(الكلب),, و (والرجل الميت يخطو) و(احلام هند وكاميليا!) وستصبح (شبكة الشبكات) مجرد (داعم) للثقافة الراقية, تلك التي حين يلج احد عالمها يحس فيه مايشبه التعاويذ والسحر، لفرط ماهو آسر، وقادر على تعليم الانسان القيم النبيلة وتلك التي تعلى من شان الوجدان، الذي لايزال لغزا بسبب الثقافة الشعبية التي تعتبره جهازاً للاتصال بين العشاق وهو بيولوجيا عضلة لاغير.
ونحن (بالمناسبة) نتمنى الا يأخذ الطيبون قياسات الرأي العام الامريكي بالذات.
فهي تمارس (تزييف) الوعي, و(توجيه) عينات دون غيرها وجهات حتى غير بريئة!
التجارة تمكنك من شراء محطة تلفزيونية, ولكن الثقافة تعدك بالحقيقة بكل مافي الحقيقة من الخير والعدل، والجمال.
|
|
|